آخر تحديث :الجمعة - 19 أبريل 2024 - 08:24 ص

كتابات واقلام


هكذا علمتني الحياة

الأحد - 05 مارس 2023 - الساعة 09:58 م

سعيد أحمد بن إسحاق
بقلم: سعيد أحمد بن إسحاق - ارشيف الكاتب


لم يكن الزلزال الذي احال مدنا في تركيا وسوريا الى أكوام من الأنقاض، راح ضحيتها الآلاف في بداية أشهره الأولى من عام 2023م غير إرهاصة غامضة لأشهر قادمة لا يقل وعدا بمفاجآت وتحولات مثيرة قد تصل في مفعولها درجة الزلازل.. بعضها ربما في طريق التحقق والبعض الآخر تتجمع الأعاصير والعوامل المؤثرة لتعمل على إنتاجها وتوليدها بحسابات مسبقة، ومنها قد تخرج كلية من دائرة الحسابات والتوقعات الى دائرة الظنون والتكهنات ولكنها تؤذن بالانتقال الى مرحلة التفكيك والتركيب في صياغة الجنوب العربي.

بعبارة أخرى، هناك بدايات لعدد من الأحداث أنطلقت من أعقالها وهي تشق طريقها كما تشق سفن الفضاء طريقها عبر وسط سبقت دراسة ظروفه وطبيعته وطبقاته بحيث يمكن بشئ من الحسابات الدقيقة التنبؤ بنتائجه بدرجة معقولة، واستراتيجيات يجري رسمها، وعناصر يتم تعبئتها، ومؤلم عندما تكون من أبناء الوطن كنا نثق فى مواقفها ولم نتوقع منها التقلب ورخيصة الثمن لأجل مصالح سلطوية ذاتية لا تهمها وطن.
نقول لهؤلاء:

لك سوقك أعرض به كما تشاء، وأشتر كما يشاء لك، ولنا وطن لا يمكن التفريط به وبأرواحنا نفديه دفاعا ضد تجار الفيد والغزاة، فالوطن ليس للبيع والشراء وليس سوقا لتسويق الذمم،لأنه ثبات ووجود، تاريخه دائم الصلاحية ونورا لأجياله به يقتدى و ليس كتاريخ مقيد بالبداية والإنتهاء، وأعلم يامن أتيت من مطابخ قصور زبالات الضلال والغوى، ومساحيق البودرة ومكياج الثراء، فلن يبهرني فيك جلي الوجه الذي تخلل مساماه حبيبات الزجاج الذي به يتلألآ، فموكبك عجلات تدور بك كما يشاء لك الرحى ، فأنت بوق محمول كبوق المحرج بأسواق الحراج فكل شئ فيك مصنوع وشتان مابين المصنوع والمخلوق، عروسة تزف حيث ماشاء العرض لها مايشاء.. أفما رأيت رأيتي علم الجنوب وحده بالأرض ثابت، ثبات القلوب بالأجساد؟ جسد الوطن الذي لا أحيد عنه بد، جموعي شعبي الذي أجالسه بدون ثمن، لا كجموعك بوجوههم المرسومة بالختم، فما أشبههم بالعنوز الموسومة بالوسم.

تبا لتلك الوجوه التي تتقلب لأجل جزم تعتليه، ونقود تشتريه، وكلمات تمليه.

إن لنا وطن وهوية نتمسك بها وقائد نثق به، وعلى المبادئ يسير عليها، فهو صورة مجاهد يظل يغزو القلوب بسلاحين إثنين: سلاح من نار الثورة والهياج، وآخر من نور العلم والإيمان بالوطن وهويته والإنسان وقضيته. وهو يبدو في كلا الحالين متدفقا ثائرا، مرة ينفث في القلوب ضرام الثورة والحماس، وأخرى يحاكم العقول الى حقائق العلم وروح القانون وهدي التشريع. إنها صورة لزبدة مايثور الإنسان من أجله، إنه قائدي اللواء الركن عيدروس قاسم الزبيدي الذي بأفعاله ومبادئه الثابتة باجماع الكلمة لإيمانه بالوطن للجميع لاستعادة الجنوب مهما كانت الصعوبات والمعوقات لم يتزعزع، آمنت به قائدا موحدا.. هذا رأيي فيه واحترم آراء الجنوبيين على اختلافاتهم لإيماني بالتأمل والمعرفة تكشف البواطن فتظهر المواقف، ولا يبقى في حينها إلا الصافي لان الوطن لا يقبل إلا صافيا نقيا.

هكذا علمتني الحياة، نماذج من الناس لعجيب جدا! وأيا كانت هذه الصورة العجيبة إلا أنها ترتبط بجذور فكرية معينة، هي أساس كثير من مظاهر الوهم، وضلال الرأي، لدى أخلاط من الناس في عصرنا هذا، وتلك هي بلية الوطن فيما يعانيه ونعانيه