آخر تحديث :السبت - 27 أبريل 2024 - 01:02 ص

كتابات


وداعاً قائد الطيري

الإثنين - 20 سبتمبر 2021 - 05:53 م بتوقيت عدن

وداعاً قائد الطيري

كتب - د عيدروس نصر النقيب.

كالغصن النضر الذي لا تسمع له صوتا لكنك تشم رائحة العطر يفوح من زهراته إلى البعيد البعيد، ويبقى بلا انقطاع أو زوال، عاش الفقيد قائد صالح الطيري.
كان يطل علينا أسبوعيا عبر صحيفة الثوري، إما من خلال عموده الإخباري أو عبر مقالة صحفية أو مقابلة مع أحد الساسة أو المبدعين.
كنت أقرأ اسمه فقط ولم أكن قد تعرفت عليه، ولا اخفي إعجابي ببسالة تمسكه بالحق وتحديه لأدوات القمع والتضييق رغم إدراكه للثمن الباهظ الذي يترتب على مواقفه الوطنية المشاكسة حينما تكون المشاكسة عملا بطوليا يستحق الثناء والتقدير.
في العام ١٩٩٧م وبعد عودتي من الدراسات العليا وبعد الانتكاسة التاريخية التي منيت بها تجربة دولة (الوحدة)، كنت قد دشنت كتاباتي تحت اسم مستعار "سعيد مسعود " وحينما كنت في صنعاء أبحث عن عمل، ولو في القطاع الخاص، التقيت بالزملاء في صحيفة الثوري، وكان الأستاذ علي الصراري رئيس التحرير حاضرا حينما كانوا يحضرون للعدد التالي من الصحيفة وكان ل"سعيد مسعود" مقالة لم أعد اتذكر عنوانها، حينها كان الفقيد قائد يقرأ مسودة المقال بإعجاب متسائلا عن هوية صاحب المقال، نظر إليَّ الزميل علي الصراري وهو يتردد في البوح بحقيقة صاحب الاسم.
ثم قال "إنه بيننا"، وطبعا كان لدى الفقيد قائد من الذكاء ما يجعله يستنتج أن العبد لله ولا احد سواه هو "سعيد مسعود".
بعد هذه الحادثة عملنا معا على مدى سنوات، خصوصا بعد انتقالي إلى صنعاء في العام ٢٠٠٣م.
كان قائد نموذجاً للمثقف الوطني النقي والمكافح المؤمن بقضية الحق والعدل والحرية والكرامة الإنسانية.
كان نصيرا واضحاً للقضية الجنوبية، وأثناء مناقشاتنا الثنائية أو الجماعية، أكد مرارا أن الجنوبيين على حق في مطالبتهم باستعادة دولتهم، لأن ما جرى في ١٩٩٤م ليس تكريساً للوحدة ولا تعميدا لها، كما يقول إعلام شركاء الحرب، لكنه كان مصادرةً لحق الشعب الجنوبي وإلغاء لدولته وهويته وبالتالي القضاء على مفهوم الوحدة واستبداله بالاستباحة والاحتلال.
ترك الفقيد الطيري سجلا حافلا من الكتابات الرائعة في مجال الحريات العامة والفكر السياسي، وقبل هذا من المواقف الوطنية الشجاعة والانتصار لضحايا الظلم والقمع والتضييق والملاحقة والتنكيل.
وغادر الحياة نقياً إلا من رصيد من الرأسمال غير المرئي يتمثل بنظافة اليد وراحة الضمير والسمعة الحسنة.
نفتقدك كثيرا أيها الزميل،
قد تغيب عنا جسدا لكنك ستبقى بين جوانح ووجدان محبيك ورفاقك وشركائك في القضية والموقف.
إنني بهذا المصاب الجلل أتقدم بصادق مشاعر العزاء والمواساة إلى أسرة الزميل قائد صالح الطيري وأولاده وكل أهله وذويه وإلى الزملاء في قيادة الحزب الاشتراكي اليمني وهيئة تحرير صحيفة الثوري والاشتراكي نت.
وإلى كل أنصار الحرية والحقيقة من زملاء فقيدنا ومحبيه، مبتهلا إلى الله أن يرحم فقيدنا ويتوب عليه ويسكنه فسيح جناته
وإنا لله وإنا إليه راجعون.