آخر تحديث :الأربعاء - 23 أكتوبر 2024 - 02:33 ص

الصحافة اليوم

بعد دخول الدولار الجمركي 750 ريالا حيز التنفيذ
خبراء : سيفاقم الضغوط على التجار ويكبل القدرة الشرائية للناس المنهكين

الخميس - 12 يناير 2023 - 09:44 ص بتوقيت عدن

خبراء : سيفاقم الضغوط على التجار ويكبل القدرة الشرائية للناس المنهكين

متابعات / صحف

رجح خبراء أن يتسع نطاق حالة التذمر بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية وسط مخاوف من تداعيات عكسية على الاقتصاد المنهار أصلا جراء اعتماد سعر جديد للدولار الجمركي، والذي سيفاقم الضغوط على التجار ويكبل القدرة الشرائية للناس المنهكين.

عدن - اندفعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى استخدام سلاح الدولار الجمركي مرة أخرى أملا في تحصيل بعض الإيرادات لمواجهة شح السيولة النقدية، بينما تعاني مناطق سيطرتها من محن فقدان السلع وارتفاعها بشكل جنوني.

وذكرت وثيقة وتجار أن الحكومة رفعت سعر صرف الدولار المستخدم لحساب الرسوم الجمركية على السلع غير الأساسية بنسبة 50 في المئة.

وأظهرت وثيقة اطلعت عليها رويترز أن اجتماع مجلس الوزراء اليمني وافق على قرار رفع الرسوم من 500 ريال إلى 750 ريالا في الثامن من يناير الجاري.

ولا يزال السعر المعدل للدولار الجمركي أقل بكثير من سعر الصرف الحالي. وتراجعت العملة المحلية مع مطلع هذا العام أمام العملات الأجنبية في أكبر انخفاض منذ تسعة أشهر. وذكر متعاملون أن الدولار بات سعره 1300 ريال في المحافظات الجنوبية.

أبوبكر باعبيد: السعر أصبح عند 750 ريالا ودخل حيز التنفيذ الثلاثاء

وهذه الزيادة الثانية في غضون عام ونصف العام، حيث اضطرت السلطات في يوليو 2021 لمضاعفة سعر الدولار الجمركي بعدما كان عند 250 ريالا.

وتواجه الحكومة تحديات مالية واقتصادية خانقة في تمويل رواتب القطاع العام والبنية التحتية بسبب احتياطيات النقد الأجنبي المستنفدة، فضلا عن تراجع صادرات النفط وشلل قطاع الأعمال والسياحة وتقهقر الزراعة رغم الدعم المالي الذي تقدمه دول خليجية.

وينطبق القرار فقط على جنوب اليمن، الذي تسيطر عليه الحكومة وتقع به مدينة عدن الساحلية. وتسيطر جماعة الحوثي، التي لديها نظام صرف مختلف، على ميناء الحديدة، وهو نقطة الدخول الرئيسية للسلع في البلاد.

ويستورد اليمن معظم احتياجاته بعد أن أدت الحرب الناشبة منذ ما يزيد على سبع سنوات إلى انهيار اقتصادي جعل قرابة 80 في المئة من السكان يعتمدون على المساعدات.

وأكد ثلاثة تجار مقيمين في عدن، منهم أبوبكر باعبيد نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية الصناعية اليمنية، القرار. وقالوا لرويترز إنه “دخل حيز التنفيذ الثلاثاء”.

وأعفت الحكومة القمح والأرز والحليب والأدوية من الرسوم الجديدة، لكنّ متعاملين وتجارا أكدوا أن أسعار المحروقات والسلع الأولية الأخرى قفزت في عدن ومأرب عقب القرار.

وكانت غرفة التجارة والصناعة قد أكدت مرارا أن تحريك سعر صرف الدولار الخاص بالجمارك سيؤدي بشكل مباشر إلى “مجاعة وسيضر بشدة بحركة التجارة”.

45

في المئة معدل التضخم بحسب آخر مؤشر صادر عن صندوق النقد الدولي

وقالت إنه “في ظل الظروف المعيشية الحالية وانهيار العملة وضعف مداخيل المواطنين وزيادة الفقر، فإن قرارات كهذه ستؤدي إلى اختلالات في سلاسل توفر المواد الغذائية وستزعزع استقرار المجتمع أمنيا مع توسع نطاق الفقر”.

وأشار البنك الدولي في أحد تقاريره مؤخرا إلى أن الفقر يؤثر على ما يقدر بنحو 78 في المئة من اليمنيين، مع ملاحظة أن النساء يمثلن معظم الفئات الأكثر احتياجا من السكان.

وأكد أن أكثر من 40 في المئة من الأسر اليمنية التي تجد صعوبة في شراء حتى الحد الأدنى من غذائها ربما فقدت أيضا مصدر دخلها الرئيسي.

وكان الفقر يزداد سوءا حتى قبل الأزمة، إذ يبلغ الفقراء نحو نصف إجمالي سكان اليمن البالغ عددهم حوالي 29 مليون نسمة.

وقدرت بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن برئاسة برت راينر في أكتوبر الماضي معدل التضخم بالسوق المحلية بنحو 45 في المئة.

ولدى الطرفين المتحاربين في اليمن بنكان مركزيان متنافسان. ولجأت الحكومة إلى طباعة النقود لتمويل العجز، لكن في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث يُحظر ذلك الإجراء، يبلغ السعر نحو 600 ريال للدولار.

ومنذ نشوب الحرب الروسية – الأوكرانية تصاعدت حدة مخاوف اليمنيين من تأثيراتها القاسية في ما يتعلق بالتضخم خاصة على الوضع المعيشي للناس نتيجة اضطراب الإمدادات من الغذاء، ناهيك عن تكاليف الشحن نتيجة ما يحدث في سوق الطاقة العالمية.

الحكومة أعفت الواردات الضرورية وهي القمح والأرز والحليب والأدوية من الرسوم الجديدة لكي لا تثقل كاهل الناس

وساءت المالية العامة للحكومة اليمنية خلال الأشهر الستة الماضية بعد أن كثف الحوثيون هجماتهم على موانئ النفط الجنوبية، مما منع الصادرات من حقول النفط هناك.

وقبل أسابيع قليلة، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي توقف تصدير النفط في محافظتي شبوة وحضرموت شرق البلاد. وقال إن “هجمات الحوثيين خلفت أضرارا في المنشآت النفطية بقيمة 50 مليون دولار”.

ويعتبر قطاع النفط والغاز أهم مصدر لمعظم إيرادات الحكومة لتمويل قرابة 70 في المئة من الإنفاق في الميزانية السنوية.

وتراجع الإنتاج إلى 60 ألف برميل يوميا بعد أن كان قبل الحرب ما بين 150 و200 ألف برميل يوميا، في حين كان يزيد على 450 ألف برميل يوميا عام 2007 وفقا للبيانات الرسمية.

وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تصل احتياطيات اليمن المؤكدة إلى نحو ثلاثة مليارات برميل ونحو 17 تريليون قدم مكعب من الغاز.

ومنذ اندلاع الأزمة قبل ثماني سنوات، اعتمد اليمن على توريد المشتقات النفطية للتجار المحليين، الذين يتعاملون مع البنوك وشركات الصرافة الخاصة للحصول على الدولار اللازم للاستيراد.

ويشكو السكان من انقطاع الكهرباء المتكرر ونقصا في الوقود وعدم توفر الخدمات الأساسية وارتفاعا جنونيا للأسعار، خاصة بعدما شهدت العملة المحلية انهيارا حادا في العامين الأخيرين.

وفقد الريال أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار منذ اندلاع الحرب، وتسبب في ارتفاع هائل للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء غالبية السلع الأساسية والكمالية.

ويقول محللون إن أسباب تراجع الريال كثيرة منها شح مصادر النقد الأجنبي، وتحول البلد إلى معتمد بشكل كامل على الواردات دون وجود مصادر دخل لتغطية الطلب.

وأشاروا كذلك إلى أن ضعف الدور الحكومي وسوء إدارة البنك المركزي للأزمات يعدان من الأسباب التي أدت إلى الانهيار الحاصل للعملة.

وأفرزت موجات من انخفاض قيمة العملة في عامي 2018 و2019 ضغوطا تضخمية دائمة أدت إلى تفاقم الأزمة المعيشية، كما تسبب تعطل مرافق البنية التحتية والخدمات المالية في تأثير حاد على نشاط القطاع الخاص.

وأعلنت الحكومة مؤخرا أنها ستتخذ حزمة إجراءات اقتصادية للتعامل مع استمرار تراجع الريال، وتوقف صادرات النفط، بينها ترشيد الإنفاق.

العرب