آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 05:30 م

كتابات واقلام


في التَّسامُح والتَصَالَحَ !!

السبت - 18 نوفمبر 2023 - الساعة 03:01 م

القاضي أنيس جمعان
بقلم: القاضي أنيس جمعان - ارشيف الكاتب


▪️يجب أن يدرك الجميع إنّ التَّسامُح من مكارم الأخلاق الحميدة، وأن تسامح من أخطأ بحقه يعني أنه قد وصل لدرجة عالية من النضج العقلي والسمو الأخلاقي، لذلك يجب أن لا تظل القطيعة مع من يقوم بالإساءة، ولا تقضي سنين العمر في صراع معه، سامح وتقبل الأعتذار، والمسامحة والمصالحة خير باب يفتحه أفراد المجتمع لتعزيز الثقة فيما بينهم !!

▪️إن الأصل في التَّسامُح هو الترفُّع عن الصغائر، وعدم تذكر الماضي، وأن يكون مع الآخرين بصدق ومحبة، أساسها المعاملة الحسنة باللطف واللين، والصدق والتيسير دون تعسير، وأن يكون عن طيب نفس، وعدم رد الإساءة بمثلها، كما يعني أيضاً العفو عند المقدرة، وإحترام عقيدة وثقافة وقيّم الأشخاص الآخرين، وهو أساس العدالة والحريات الأجتماعية، فالإنسان الواعي يجب أن يعلو على صغائر الأمور والأشياء التافهة، والمحاولة في معالجتها بالعقل والتروي، بعيداً عن صغائر الأمور، تكون نتيجتها مصالحة حقيقية في المجتمع !!

▪️لقد علمنا ديننا الإسلامي الحنيف إن التَّسامُح هو صفة الأنبياء والعظماء والأقوياء الذين يتملكون مشاعرهم ويضبطون أنفسهم في المواقف الصعبة والحرجة، التي تستوجب التحلي بالصبر والحكمة والتَّسامُح، وهو لغة السعادة، وطوق النجاة من الغرق في طوفان المشاكل والكٌره والأحقاد والعداوات !!

▪️إن التَّسامُح والتَصَالَحَ ذو قيمة عظيمة، وهما صفات حميدة يجب أكتسابها إذا ما أردنا العيش في سعادة وسلام ووئام، فقد يكون التَّسامُح والتَصَالَحَ مستحيلاً إذا كان الشخص الآخر غير راغب به في مد جسور التواصل، ولكن يظل الغفران ممكناً، وقد حثنا سبحان اللَّه بذلك في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).[سورة الأعراف، الآية: 199].

▪️إن التَّسامُح والتَصَالَحَ، من المبادئ الإنسانية، الذي يرتكز عليهم السلام الداخلي لأي مجتمع، كما أنه لا يُمكن إرساء السلام والحفاظ عليه دون فهمٍ وتطبيقٍ حقيقييّن لمعانيهم، الذي تعني بعدم التخلّي عن المبادئ والأفكار الخاصة، إنما هو محاولة للبحث عن النقاط المشتركة التي يلتقي بها الجميع والأبتعاد عن نقاط التفرقة والشتات التي تُقطع أوصال ترابط المجتمع !!

▪️إن تعزير قيّم التَّسامُح المجتمعي، ليس هو رفاهية بقدر ما هو سلام داخلي ينعم به الجميع، وإن التَّسامُح ليس تنازل من ضعف أو خوف وقلة حيلة، بل هو صادر عن قوة إرادة وعزيمة صادقة، ونابع من صفاء القلوب، وما غلب عليها من الحب والعطف والرحمة والتعاطف والحنان !!

▪️نصيحة .. إذا لم نتسامح ونتصالح فيما بيننا، ونطوي صفحات الماضي، فقد يدفع الجميع الثمن غالياً، وخاصة لنا تجربة سابقة مؤلمة في الجنوب، من الحروب والأقتتال الأهلي الأخوي فيما بيننا، لهذا نحن بحاجة إلى تعزيزه، بانتهاج مبدأ المسامحة الحقيقية قولاً وعملاً لتحقيق الأمن والسلام في ربوع وطننا !!

▪️ختاماً .. إن تعزيز خطاب التَّسامُح والتَصَالَحَ، وتقبل الآخر، وعدم الإنفراد بالسلطة، لن يتحقق، إلا من خلال مبادرات إعلامية هادفة، وتكاتف لتعزيز شراكة مجتمعية حقيقية غير زائفة دون إستثناء، وهذا ما نسعى إلى تحقيقه، ليصل الجميع إلى بر الأمان !!

القاضي أنيس صالح جمعان