آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 09:18 ص

كتابات واقلام


كل مآسي الوطن ومعاناة الشعب سببه خذلان مؤلم وصمت النخب

الجمعة - 21 مايو 2021 - الساعة 01:31 ص

محمد علي محمد احمد
بقلم: محمد علي محمد احمد - ارشيف الكاتب


كثر اللغط والمراء والجدل العقيم في التشكيك بالتظاهرة التي هي هاجس كل مواطن سحقته المعاناة وأدمته الحاجة والعوز والذي فقط بحاجة لمن يحركه من النخب الجنوبية المعتبرة ؛ فذاك يقول إنها مدسوسة من قبل حزب الإصلاح ؛ وآخر يكتشف اكتشافاََ مهولاََ بأن توقيت المظاهرة يثبت أن من ورائها دعاة الوحدة على اعتبار أن يوم الجمعة يصادف اليوم المشؤوم على الجنوب 22 مايو مع انه يوم 21 مايو وهو ذكرى مطالبة الشعب الجنوبي بفك الإرتباط !!
وهناك من يقترح عدم رفع علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لذات الحجج ، مع أن مجرد رفع العلم أنهت إشكالية توقيت التظاهرة ؛ وعلى العكس تماماََ ، فحين تخرج المظاهرة وتكون شعبية خالصة من شعب الجنوب المضطهد وتصادف يوم مشؤوم على كل جنوبي تجرع المعاناة والتهميش وليس كبعض الجنوبيون الذين باعوا ضمائرهم لأجل مصالحهم الخاصة متخذين من الجنوب مجرد غطاء لتمرير تلك المصالح ، فإن خروج الشعب في هذا اليوم رافعين فقط علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والشعارات المنددة بحرب الخدمات دون رفع اي صورة لأي مخلوق كان ؛ فتلك رسالة شعبية برفض الوحدة ورفض الحكومة ورفض كل من شاركها ومنهم الإنتقالي الذي يعتبر شريك فيها ، وهي مطالب حقوقية لشعب حرر ارضه بسواعد أبنائه وقدم خلال تلك الحروب سواءاََ حرب صيف 94م او حرب 2015م تضحيات جسيمة من آلالف الشهداء والجرحى في سبيل ان يعيش هذا الشعب بعزة و كرامة على أرضه ؛ لا ان يتم التعذيب فيه لكونه طالب بحقه في تقرير مصيره وكشف زيف من يتشدق بإسم الوحدة وخبثهم لهذا الشعب وكذا تعرية من تسلق على ظهر الجنوب فأصبحوا قادة نهبوا الثروات وتركوا الشعب يعاني الويلات دون اي اهتمام بآدميته ولا تقديرا لصبره الذي لم ولن يتحمله بشر من قبله ..
أما حكاية ان وراء ذلك الإصلاح وما إلى ذلك من تراهات في اعتقادي الشخصي هي هروب من المسؤولية والمواجهة مع الشعب
والا فالإصلاح حاضر في الحكومة التي دخل فيها الإنتقالي كجزء منها ؛ بل وتوجد كوادر من الإصلاح او كانت من الإصلاح كما يحلو للبعض القول في المجلس الإنتقالي الجنوبي وفي كل مراكز السلطات الرئاسية والقضائية والتنفيذية والمحلية وكل مؤسسات الدولة ..

وللأسف لأن شعبنا في الجنوب أصبح ليس كما كان بعد الإستقلال وقبل الوحدة إذ كان لديه وعي ويعرف كيف تسير المظاهرات بحكمة ومنطق وفهم لكل جوانب الأمور فكانت مظاهراته تحقق اهدافها وبوسائل قانونية ..

أما الآن ونتيجة لتغيير ديموغرافية البلد كون عدن وعموم الجنوب قليل السكان فتم إغراقها بملايين السكان الوافدين من الشمال بشكل مهول جدا ؛ كل تلك عوامل مؤثرة في الثقافة والفكر والتعامل فأصبح الناس يتعامل بالكذب والنفاق ولا يحترم قانونا ولا يمتثل لنظام وتفشت عادات لم يعهدها من قبل اهل عدن ولا الجنوب عموما ، أضف إلى ذلك الضغط العصبي والقهر والإرهاب النفسي وسياسة التجويع الخبيثة ، أدخلت فيهم الإحباط ودبت فيهم الفوضوية لذلك تنتهي اي ثورة شعبية او تظاهرة حقوقية سلمية بالقمع والفشل لأنها لا تحقق مصالح الطواهيش بل ستفضحهم ، بعكس أن تم تسييسها من قبل تلك الجهة أو تلك فإنهم يسعون لإظهارها بشكل منظم تحقيقا لأطماع أصحابها وليس للشعب من ذلك سوى الجعجعة فيما الطحين يستمتع به الأوغاد ..

وما يؤسف له و يدمي القلب بحرقة هو ان النخب من المثقفين والمفكرين والأكاديميين وأصحاب الرؤى الحكيمة يتوارون فجأة ويفضلون الصمت في مثل هكذا معترك جماهيري وحراك شعبي وحق شرعي ونقطة انطلاق مثلى للتغيير الجذري وإحداث نقلة حقيقية لواقع الحياة المعيشي ، وهم حقيقة أكثر من يعانون ونراهم يعبرون عن ذلك في كتاباتهم وأحاديثهم لما يمتلكون من تصور عقلاني و حلول ناجعة لانتشال الشعب مما هو فيه ؛ كما ويحظون بسمعة طيبة وعلاقات واسعة تمكنهم من لعب دور مهم في تلك التظاهرات تنظيماََ و تحقيقاََ للغايات المرجوة ..
وإذا بهم يتقهقرون تاركين الشعب وحده يتخبط تائهاََ تتجاذبه الأهواء يمنة ويسرة دون ان يحققوا شيئاََ من مطالبهم وان حدث ، فلن يكن جذرياََ بطرق قانونية ملزمة بل مجرد مسكنات مؤقتة لتعود المعاناة من جديد بل وأسوأ مما كانت عليه من قبل ..

فهل يسركم أيها السادة الحكماء والنخب النجباء أن تواريكم وهروبكم هو سبب انحطاطنا وعلة علتنا و زيادة معاناتنا في لحظة مفصلية كهذه وغيرها مرت الكثير من الفرص كنتم وأعذاركم الواهية فيما أصاب الشعب وسيصيبه في مقتل !!

فمتى تفيدون شعبكم المكلوم بقوة حجتكم ومنطق فكركم ؛ ومتى تحسنون للأرض التي أعزتكم و ربتكم ، و للوطن الذي صرف عليكم وسهل لكم السبل لتنهلوا من العلوم لتنمية خبراتكم ولصقل عقولكم !!

إن كان وقت الشدة واحتياجكم تصرفون عنه وعن شعبكم وجوهكم فبئست الوجوه أنتم ، والشعب مهما تعثر إلا أنه حتما سينهض يوماََ ويقف على قدميه ؛ ولعنة الوطن ستلاحقكم .