آخر تحديث :الثلاثاء - 30 أبريل 2024 - 01:59 ص

كتابات واقلام


إنقاذ ما يمكن إنقاذه

الإثنين - 04 مايو 2020 - الساعة 01:17 ص

محمد كليب أحمد
بقلم: محمد كليب أحمد - ارشيف الكاتب


تتردى الأوضاع في عدن يوم تلو الأخر .. والجميع – دون استثناء – منشغلين في زيادة أرصدتهم المالية وعقاراتهم ورفاهيتهم .. دون أي إحساس بالمسئولية أو ذرة خجل من هذه الجموع الغفيرة التي تزداد فقراً ومعاناة بسبب كل الظروف المتكالبة عليهم ..
الجميع يعلم ويدرك ذلك تماماً ، لكن المؤسف حقاً ، أنه – وحتى الأن – لا يوجد مطلقاً من يقدّر عظمة هذا الشعب الصابر ، والذي تحمـّـلَ ما لا يطاق ، فالناس لا زال يملأهم الأمل البعيد بأن تلك القيادات الهلامية الهشة ستعود لوعيها للالتفات لمعاناتهم ووضع بعض المعالجات ولو بالجزء اليسير .
أبناء عدن قد وصلت بهم الأحوال لدرجة لا يطيقها بشر ، بل لا يمكن مقارنتهم بالسجناء وأسرى الحرب أو حتى كالحيوانات الضالة .. وقد كُمِمَتْ أفواههم وماتت فيهم الآمال بحياة أفضل من هذه .. فكل يوم تتدنى المستويات المعيشية لكل طبقات وفئات المجتمع نحو الأسوأ ..ومع ذلك تراهم محافظين على التمسك برباط الصبر خوفاً من انطلاق شرارة ثورة عارمة جديدة تحرق الأخضر واليابس ، فثورة الأمس القريب كانت نتائجها مأساوية بالنسبة لعدن وأبنائها ، وهذه الحقيقة المُرة يلحظها الأعمى قبل المبصر ، والجاهل قبل المثقف ، والفقير والأشد فقراً ..
لذا سيطر عليهم التخوف من ثورة جديدة تحصد ما تبقى من حياتهم التعيسة هذه التي وصلوا لها اليوم ..
فمنذ تحرير عدن وحتى اليوم لم يلمس الناس الإحساس بالمواطنة ، أو أبسط حقوق أسرى الحرب .. كل مظاهر الحياة متوقفة ، وأبسط مطالبهم بالحصول على الكهرباء والماء والقوت الضروري باتت من المعضلات ، بل أن هذه الجموع البشرية أصبحت تتسوّل وتشحت أبسط حقوقها ولا تنالها ، فأي مصير تنتظره الناس بعد كل ذلك؟؟
نفس السيناريو يتكرر يومياً وشهرياً وسنوياً لا جديد فيه ، وعود ( وهمية ) من حكومةٍ غائبة لا تستطيع تقديم أي جديد لخدمة أهالي عدن ومدينتهم المنكوبة مطلقاً ، ولم يصل للناس ، سوى أرقام فلكية مذهلة ومهولة من الأموال الطائلة التي تأتي وتختفي وتتوزع بين وجهاء الحكومة ولفيفهم المترف في فنادق وقصور الدول التي يلهون فيها هناك بأموال هذا الشعب المُتقَع في المعاناة والفقر ..
ماذا تبقى إذن ؟ وأي صبر مقزز يستطيع الناس احتماله أكثر من ذلك ؟
إن قمة السخرية أن تنشر الحكومة – بين الحين والآخر – خبر عودتها إلى عدن لمباشرة مهامها ومعالجة أوضاع المواطنين ووضع الحلول لمعاناتهم .. هي مجرد أخبار تافهة حررها أحدهم لإخراس الأصوات التي بحّ زعيقها لهذه الجماعة – المتنفذة في حكومة المهجر – للعودة والعمل من أرض الواقع لمعايشة أحوال الناس ، ولكن لا حياة لمن تنادي ..
ولعل الدعوة الصادقة اليوم لكل أبناء عدن ومناضليهم الشرفاء وحكماء وقادة التكتلات العسكرية الوطنية وكل المختصين في نواحي الحياة من سياسيين ورجال اقتصاد للالتفاف لإنقاذ عدن من هذا الحال المتردي والصعب الذي نعيشه اليوم ، هو الحل الأمثل لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه !
وعلى الجميع تقديم الخطط والتصورات العاجلة لوضع الحلول العملية الجادة والممكنة لكل مجالات العمل والمرافق الحيوية والهامة وإعادة تشغيلها لتخدم هذه المدينة وأبنائها الصابرين ... فلدينا من الكوادر والقامات العظيمة التي يمكنها القيام بذلك وأكثر من الذين تم تهميشهم وإقصائهم في الفترات الماضية ، فقط هم بحاجة لإشارة مسئولة وجادة لعودتهم إلى مواقعهم الصحيحة التي يمكنهم من خلالها إعادة الأمور إلى نصابها ..
لا يخفى على أحد أن تحرّك المجلس الانتقالي في هذه الفترة يُعَدّ خطوة جسور كان ينتظرها الجميع للالتفاف حولهم ومعهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ووضع حد لهذا العبث والفساد الذي طال كل شيء واستفحل ، وباتت عدن – والجنوب بشكل عام – غنيمة ذهبية لضعاف النفوس وقراصنة السياسة الذين يتربعون على كراسي السلطة وحاشياتهم المتخمة بفساد لم يشهده الوطن منذ مئات السنين !
وإن كان ولا بُدّ من التفكير الجدّي بالتغيير وإشعال ثورة شعبية عارمة من جموع الشعب ، بعيداً عن أي أحزاب أو تكتلات ، أو ارتباطات إقليمية ، وذلك لوضع الأمور في نصابها ، فلنستبشر بنتائج أفضل نطمح ونحلم بها لاستعادة كرامتنا وإنسانيتنا وحقوقنا التي أُختُطِفَتْ منا منذ عشرات السنين !