آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 10:45 م

كتابات واقلام


مهزلة طريق الكباش

الثلاثاء - 21 يوليه 2020 - الساعة 10:10 م

محمد كليب أحمد
بقلم: محمد كليب أحمد - ارشيف الكاتب


سنوات طويلة والحال نفس الحال ، ومظاهر الحياة اليومية المزعجة تحاصر المواطن من كل جانب .. هي ذاتها لا جديد فيها .. تتكرر الصورة بشكل هزلي في معاناة الكهرباء والماء والمعاشات الشهرية والارتفاع اليومي المخيف في أسعار كل شيء وأهمها أساسيات القوت اليومي للمواطن .
والأكثر ازعاجاً – لقطاع واسع من الناس – هي طرقات عدن التي تتدهور يومياً في كل المناطق دون استثناء ، ولم تلتفت اليها أي من الجهات الرسمية وكأنها احدى البنود الهامة في القائمة الطويلة لبرنامج العقوبات الممنهجة ضد أبناء عدن في كل مجالات حياتهم القريبة والبعيدة .
المعروف أن الطرقات في كل بلد هي شريان الحياة ، بل لعلها من أهم مقومات أي مدينة أو قرية لما لها من أهمية بالغة في كل مناحي الحياة .. إلاّ أن ذلك لا ينطبق مطلقاً على هذه المدينة الجريحة التي لم تفق من نكباتها المتلاحقة حتى اليوم !
فإذا ألتفتنا إلى طريق المعلا دكة الممتد من مبنى شركة النفط بالمعلا وحتى نهاية منعطف جبل حديد ، فانك ترى العجب العجاب !
هناك يمكنك ملاحظة مدى الاستهتار بعقول الناس بتلك المسرحية الهزلية لترميم الطريق الذي أخذ زمناً طويلاً يوازي شق وسفلتة الطرقات الدولية الواصلة بين إيطاليا وألمانيا ..
ابتدأت المسرحية منذ كشط الاسفلت من الطريق وتركه للعراء والمجاري وعبور السيارات لتصنع فيه من الأخاديد والمطبات والمستنقعات والحفر التي لا تطاق .
ثم تلتها مرحلة ردم الطريق بالأتربة ، وكشطها من جديد واعادة الحالة للأسوأ من السابق .. وترك ذلك المنظر المستفز فترة طويلة ، ثم أعيد عرض ذلك الفصل من المسرحية من جديد .. حفر وردم وازالة ومساواة واكروبات وعروض بهلوانية واستعراض معدات ثقيلة خاصة بشق وسفلتة الطرقات ونثرها في الطريق التي تم اغلاقها نهاراً وفتحها ليلاً .. خاصو وأن تلك الحركات الاستعراضية لردم وحفر وردم الطريق تعرض صباحاً فقط لخلق زحمة شديدة لا تطاق وتحويل الخط المقابل إلى اتجاهين بعرض أربع سيارات متجاورة تتنافس للعبور وذلك لضرورة الزحمة وقضاء أوقات طويلة في هذا الخط العجيب من طريق المعلا دكة !
كل الدول المتخلفة عالمياً تقوم بأعمال صيانة الطرقات في أوقات متأخرة من الليل حين تقل حركة وزحمة السيارات ، أما في عدن فأن مثل هذه المشاريع الوهمية العظيمة تكون في الصباح وطوال فترة النهار لعرقلة حركة السيارات والناس ، وهذا من الذكاء الفائق والحِنكة المشهودة للقائمين على هذا المشروع الاستراتيجي العالمي ، والذي يتلذذون من خلاله بعذابات الناس ومفاقمة صعوبة حركة حياتهم اليومية !
انني لا أستغرب - لمثل هذه الظاهرة المزعجة – في ظل الفساد وغياب الدولة المهاجرة أو أي أجهزة رقابية أو جماهيرية .. لكن الملفت للنظر أن قيادة مديرية المعلا بنشاطها المعهود والاهتمام البالغ الذي يوليه الأخ مدير المديرية بأمور مديريته ، كيف لم يلتفت لمثل هذا الموضوع ومتابعته ، ووضع الحلول المناسبة والعاجلة لإنهاء معاناة الناس في هذا الطريق الحيوي الذي أصبح مؤخراً كارثة بمعنى الكلمة لكل مرتادي الطريق وسياراتهم ..
وفي ظل هذا الوضع المأساوي لتلك المسافة من طريق المعلا دكة .. فقد تم فتح جبهة جديدة للعذاب ، حيث تم اغلاق الخط الحيوي للطريق المؤدي للمنصورة ، لممارسة نفس الأسلوب المستفز في صيانة الطرقات التي تعبث بها عصبة من المتنفذين القائمين على هذه التراجيديا اليومية في طرقات عدن .
دعوة لكل الشرفاء في عدن والمنظمات المجتمعية وكل من لديه الانتماء الحقيقي لهذه الأرض ، وهذه المدينة المنكوبة ، أن يساهم ولو بالكلمة أو توجيه النداء أو الدعوة لوقفة احتجاجية صارمة لرفع معاناة الناس بسبب هذا العبث المتعمد وهذه المهزلة القائمة على مسرح طرقات مدينة عدن !