آخر تحديث :الأحد - 01 سبتمبر 2024 - 04:47 ص

كتابات واقلام


التدخل القبلي في العدالة .. تهديد لسيادة القانون ومبادئ العدالة

السبت - 11 نوفمبر 2023 - الساعة 03:04 م

حافظ الشجيفي
بقلم: حافظ الشجيفي - ارشيف الكاتب


إن ظاهرة التدخل القبلي في أحكام الإعدام بعد صدورها ومحاولة حرف مسار العدالة تشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان وتهديدا لمبادئ العدالة وسيادة القانون. لقد سلطت قضية حنين الأخيرة، وهي طفلة في عمر الزهور فقدت حياتها بشكل مأساوي على يد شخص متهور ومستهتر، الضوء على الاتجاه المقلق المتمثل في استخدام الضغط القبلي للتأثير على الأحكام القضائية في قضايا القتل والعنف.
ومن المؤسف للغاية أن نرى جهود الجاني وقبيلته في التهرب من عواقب أفعاله من خلال الضغط على أسرة الضحية للمسامحة والعفو عنه. إن هذا التجاهل الصارخ لسيادة القانون والسعي المشروع لتحقيق العدالة لا يشكل إهانة لذكرى حنين فحسب، بل يقوض أيضًا مبادئ المساءلة والعدالة التي تعتبر ضرورية لمجتمع عادل.يسوده السلام والاستقرار الاجتماعي.
قصة حنين هي مثال مفجع على العواقب المدمرة للتدخل القبلي في القضاء. لقد انتهت حياتها بسبب التصرفات المتهورة لرجل لم يتحكم في دوافعه، ومع ذلك، بدلاً من تطبيق الحكم الصادر بحقه، يتعرض أولياء دم الضحية للضغوط لإجبارهم على التخلي عن سعيهم لتحقيق العدالة. إن هذه المحاولة السافرة لحرف مسار العدالة تعد ظلماً فادحاً لذاكرة حنين وانتهاكاً لحقوقها.وتشجيعا للمزيد من القتل.
إن استخدام الضغط القبلي للتأثير على الأحكام القضائية في قضايا القتل والعنف يشكل خيانة لمبادئ العدالة والإنصاف. فهو يقوض أساس النظام القضائي ذاته ويديم ثقافة الإفلات من العقاب، حيث يتمتع مرتكبو الجرائم الشنيعة بالحماية من المساءلة والعقاب.
علاوة على ذلك، هناك حاجة إلى إصلاحات قانونية وتعزيز المؤسسات لحماية استقلال السلطة القضائية وعزلها عن التأثيرات الخارجية. ويشمل ذلك تدابير لضمان الشفافية والمساءلة والكفاءة المهنية داخل النظام القضائي.
ومن الضروري أن يجتمع المجتمع ومنظمات المجتمع المدني والسلطات لإدانة ومقاومة أي محاولات لتقويض العملية القضائية من خلال التدخل القبلي. ويجب حماية نزاهة واستقلال القضاء، ويجب تضخيم ودعم أصوات المطالبين بالعدالة لحنين.
علاوة على ذلك، من المهم بالنسبة لنا أن نفكر في الآثار الأوسع للتدخل القبلي في العملية القضائية. ولا تعيق هذه الظاهرة السعي إلى تحقيق العدالة في القضايا الفردية فحسب، بل تعمل أيضًا على إدامة ثقافة الإفلات من العقاب وتقوض نسيج نظامنا القانوني ذاته. فهو يبعث برسالة مفادها أن أصحاب النفوذ أو السلطة او القبيلة يمكنهم التهرب من المساءلة عن أفعالهم، بغض النظر عن الضرر الذي تسببوا فيه.
وبينما نحزن على فقدان حنين ونتضامن مع عائلتها، يجب علينا أيضًا أن نلتزم بالدعوة إلى نظام قضائي عادل ونزيه يدعم سيادة القانون دون استثناء. ولا يمكن أن نسمح للتدخلات القبلية أن تحدد مسار العدالة وتديم الظلم في مجتمعنا.
إن قضية حنين هي بمثابة تذكير صارخ بالحاجة الملحة لمعالجة التدخل القبلي في أحكام الإعدام ودعم مبادئ العدالة وسيادة القانون. وبدون تطبيق الأحكام القضائية العادلة والمستقلة، فإن آفاق السلام والاستقرار والتنمية في مجتمعنا معرضة للخطر. ومن واجبنا كعاملين في المجال الإنساني أن نقف ضد هذا الظلم وأن نناضل من أجل نظام قضائي يحقق العدالة بعيدا عن التدخلات . إن ذكرى حنين وجميع ضحايا العنف الآخرين لا تستحق أقل من التزامنا الثابت بالعدالة.