آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 10:20 م

كتابات واقلام


طالما سألت نفسي ؟

الثلاثاء - 10 يناير 2023 - الساعة 12:46 م

سعيد أحمد بن إسحاق
بقلم: سعيد أحمد بن إسحاق - ارشيف الكاتب


طالما سألت نفسي؟ ماالذي جعل الشباب يهيمون بالشوارع؟! وما جعلهم بالظهيرة بالاقدام يمشون مسافات لأجل حزمة قات؟!
وماجعلهم بين شمس وظل أسرى أمام سلة نايلون يتلقطون غصنا وراء غصن للفم به يرمون؟
ولما شكى إلي القلب للأوضاع، أقبلت للكون أنقل إليه شكواه، وأبثه آهاته وجراحه، ولكني رأيته أشبه بالملهى الواسع تزاحمت فيه الصخب واللهو والضجيج وربما نثرات من الرصاص، ليس فيه إلا مشغول ومعرض عن صوتي، ووجدت نفسي غريبا وسط زحامه، سوق وليس سوقا، فهو أشبه بمكان يعفه الإنسان.. فطويت الآهة في صدري، وأعدت اللوعة الى قلبي، وأعتصمت بالسكوت..
وأقبل الليل دون أن يقبل معه النوم، باحثا عن جواب لسؤالي: لماذا هذا الضياع؟ وكيف يكون الجيل من هؤلاء؟ فأي حضارة ومن أي نوع؟ وماذا يخط القلم بصفحات التاريخ؟ وماالذي يجنيه الوطن من شجرة القات التي يتهافت عليها الجميع؟! وأقبلت من ورائه ساعة السحر والعين مازالت يقظى مسهدة.. فآه ياوطن.
وفجأة، رأيت الكون كله يقبل علي بعد إعراض، وأصغيت، فسمعت في صمته أعذب الألحان، وتأملت، فأحسست في نسيمه تمسح على فؤادي، وتضمني إليها ضمة، ونظرت، فإذا بنجوم السماء تتناثر دموعا من أجلي، ورأيتني مستسلما لبحر من الحنان الدافئ، لم أجد مثله إلا في صدر أمي التي تركتني من سنين.
ولما أشرق الصبح، رأيت الكون يتسلل معرضا عني، ورأيتني مرة أخرى أعيش وسط ضباب الغربة والوحشة من جديد في ضياع، وهموم تحت رمح وسهام أسعار عملات السعودي والدولار ، وقنابل الأسواق ومسيرات التجار .
وإذ ذاك، علمت لماذا يهيم الشباب في بحر الضياع، ولماذا ذاك لا يرد السلام، ولماذا الطلاب يضربون الأكف بالطرقات بدون ألحان، فهل للوطن من مغيث؟