آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 09:20 م

كتابات واقلام


سقوط صالح...

الثلاثاء - 05 ديسمبر 2017 - الساعة 09:49 م

عبدالكريم سالم السعدي
بقلم: عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب


سقط صالح وهو يدافع عن مشروعه الشخصي المتمثل بالمجد والسلطة، وأسوأ ما في قتل صالح، هو أن مقتله كان على أيدي مليشيات الحوثي، وهذا منحه بعض التعاطف حتى ممن قضى كل حياته في الإساءة إليهم!! مقتل صالح، وبالطريقة التي تمّت بها عملية القتل والسرعة التي تمّت فيها، كل ذلك يؤكد أن مليشيات الحوثي مازالت تمتلك القدرة على صناعة الانتصارات التي تخدم مشروعها هي أيضاً. وعلى ذلك، فإن القوى في الطرف الآخر مطالبة بتغيير استراتيجيتها في إدارة المعركة وتغيير خططها أيضاً، والاستعداد لمعركة أوسع وأشمل، فالحوثي اليوم يدرك أنه أصبح وحيداً في مساحة جغرافية مفتوحة لكل الاحتمالات، وهذا ما سيجعله يستميت أكثر. بعد العام 2011م، والذي أعتقد أنه العام الفعلي الذي قتل فيه صالح - وما حادثة 4 ديسمبر 2017م إلا إعلان لتلك الوفاة - لم يعد صالح المخلوع هو ذاته صالح الزعيم والرئيس. وعلى ذلك، فإن التأثيرات على الأرض لن تكون كبيرة بغياب الرجل، خصوصاً أنه قد غيّر اتجاه بوصلته في لحظاته الأخيرة، ولم يمهله خصمه الجديد القديم ليضع استراتيجية عمله القادم والجديد المتماهي مع موقفه المعلن. وأعتقد أن من يراهن على «المؤتمر الشعبي» بعد صالح، لن تذهب نتيجة رهانه بعيداً عن نتيجة الرهان على شخص صالح في يوميه الأخيرة . هناك توجه من أطراف الحرب يدعمه خطاب إعلامي يدعو للاعتماد على الشارع للانتفاض لحسم المعركة مع جماعة الحوثي، وهذا التوجّه خطير لأنه يعد إعلان حرب أهلية في صنعاء لن تسلم منها الجمهورية اليمنية بجنوبها وشمالها. فالمجتمع في الشمال خاصة واليمن عامة قبلي بطبيعته ومسلّح، وهذا يجعل الفوضى أحد أهم الاحتمالات الواردة كنتيجة لهذا الاحتراب، كما أن النتيجة التي أحدثها صدام حلفاء الحرب في صنعاء ستكون لها تداعياتها القبلية والمجتمعية، إذا ما اعتمد «التحالف» على المواطنين في الداخل لقتال الحوثي. في اعتقادي أن هناك خياران لا ثالث لهما أمام «التحالف» للوصول إلى نتيجة إيجابية في معركة تدخله في اليمن. الأول هو إيقاف الحرب واللجوء إلى الحل السياسي، فنحن أمام حرب تتداخل أسبابها ومبرراتها وأدواتها، فهي عقدية سياسية وستتحوّل قريباً إلى قبلية وجهوية إذا لم يحسم «التحالف» الأمر سريعاً. والخيار الآخر، هو الأخذ بزمام المبادرة في إدارة المعركة جواً وبحراً، والأهم أن تكون هناك قوات برية على الأرض منظمة واحترافية، لأن المعركة لن تبلغ أهدافها إلا بكامل أركان القوات، فلا يعقل أن تحسم المعركة بالطيران دون أن تكون هناك قوة على الأرض تؤكد سقوط تلك المناطق، فالاعتماد على الجماعات المسلّحة والمواطنين للقيام بهذه المهمة أمر فيه مخاطر كبيرة. على الجانب السياسي، فإن «المؤتمر الشعبي العام» سيكون أمام امتحان صعب بعد الزلزال الذي تعرّض له بمقتل زعيمه صالح. فهو لم يكن يُعرف إلا من خلال الرئيس صالح، وبالتالي فإنه سيجد صعوبة في لملمة قواه، والبدء بعمل حقيقي ذي جدوى، ناهيك عن أنه سيصبح عرضة لما أصاب «الحراك الجنوبي» في الجنوب من استقطاب وشراء الذمم وانقسامات، خصوصاً وأن «المؤتمر الشعبي» عبارة عن مظلة تظلل مجموعة قوى مختلفة، لم يكن يجمعها سوى زعامة صالح والسيطرة على كرسي الحكم. اليمن اليوم بكل جغرافيته يقف على أعتاب حرب أهلية إذا لم يتدخل الرئيس هادي و«التحالف العربي» لوقف تداعيات الأحداث. عبد الكريم سالم السعدي 5 ديسمبر 2017م