آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 10:40 م

كتابات واقلام


فئران القرون

الثلاثاء - 09 يناير 2024 - الساعة 09:49 م

محمد الموس
بقلم: محمد الموس - ارشيف الكاتب


محمد عبدالله الموس

بعد اجتياح الجنوب بغزو ١٩٩٤م كتبنا عن (الوحدة اليمنية وفئران القرن العشرين)، كان ذلك في اواخر القرن الماضي، وذكّرنا حينها اهل سلطة (٧/٧) ان فساد من نوع ما كان سببا في تضخم الفئران التي ادت الى سقوط سلطة وإنهيار حضارة وتشرد امّة.

قلنا حينها ان هناك اسباب منعت عين من اعيان سبأ ان يشير الى الفساد الذي رآه في جسم السد، اذ بدلا من ذلك طلب من ابنه ان يصفعه في مجلس اعيان سبأ ليعلن بعدها انه لن يمكث في أرض يصفعه ابنه في مجلس اعيانها وذلك لينفذ بجلده من الانهيار القادم.

حتما ان عدم افصاح الشيخ السبئي عن الخلل في جسم السد هو خوفه من الرؤوس الكبيرة التي تحمي الفساد، فحماية الفساد هي اشد خطرا ألف مرة من الفساد ذاته.

كنا ننبه حينها الى ان هناك فئران تنمو وتتضخم وستتسبب في انهيار الوحدة في الوجدان بعد انهيارها في الواقع بفعل الغزو، كما تسببت فئران سباء في انهيار حضارتهم وجعلها أثرا بعد عين.

تنمو الفئران حيث تغيب اعين الرقابة واعين المجتمع وعين القانون ولهذا لم يسمعنا احد حين نبهنا فقد كانت الطبول والمزامير والمباخر تطغى على اصوات العقول، وكان الراقص على رؤوس الثعابين يلعب بالبيضة والحجر وبمصائر الناس حتى انهارت الوحدة والدولة وكل الهياكل الكرتونية وتحولت الطبول والمزامير والمباخر للتغني لفئران جديدة من جيل آخر، وهذه المرة سيكون التشظي هو المصير تبعا لتعدد جماعات الفئران.

الاصل في النهوض وتجاوز المهلكات يكمن في الاعتراف بوجود المنغصات ووضع الحلول لها بدلا من محاولات القفز عليها بالطبول والمزامير والاتكال على القوة التي لم تكن يوما ثابتة، فهي متغيرة ولا تصنع ثباتا كما يفعل العدل في الحق والواجب.

نشهد اليوم قفزا على الواقع في شمال الجمهورية اليمنية (المتوكلية اليمنية) برفض الحلول الداخلية والذهاب لتبني قضايا أكبر من قدرات مجتمع يقبع في ذيل الامم في كل شئ.

ونشهد نزق آخر في الجزء الجنوبي من الجمهورية اليمنية (الجنوب العربي) يتمثل في إحياء الخلافة الإسلامية او إحياء الوحدة المذبوحة او وهم (قصعة اللبن بدينار).

القاسم المشترك بين كل هؤلاء هو السبب الاول لانهيار الدول والشعوب المتمثل في تضخم فئران الفساد من خلال التكسب
من الحال القائم والإثراء الصاروخي وفق مبدأ (الوضع الذي اتكسب منه لا اسعى لتغييره) ولكل من هؤلاء طبوله ومزاميره.

فلا الشرعية وعفشها قادرة على اكثر من ضمان امتيازاتها ومخصصاتها ونثرياتها، ولا سلطة الحوثي قادرة على اكثر من تجميع المفرقعات والتهديد بها، وكلاهما، الشرعية وسلطة الحوثي واطراف اخرى، يعملون على إضعاف الطرف الجنوبي الذي لم يتمكن، حتى الآن، من تحصين الجنوب من الإختراق من قبل اعداء الجنوب بصناعة توافق جنوبي.

خلاصة القول اننا جميعا سنأكل من (مخضرية) بائع الفول الصنعاني وسنبكي دولة شطري (المتوكلية اليمنية والجنوب العربي) اذا لم نرتفع الى مستوى التحديات ونعترف بالحقوق، بما فيها حق أبناء الجنوب في الاستقلال، وندرك خطورة الفئران التي ستقفز من السفينة لحظة الغرق.
الا هل بلغنا، اللهم فاشهد.

هامش:
مخضرية الصنعاني: الفول المخلوط بروث الحمار.
عدن
٩ يناير ٢٠٢٤م