آخر تحديث :الثلاثاء - 30 أبريل 2024 - 12:35 ص

كتابات واقلام


حرب اليمن وتحالفات الضرورة

الثلاثاء - 19 ديسمبر 2017 - الساعة 10:33 م

عبدالكريم سالم السعدي
بقلم: عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب


يدرك الجميع أن تنويع التحالفات السياسية أمر مباح، وهو سلاح لا يقلّ خطورة عن أسلحة الميدان العسكرية وأعتقد أن التحالف الخليجي في اليمن قد وصل إلى قناعة بضرورة التعاطي مع «التجمع اليمني للإصلاح»، كقوة سياسية عقدية عسكرية موجودة على الأرض، وإن تجاهلها البعض في مضمار المناكفات السياسية. وقد حملت لنا الأيام الماضية تطورات في المشهد السياسي العام، كان أهمها لقاء قيادات دولتَي «التحالف» المؤثرتين، السعودية والإمارات، بقيادات حزب «التجمع اليمني للإصلاح». وقد كانت هذه الخطوة مثار جدل، وما زالت حتى اللحظة تشغل بال المتابعين والمهتمين بالوضع في اليمن، والذين رأى البعض منهم أن الخطوة تأتي في إطار توجيه الإنذار لحزب «الإصلاح»، ودعوته إلى المشاركة الإيجابية في معارك التصدي لجماعة الحوثي، بعدما اتهمته بعض القوى بتعمد التعطيل، فيما رأى البعض الآخر أن الخطوة تأتي في إطار وساطة سعودية لتلطيف الأجواء مع القيادة الإمارتية، التي ترى في حزب «التجمع اليمني للإصلاح» امتداداً لجماعة «الإخوان المسلمين»، تلك الجماعة التي حملت الإمارات راية محاربتها في كثير من الدول العربية. هذه التطورات تُعتبر بمثابة بداية تحول، ليس لمسار الحرب على الأرض في اليمن، وإنما أيضاً في سياسة التعاطي مع القوى السياسية ذات التوجه العقدي، خصوصاً أنها تأتي في مرحلة هامة تشهد ضعفاً واضحاً لـ«التحالف» على الأرض، وعجزاً عن تحقيق أي تقدم عسكري، وهو الأمر الذي - في اعتقادي - كان الأهم للدفع بالأمور إلى هذا اللقاء. ومما لا شك فيه أن التطورات الأخيرة التي شهدت سيطرة الحوثي على صنعاء وغيرها من المحافظات، ومقتل الرئيس المخلوع صالح، قد هزت أركان «التحالف»، مما دفعه للانقلاب الكبير في سياساته تجاه أطراف الصراع. فـ«الإصلاح» الذي تعتبره دولة الإمارات امتداداً لتنظيم «الإخوان المسلمين»، وبالتالي خصماً يجب التخلص منه، بات شريكاً وحليفاً اضطرارياً؛ لأنه - في اعتقادي - القوة الوحيدة المنظمة القادرة على فعل شيء في مناطق الشمال حالياً. والمؤكد أن اللقاء له خفاياه التي لم يعلن عنها، وسيكون له ما بعده، خصوصاً بعد مقتل صالح، وتشرذم حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وتوزعه على أطراف الصراع المحلية، وسقوط هذه الورقة من يد «التحالف». فاللقاء بحد ذاته يُعدّ خطوة تفرضها الضرورة على «التحالف»، وفي ذات الوقت يُعدّ انتصاراً للسياسة «الإصلاحية» التي حافظت على وسطيتها، وأبقت على اتصالها بكل الأطراف خلال مرحلة المخاض التي عصفت بالجميع، وحوّلت الكثير من القوى على الساحة اليمنية إلى أدوات وأتباع. وعلى الجانب الآخر، سيكشف هذا التقارب حجم قوة تحالف حزب «الإصلاح» مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي. فإن كانت تلك العلاقة تحتكم لأهداف المعركة القائمة، فإننا حتماً سنشهد انعكاساً إيجابياً على أرض المعركة، وسيكون هناك تقدم باتجاه صنعاء وبقية المحافظات التي ما زالت في قبضة الحوثي. أما إن كانت تلك العلاقة تحتكم لغير أهداف المعركة، فإننا سنكون على موعد مع ميلاد جبهات صدام جديدة في إطار «الشرعية» بشكل خاص، واليمن عامة، وهذا ما لا نتمناه. عندما يشتمل اللقاء على حضور المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات معاً، وفي مثل هذا التوقيت، فهذا يعني أن ذلك اللقاء سيفضي إلى تفاهمات واتفاقات، وسيكون له ما بعده على الأرض، ولن يكون الأمر مجرد لقاء عابر أو لقاء معاتبة أو محاسبة كما حاول البعض أن يصوره. فالتطورات العسكرية الأخيرة التي شهدت مقتل المخلوع صالح، وسيطرة جماعة الحوثي على صنعاء، فرضت واقعاً جديداً على «التحالف»، أرغمه على الاعتراف بالقوى التي تشكل رقماً في المعادلة، حتى وإن كانت العلاقة بين بعض أطراف «التحالف» وبعض تلك القوى متسمة بالسلبية. وما التقارب مع «الإصلاح» إلا نموذج واضح من ذلك. عبدالكريم سالم السعدي 19 ديسمبر 2017م