آخر تحديث :الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024 - 03:24 م

الصحافة اليوم


باحليس .. مصور ينقل مآسي اليمن للعالم.. ويتفادى "متاعب الصور السياسية"

الثلاثاء - 07 ديسمبر 2021 - 12:50 م بتوقيت عدن

باحليس .. مصور ينقل مآسي اليمن للعالم.. ويتفادى "متاعب الصور السياسية"

عدن تايم - العربية :

استطاع المصور اليمني الشاب صالح باحليس توظيف خبراته في عالم التصوير لرصد أوجاع الشارع اليمني، متحدياً بعدسته آلة الحرب وطواحين الفقر ليجسد بذلك قصصاً مأساوية حركت الضمير الإنساني وألهبت وجدان الشعوب التي لا تعرف شيئاً عن اليمن سوى إنه بلد جاثم تحت ركام النزاعات وكوابيس المؤامرات. وقال باحليس في حديثه لـ"العربية.نت": "بدايتي كانت أثناء الحرب، التقطت العديد من الصور التي لامست قلوب اليمنيين، نقلت من خلالها دخان الدمار ووجوه الضحايا ومشهد الوجع العام الذي عكس حالة من الشتات والتشرد للمتضررين جراء نيران القصف" وأشار إلى أنه نجح في التقاط صوراً تلخص الكثير مما لم تغطيه وكالات الإعلام ونشرات الأخبار العالمية، وفازت تلك الصور بجوائز دولية مثل مسابقة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث احتل المركز الأول لـ"أجمل صورة إنسانية لعام 2015" وكان عنوانها "استراحة منقذ".

صالح باحليس هو مصور فوتوغرافي ومدرب تصوير متخصص، من أبناء مدينة عدن اليمنية، بداياته في عالم التصوير كانت عام 2013 بواسطة الجوال، وفي العام 2014، اقتنى أول كاميرا احترافية، ثم شارك بعدها في عديد من المعارض، ويطمح إلى تعزيز ورفع ثقافة التصوير الفوتوغرافي في مجتمعه. ويوصف صالح باحليس بأنه "صائد ملامح المتضررين" و"قنّاص الوجع الإنساني على خطوط النار"، كما أنه "موفد سلام" على الأرض بالتعاون مع منظمات دولية تعمل في اليمن، حاملاً كاميرته لتوثيق المآسي التي خلفتها فصول الصراع الدامي بين أطراف النزاع الملتهب.

توثيق لمعاناة الأطفال
شارك صالح بصفته مصوراً مع عديد من المنظمات الدولية مثل منظمة اليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP" ومنظمة الهجرة الدولية، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "OCHA" وأوكسفام وغيرهن. وركزت أعماله على توثيق ورصد الحالات الإنسانية التي تضررت بسبب الصراع الدائر في اليمن منذ سبع سنوات. ويجسد عبر عدسته حجم المآسي والأوجاع التي أنهكت وجدان اليمنيين. ويقول باحليس: "تعاونت مع منظمة اليونيسيف لتجسيد معاناة الأطفال في مناطق النزاع الملتهب، وما يتعرضون له من عنف وتجنيد قسري وحرمان من أبسط مقومات العيش وحق التعليم، إلى جانب الظروف التي دفعتهم للنزوح واللجوء والهروب من خطوط النار المشتعلة".

لباحليس رسالة يسعى لنقلها إلى العالم عبر عدسته، مجسداً وجع اليمن الحزين، وعن هذا الموضوع يقول: "أردت من خلال أعمالي إيصال صوت ضحايا الحروب إلى العالم، وتقديم قصص المآسي التي يعيشها بلدي في لقطات لتعريف العالم بأصناف القهر وألوان البؤس والرعب الذي يعيشه كل اليمن من شماله إلى جنوبه".

وفي رصيد باحليس مشاركات في معارض عديدة، أبرزها معرض عنوانه "صوّارة" أقيم في مدينة عدن ضمن مشروع "ريجاثرد" ويهدف إلى توثيق وجه الدمار الحاصل للمدينة بعد الحرب، وحالة الفقر والقهر الذي طحن الكثيرين من سكانها. ولفت إلى أن هذا المشروع الذي احتضن أعمال مصورين ومصممين ورسامين من مختلف المدن اليمنية، كان بمثابة محطة لانطلاقته في مجال التصوير الحربي، حيث شارك بـ4 "سلاسل فنية" جسد من خلالها مشاعره الخاصة كفنان. ووثق في كثير من صوره آثار من التراث المندثر ومعالم التاريخ المهدم بسبب همجية الحرب إلى جانب وجوه ضحايا من ذاكرة الحرب.

نقل الوجع اليمني إلى العالم
وقال باحليس إن معظم أعماله في مجال التصوير الحربي والإنساني حصدت كثير من الأصداء الإيجابية سواء داخل المجتمع اليمني أو خارجه. وتابع: "أخطط الآن لتجسيد أعمال فنية تناقش ارتفاع أسعار العملات مقابل الريال اليمني ومشاكل انقطاع المياه والكهرباء وانعدام الغاز وغلاء المعيشة، لأجسد قصص واقعية بطريقة فنية تناقش حالة المجتمع في ظل انعدام أبسط مقومات العيش والخدمات الضرورية".

ويؤمن صالح أن الصورة تمتلك تأثيراً إنسانياً عابراً للحدود والجغرافيا، بوصفها "وثيقة مهربة من ملفات مجتمع جاثم خلف أسوار الظلام والحصار". وقال في هذا السياق: "الصور والأعمال الفنية هي في الأساس نابعة من واقع نعيشه، وبطبيعة الحال إذا كان العمل يلامس الناس سيصل إلى مبتغاه، ويعالج الكثير من القضايا التي يعيشها الناس".

وقال صالح إن أكثر صورة حبست أنفاسه، كانت لطفل يجلس على ركام ما تبقى من أنقاظ منزله، مشيراً إلى أن الصورة كانت تحمل "قصة أليمة لما يعيشه هذا الطفل من وجع الخسارة وفجيعة الفقد، وكيف أن أركان بيته في لحظة قصف تحولت إلى كومة من رماد".

الصورة السياسية تجلب المتاعب
صالح الذي عاش تجربة النزوح بصفة شخصية هرباً من ويلات الحرب، قال إن أكثر صورة مؤثرة تشد عدسته هي الصور التي التقطها من آثار الدمار الناجم عن فوضى الحرب، وغالبية تلك الصور أبطالها أطفال مشردون ونازحون.

وأكد أن الصورة تكون أخطر من الكلمة عندما ترصد وتناقش قضايا سياسية، ووصفها بأنها "الأخطر على حياة المصور سواء كان صحافياً أو متعاوناً لصالح منظمة دولية"، مضيفاً: "في الحقيقة أنا بعيد عن هذا المجال السياسي، ولا أحب الخوض فيه بالمطلق كونه يجلب الكثير من المتاعب والتهديدات".

بحسب تعبير صالح، فإن "اليمن ليست موضوع حرب فهو بيئة غنية متنوعة وزاخرة بكل ما هو جميل". وتابع: "لدي مشروع أعتزم القيام به وهو توثيق سياحي لجميع محافظات اليمن. هذا المشروع أفكر به منذ فترة، لكن أوضاع الحرب تمنعني في الوقت الحالي، لكنني ماضي فيه بعد أن تضع الحرب أوزارها". وختم صالح حديثه قائلاً: "أسعى لأن أكون سفيراً لبلدي من خلال عدستي، وأجتهد في نقل صورة حضارية عن اليمن، فنحن مجتمع مسالم محب لكل ما هو جميل. ولا أريد أن ينظر العالم إلى اليمن على أنه مجرد بلد يشهد نزاعات وحروب ومجاعات".