آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 07:57 م

كتابات واقلام


الصحافة الصفراء

الأربعاء - 21 ديسمبر 2022 - الساعة 03:23 م

د.علي محمد جارالله
بقلم: د.علي محمد جارالله - ارشيف الكاتب


سنتحدث عن الصحافة الصفراء، و ماهيتها، و لماذا تُنعت بالصفراء و ليس الخضراء او الحمراء او حتى السوداء، و للأسف انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من هذه الصحف، و حتى اصبحت بعض مواقع التواصل الإجتماعي تعمل ما تعمله الصحف الصفراء.

فحتى الإعلام الخاص للأسف ارتبط بأسماء وشخوص مسترزقة لا تُقدم و لا تأخر بما تقول لأنها شوّهت المشهد الإعلامي فساهمت في إثارة الكثير من النعرات الطائفية والقبلية.

الصحافة الصفراء هي صحافة غير مهنية تهدف الى إثارة الرأي العام لتزيد من عدد مبيعاتها، و كذلك تروّج للدعايات السمجة، و تعمل على إشاعة الفضائح و تزيد من المبالغة في تكبير حجم تلك الفضائح.

ويقال ان أول من إبتدع هذه الصحافة هو الصحفي الأمريكي ويليام راندولف هيرست المولود في العام 1863م في سان فرانسيسكو، و يقال انه كان نشيطاً جداً و له في كل ناحية من نواحي الولايات الأمريكية المتحدة صحيفة او مجلة، و هو من إبتدع نشر الأخبار بأسلوب مثير مركزاً على اخبار الفضائح و الجرائم و هذا الأمر ساعد على نشوء الصحافة الصفراء، و خاصة انها كانت تُطبع على اوراق صفراء بسبب رخص قيمتها.

***************
وفي المجتمعات المتخلفة انتشرت بعض هذه الصحف الصفراء مستغلة سذاجة بعض القُراء الذي لا يبحثون عن الخبر الذي يكون كاتبه قد وضعه في مصنعه للتحليل و تفنيذ كل محتوياته ليصل للقارئ بشكل جدي و علمي، إلا انهم ذهبوا للصحف التي تتناول القضايا و المشكلات من باب التهليل و الفضائح.

نجد في كُتّاب الصحف الصفراء انهم يقولون ما لا يفعلون، و نجد أحياناً ان الصحفي مشحون بأمراض مجتمعية متراكمة لا يجد مخرجا لذاته المندسة في مطبات سلطة الفساد و قوانين العادات و التقاليد و العُرف الذي أفسد أي تجديد، و يتمسح بالمسؤولين الذين يبيعون و يشترون ذمم الناس و يموّهون الحقيقة في طرقات الرشاوي و الاختلاسات.

و بالنتيجة يتوقف المرء عن التفكير بالأمور الجادة في حياته و حياة مجتمعه في هذه البلدان الفاشلة، فأصبحت هذه الصحافة تنحت وتضرب في رزق عباد الله المستضعفين، وفجأة يصبح الوطن يتمزق بسكاكين و خناجر بني جلدته، لهذا نجد المنافقون اتخذوا من الصحف و التلفزة ومواقع التواصل الإجتماعي الصفراء مقرات لهم لا يغادرونه، ومن خلالها يبثون سمومهم، و تقديم وعود حسب العرض والطلب لحكومة تُركع شعبها على الجوع و الفقر .

هل في اليمن اليوم و خاصة في الجنوب صحافة صفراء؟ او مواقع إعلامية صفراء؟

الصحافة الصفراء (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكرنا ان الوسائل الإعلامية التي لا تهتم بتقديم اخبارها بمهنية و شفافية و مصداقية، هي التي تطلق عليها المجتمعات الصحافة الصفراء، فهذه الصحف هي التي تُداهن على الحقائق، و تحاول ان تضفي عليها انواع من التشويه و البعثرة.

إبتدأت هذه الأنواع من الصحف في العام 1896م في أمريكا، و كانت هناك منافسة شرسة بين صحيفتين في نيويورك، و هما نيويورك وورلد و نيويورك جورنال، و الأخيرة اتخذت الطابع الذي يتناول القضايا المثيرة للجدل، و تضعها على قرّائها بأسلوب مبسط، بشرط تبسيط الصورة الخبرية، و يضيفوا لها بعض الرسومات الكاريكتيرية، و في هذه الفترة انتشر رسامون يرسمون طفلاً اصفراً فاشعل الشارع الأمريكي في تقبل هذا النوع من الصحف، و بدأت الصحف الصفراء تخلق واقع استطاعت فيه بتشكيل فكر الكثير من القراء كل حسب فهمه و ادراكه، و كل حسب مزاجه.
و هكذا اندحرت أخلاقيات الصحافة الصفراء و أحياناً يسمونها صحافة الطفل الأصفر بسبب سردها الأكاذيب و الأخبار المنتهية الصلاحية، و هكذا يرى القارئ السوي ان حرب الصحافة الصفراء فرضت على القارئ حرباً إعلامية داست على كرامة الناس الذين يتابعون الأخبار في الصحف، و فضّل اصحاب هذه الصحف الصفراء ان يسترزقوا من إثارة النعرات و القضايا التي تروّج لتناولها حتى تضمن وجودها في السوق الإعلامي، و لا يهمها هنا شرف المهنة الصحفية، أو إتباع أي خط يرفع الصحافة إلى مقامات المجد في إعلام محايد.

و نرى للأسف في بعض المواقع الإعلامية إن كانت صحفية او تلفزيونية او حتى مواقع تواصل إجتماعي ممولة من احزاب إخونجية او غيرها تذهب لتدير آلتها في نقل قضايا بعيداً عن اي مهنية او شفافية و حيادية من أجل نقل الأكاذيب و تشويه الحقائق لجمهورهم الذي يعتمد عليهم، لهذا نرى اصحاب الصحف الصفراء يديرون آلتهم في نقل القضايا بعيدا عن أي من المهنية و الشفافية و الحيادية، و هذا يؤدي الى أن الفاسد نفسه يحيط بنفسه هالة من الوهم ليصبح سلة مهملات لهكذا إعلام مسترزق فيجعلوه يتابع اخبارهم، و يفصلون لمنتجاتهم الإعلامية مقاسات تتماشي مع مزاجيات الفاسدين ليكيلوا التهم و الشائعات و ليقبضوا ثمن ما نقلوه عن شخصيات نافذة في البلد يتململون من أي شيء يمس ذواتهم المهزوزة و المتنكرة ما يعني أن الفساد و تسلسل هرمياته صار محميا من صاحبة الجلالة التي غضت الطرف عن ما يجرى و ما كان و ما سيكون.

هل في اليمن و الجنوب اليوم صحافة صفراء؟ او مواقع إعلامية صفراء؟
نريد جواباً.

يتبع

د. علي محمد جارالله
20 ديسمبر 2022م