آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 01:19 م

كتابات واقلام


حق الشعوب في تقرير المصير والانفصال ومبدأ احترام السلامة الاقليمية للدولة(1)

الجمعة - 30 نوفمبر 2018 - الساعة 02:14 م

د. محمد جعفر قاسم
بقلم: د. محمد جعفر قاسم - ارشيف الكاتب


تمهيد
على الرغم من قدم ظاهرة الانفصال عن الدول في التاريخ الا انها قد أخذت نطاقاً واسعاً وأكتسبت أهمية كبيرة جداً في العلاقات الدولية المعاصرة منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة في اعقاب الحرب العالمية الثانية.
وفي الحقيقة تجلت هذه الظاهرة على نحو شامل تقريبا منذ تسعينيات القرن العشرين في الدول الاوروبية التي كانت تسمى بالدول الاشتراكية في أوروبا الوسطى واوروبا الشرقية وعلى وجه الخصوص فيما كان يعرف باتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية سابقاً – أي اختصاراً ما كان يسمى الاتحاد السوفيتي – والجمهورية الاشتراكية الاتحادية اليوغسلافية السابقة.
وكان لصدور رأيين إستشاريين ولا يزال لهما تأثيراً هائلاً على صعيد الفكر القانوني وعلى صعيد القانون الدولي، كما سنراه لاحقاً في مسألتي حق تقرير المصير من ناحية واحترام السلامة الاقليمية لمختلف الدول من ناحية أخرى. صدر أولهما في تسعينيات القرن العشرين في كندا عن أعلى هيئة قضائية فيها هي المحكمة العليا الكندية بينما صدر الثاني عن المحكمة الدولية المختصة بالبت في النزاعات بين الدول أي عن محكمة العدل الدولية في آخر العقد الأول للقرن الحادي والعشرين.
والملاحظة الجوهرية الجديرة بالانتباه أنه على الرغم من الطابع الاستشاري المحض غير الملزم لهذين الاجتهادين القضائيين، ألا أن ذلك لم يحل دون انتشار تأثيرهما الهائل على صعيد الفكر القانوني والقانون الدولي ومواقف مختلف الدول من الظاهرة الانفصالية.
وتتمسك دول عديدة في مواجهتها لحق تقرير المصير والانفصال بالمبداء المقر في القانون الدولي منذ فترة طويلة حول وحدة اراضي الدولة وعدم قابليتها للتجزئة المعروف بمبدأ احترام السلامة الاقليمية .
وقد كانت الدول الاستعمارية تتمسك في الماضي بمبدأ السلامة الاقليمية، لتسبب بها من الناحية القانونية موقفها المعادي لحركات التحرر الوطني في مستعمراتها لأنها حسب زعمها تفتت وحدة أراضيها التي كانت تشمل مستعمراتها.
ولا زالت بعض الدول المستقلة تتمسك بمبداء السلامة الاقليمية في علاقاتها الداخلية والخارجية وتقصر حق تقرير المصير على حالة البلدان الخاضعة للاستعمار فقط ويؤيدها في موقفها هذا جانب من الفقه الدولي. ولكن من المهم التنوية بأن تطرقنا لحق الانفصال وتفرير المصير يقتصر على حالة الدول المستقلة ولا يتطرق الى حالة انهاء الاستعمار، نظراً لأن القانون الدولي في رأي العديد من الفقهاء قد أقر منذ صدور ميثاق الامم المتحدة في عام 1945 والقرار التاريخي للأمم المتحدة في عام 1960 انهاء ظاهرة الاستعمار التي اصبحت تقريبا الان من الماضي. ولكن فبل عرض موضوعنا استحسنا استهلاله بالتطرق الى تطور حق الانفصال عبر التاريخ.

القسم الأول: لمحة تاريخية موجزة لتطور حق الانفصال عبر التاريخ

أولا: في الماضي
يقول اهلاس Ahlas وهو احد الحقوقيين الفرنسيين الذي بحث في رسالته للدكتوراة البالغة الأهمية الحاصل عليها من جامعة باريس الثانية (السوربون) عن ظاهرة انفصال الدول، أن هناك نص ديني في التوراة تطرق الى مسألة الانفصال عن الدولة، و لكن ربما يكون اقدم كتاب حديث تناول الظاهرة الانفصالية هو كتاب "نشوء واستمرار وسقوط الدولة" لكاتبه رينه دو لوسينج René de Lucinge الصادر عام 1586.
وتناول هوجو جروتيوس Hugo Grotius هذا الموضوع في كتابة "قانون الحرب والسلام" ونلاحظ على وجه الخصوص أنه استعمل تعبير "الانفصال" وذلك في القرن السابع عشر الميلادي.
وفي التاريخ المعاصر ينادي البروفسور ديورسل في كتابه "كل امبراطورية ستزول" بأنه لا يمكن استمرار أي بنيان سياسي لفترة طويلة بدون أن يحصل على تأييد الشعوب التي يحكمها. وهكذا يكون ديورسل قد سار على خطى تولستوي في كتاب "الحرب والسلام".
ولعل أكثر الأمثلة التي اشار اليها هؤلاء الكتّاب تتعلق بانفصال هولندا 1559 – 1648 وانفصال البرتغال 1640 – 1668 وانفصال الولايات المتحدة 1776. ولاتزال هذه السلسلة من الانفصالات مستمرة حتى الان وهو الامر الذي حدا بالبعض مثل كرونور الى القول أن الانفصال هو الطريق الاكثر شيوعاً لنشؤ الدول.
وفي القارة الاوروبية فإن اسطع مثال على حق الانفصال الذي نال اهتماماًعالمياً كبيراُ هو مثال قضية انفصال اقليم كتالونيا عن اسبانيا في اواخر سبتمبر 2017 .

ثانياً: في القرن العشرين
شهد العالم نزاعات انفصالية عديده أشار اليها مارفيك Marvic وهو حقوقي مجري وحددها بستين نزاعاُ انفصالياُ لم يحل نصفه حتى عام 2012. وسنبحث في الفقرة التالية ابرز حالات الانفصال عن دول أعضاء في الأمم المتحدة. وسننهي اللمحة التاريخية عن الانفصال في القرن العشرين بالتطرق الى مواقف الدول الكبرى من محاولات بعض اقاليمها للانفصال عنها.

أ‌- أبرز حالات الانفصال بعد تأسيس الأمم المتحدة
يمكننا الاشارة الى أبرز حالات الشعوب التي نجحت في الانفصال وتحقيق استقلالها الوطني بعد تأسيس الأمم المتحدة على النحو التالي:
- انفصال الباكستان عن الهند
انفصلت باكستان عن الهند في 16 اغسطس 1947 وقبلت باكستان في الأمم المتحدة في 30 سبتمبر 1947. وبذلك اصبحت عضواً رسمياً يتمتع بكافة حقوق العضوية في المجتمع الدولي. وكان انفصال باكستان يجسد أول وابرز هذه الحالات بعد خمود نيران الحرب العالمية الثانية وقيام منظمة الأمم المتحدة.
الملاحطة الجديرة بالاشارة أن استقلال باكستان تم بناء على قرار بريطانيا بتفسيم مستعمرتها السابقة التي كانت تسمى الهند البريطانية الى دولتين هما جمهورية الهند وجمهورية باكستان اللتان اعلنتا استقلالهما في 15 اغسطس 1947 و16 اغسطس 1947 على التوالي.
ورغم التقسيم البريطاني للهند البريطانية الى دولتينن، إلا اننا يمكننا القول مع ذلك بأن استقلال باكستان قد تم باتفاق بين الجانبين الهندي والباكستاني نطرا لاعترافهما المتبادل باستقلال كل منهما، الذي لم يمنع تصارعهما لاحقا حول عدد من القضايا تتعلق بالاقليم التي ينبغي أن يكون جزءً من باكستان. وويمثل نزاعهما حول اقليم كشميرابرز فضية تمثل هذا الصراع الهندي الباكستاني الذي لم يتوقف حتى اليوم ،والذي بسببه خاضت الدولتان حرب شاملة بينهما في عامي 1948 و 1965، كما يمكن اعتباره احدى الخلفيات التي حدت بالهند الى تأييد انفصال بنجلاديش وخوض حرب ضد باكستان في عام 1971 بسبب ذلك التأييد.
- انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة
في 28 سبتمبر 1961 اعلنت سوريا انفصالها عن الجمهورية العربية المتحدة. ونلاحظ في حالة هذا الانفصال انه اخذ طابع استعادة سوريا لشخصيتها الدولية المستقلة كدولة كاملة السيادة ومقعدها السابق في الامم المتحدة. .ونلاحظ ثانياً أن هذا الانفصال لم ينتج عنه القضاء على وجود الجمهورية العربية المتحدة، رغم كون مصر اصبحت بعدئذ الاقليم الوحيد فيها، ذلك لأن الجمهورية العربية المتحدة استمرت بالوجود واعترفت دول العالم بها. واحتلت مصر المقعد المخصص للجمهورية العربية المتحدة في الأمم المتحدة حتى عام 1971 عندما اعلن عن قيام جمهورية مصر العربية كما استمرت سوريا في الاحتفاظ بمفعدها السابق في الأمم المتحدة منذ عام 1961 وحتى اليوم .
- انفصال سننغفورة عن اتحاد ماليزيا
يتميز انفصال سنعفورة عن اتحاد ماليزيا بأن الطرف المسئول عن هذا الانفصال لم يكن الطرف الذي أنفصل عن الكيان الاتحادي بل كان المسئول عنه هو الطرف الاتحادي ذاته أي الحكومة الفيدرالية الماليزية.
ففي 16 سبتمبر 1963 أعلن عن قيام دولة اتحاد ماليزيا من اربع مقاطعات هي اتحاد الملايو وسنغفورة وسرواك وبورنيو الشمالية. ولكن هذا الاتحاد سرعان ما اصبح مسرحاً لنزاعات ايديولوجية واقتصادية، وعلى وجه الخصوص نزاعات عرقية حادة بين الاغلبية الصينية والاقلية الملاوية في جزيرة سنغفورة، فاندلعت مواجهات عرقية دامية بينهما في اثناء إجراء الانتخابات الفرعية في سنغفورة عام 1964التي اجريت في اعقاب الانتخابات العامة الماليزية. وكرد فعل عليها اعلن تنكو عبدالرحمن رئيس وزراء الماليزي آنذاك طرد سنغفورة من الاتحاد الماليزي.
- انفصال باكستان الشرقية (بنجلاديش)
انفصلت بنجلاديش عن جمهورية باكستان السابقة التي كانت تضم جزئها الشرقي المعروف بباكستان الشرقية وجزئها الغربي الذي عرف بباكستان الغربية التي تبعد عن الجزء الشرقي بآلاف الاميال وكانت الهند تفصل ما بين الجزئين الشرقي والغربي لباكستان.
وفد اجريت انتخابات عامة في باكستان بجزئيها الشىرقي والغربي، كان من نتيجتها فوز الحزب الاكبر في باكستان الشرقية باغلبية المقاعد في برلمان باكستان نظراً لأن سكان باكستان الشرقية كانوا بعددهم البالغ 62 مليون نسمة آنذاك يفوقون عدد سكان باكستان الغربية الذي كان بيلغ 56 مليون نسمة.
لذلك اراد حزب باكستان الشرقية أن يشكل الحكومة في باكستان بأسرها بسبب حيازته للأعلبية البرلمانية،إلا ان سياسي باكستان الغربية، الذين كانوا يسيطرون على الحكومات المتعاقبة لباكستان منذ استقلالها رفضوا التسليم بهزيمتهم. وسرعان مانشبت الحرب بين شطري باكستان انتهت بفصل باكستان الشرقية واعلانها دولة مستقلة باسم بنجلاديش، بسبب دعم الهند عسكرياً وماديا ومعنوياً للبنجاليين في باكستان الشرقية.
وهكذا نلاحظ في قضية استقلال بنجلاديش أنه جاء نتيجة لثلاثة أسباب: اانتخابات برلمانية وحرب أهلية ودعم هندي خارجي.
- انحلال الاتحاد السوفيتي
يعود انحلال الاتحاد السوفيتي الى اعلان منسك الشهير في 8 ديسمبر 1991 الذي ادى الى انتهاء وجود الاتحاد السوفيتي كدولة يمستقلة حلت محله خمسة عشر دولة مستقلة. وكانت دول البلطيق الثلاث استونيا ولاتفيا وليتوانيا اضافة الى جورجيا وارمينيا قد بدأت سعيها نحو الاستقلال قيل عام 1991 بسبب تميزها بالتمتع باستقلال واقعي عن الاتحاد السوفيتي قبل عام1991.
واحتفظت روسيا التي اصبحت تسمى الاتحاد الروسي بمقعد الاتحاد السوفيتي بالأمم المتحدة، كما استفادت روسيا البيضاء واوكرانيا من وضيعتهما الدولية السابقة كعضوين من اعضاء الأمم المتحدة، وقبلت الدول الأحدى عشر الأخرى كأعضاء جدد في الأمم المتحدة خلال الفترة 1991-1992.
وهكذا تم اضمحلال الاتحاد السوفيتي برضا الدولة السوفيتية وبمعاهدة دولية.

- انفصال الدول عن يوغسلافيا
شهد النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين تفكك يوعسلافيا السابقة، التي كانت تسمى جمهورية يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية التي كانت تضم ست جمهوريات متحدة في إطارفيدرالي الى خمس دول مستقلة، اربع منها انفصلت عنها عام 1991في اعقاب حروب أهلية اتسمت بعنف شديد واصبحت دول مستقلة هي سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا. وبقيت في اطار الاتحاد اليوغسلافي السابق دولتان فقط هما صربيا والجبل الاسود اللتان احتفظتا اولا بأسم يوغسلافيا ثم اتخذتا اسماً جدديداً لهما هو جمهورية صربيا والجبل الاسود. وقد قبلت عضوية كل من سلوفينيا و كرواتيا والبوسنة والهرسك في الأمم المتحدة قي عام 1991 وتبع ذلك قبول عضوية مقدونيا سنة 1993.
- انحلال دولة تشيكوسلوفاكيا
تفككت دولة تشيكوسلوفاكيا التي وجدت لأول مرة عنذ انهيارالامبراطورية النمساوية في عام 1918وانشطرت الى دولتين مستقلتين هما جمهورية التشيك وجمهورية السلوفاك في عام 1993 وقبلتا في عضوية الأمم المتحدة في يوم واحد هو التاسع عشر من يناير عام 1993.
ونلاحظ على الحالة التشيكوسلوفاكية ان انفصال الدولتين تم سلمياً وبناء على اتفاقهما عليه.
وختاما لهذه الفقرة نلاحظ ان بعض حالات الانفصال في هذه الدول تم بأسلوب سلمي سواء اتخذ ذلك الاسلوب شكل المعاهدة الدولية او الاستفتاء أو بأسلوب عنيف تجلى بنشوب حروب أهلية بعضها إتسم بعنف بالع الضرواة، وان الأمم المتحدة تدخلت في اجراءات انفصال بعضها فقط.
- انفصال اريتريا عن اثيوبيا
بعد نضال مسلح ضار اتسم بالديمومة لحوالي الثلاثين عاما استطاع الشعب الاريتري انتزاع استقلاله الوطني وتكوين دولة مستقلة خاصة به، على الرغم من أن ميثاق منظمة الوحدة الافريقية ومواقف دولها لم يدعمه في كفاحه الطويل لنيل استقلاله.
ويلاحظ على الانفصال الاريتري انه انجز نتيجة ثلاثة عوامل أولها: واكثرها أهمية الكفاح الطويل للشعب الاريتري الذي استمر ثلاثين عاماً دون كلل او ملل. وثانيا : أنه بسبب الحرب الطويلة التي خاضتها اثيوبيا الامبراطورية أولا والاشتراكية لاحقاً ثارت شعوب اخرى على الدولة الاثيوبية كان ابرزها شعب الاورومو الذي كان يدعم استقلال اريتريا بل وتحالف مع الحركة التحررية الاريترية وتمكن بعد خوض حرب عصابات من تولي مقاليد الامور في اثيوبيا مما ادى به ذلك الى الاعتراف باستقلال اريتريا، وثالثاً: ان الاستقلال الاريتري تم ايضا نتيجة استفتاء الشعب الاريتري حول استقلاله عن اثيوبيا وشاركت الامم المتحدة مشاركة فعالة في تنظيمه.
وهكذا نجد أن تحقيق الانفصال في الدول التي سردناها اعلاه قد تم اما بناء على اتفاق الجانبين في حالة باكستان وسوريا وتشيبكوسلوفاكيا أو بطرد احد اعضاء الدولة الاتحادية في حالة سنغفورة أو من جانب واحد مع دعم خارجي في حالة بنجلاديش أو بمعاهدة دولية ورضا الدولة الاتحادية ذاتها في حالة الاتحاد الروسي اونتيجة لحروب أهلية داخلية وتدخل الأمم المتحدة في حالة يوغسلافيا.
وفي الحقيقة فإن الطابع العنيف أو السلمي للانفصال يعتمد على عدة عوامل ليس مجالنا هنا الخوض فيها لكن مع ذلك ربما يكون أهمها في رأينا ميزان القوى بين الدولة السابقة والحركة الانفصالية وانخراط الدول او عدم انخراطها في النزاع الانفصالي.
ب‌- مواقف الدول الكبرى من محاولات اقاليمها المطالبة بتقرير المصير والانفصال
يلاحظ انه بسبب وجود حركات انفصالية داخلية في اراضي الدول الكبرى وبسبب اختلاف مصالحها مع بقية دول العالم، فإن هذه الدول تميز في مسألتي تقرير المصير والانفصال بين تطبيقهما في سياستها الداخلية مع اقاليمها وبين سياستها الخارجية. ويمكن القول على وجه العموم بأن مواقف الدول الكبرى تتباين بين مؤيد ومعارض لحق تقرير المصير والانفصال في علاقاتها مع بقية دول العالم، بينما تتخذ موقفا يمكن لنا وصفه بأنه مناهض لمنح اقاليمها الداخلية حق تقرير المصير والانفصال وان كانت هذه المعارضة آخذة بالتلاشي في الدول الانجلو ساكسونية باستثناء الولايات المتحدة الامريكية.
وسبب معارضة الاتحاد الروسي تعود الى وجود مشكلات متفجرة في بعض اقاليمها كالشيشان وشبه جزيرة القرم وتتارستان واسوتيا. وقد استطاعت روسيا انهائها بواسطة اللجؤ الى حلول سلمية ضمنت لها وحدة اراضيها.
وفي الولايات المتحدة الامريكية وجدت محاولات صغيرة وهامشية للانفصال في كل من فيرمونت وكاليفورنيا والاسكا وهواي وبورتوريكو. وكانت هواي وبورتوريكو تظهر في وثائق الامم المتحدة على أنها اراض لا تتميتع بالحكم الذاتي في عام 1946، إلا أن الولايات المتحدة نجحت بعدئذ في حذفها من وثائق الأمم المتحدة. ويلاحظ في هذا الصدد لجوء الولايات المتحدة الى قضائها الوطني ممثلا بالمحكمة العليا الامريكية لرفض مطالب الانفصال بحجة ان الدستور الامريكي بعد الحرب الاهلية الامريكية يمنع الانفصال.
اما بريطانيا فنلاحظ أنها تعاني من مشكلتي انفصال ايرلنده واسكتلندا، إلا أنها ستطاعت حلها عن طريق الحلول السلمية المجسدة بالاتفاق مع الحركت الانفصالية وبتطبيق مبداء استفتاء سكان اسكتلندا على الانفصال عن طرق التشريع. وهنا يظهر تأثير التجربة الكندية على التشريع الدستوري البريطاني كما سنرى لاحقاً.
وبالنسبة لفرنسا فإنها تعاني من مشكلة كالدونيا الجديدة قبل الاتفاق الاخير على حلهابالاستفتاء الذي اجري قبل بضعة اسابيع وكانت نتيجته تصويت اهالي كتالونيا الفرنسة بالبقاء ضمن اراضي فرنسا ورفض الاستقلال غنها. كانت تعتبر كالدونيا الجديدة من الاقاليم التي لا تحكم نفسها. وبالمقابل نلاحظ ضآلة الدعم الشعبي لحركات الانفصال في كل من جزيرة كورسيكا وبلاد الباسك الفرنسية وجويانا وبولينيزيا والمارتينيك وجوادلوب.
واخيراً فإن الصين الشعبية تعاني من قضايا التيبت وهونج كونج التي استطاعت حلها سلمياً وبالنسبة لهونج كونج عن طريق الاتفاق مع بريطانيا على منحها حقوقا سياسية واقتصادية متميزة ضمن شعار دولة واحدة بنظامين.
ويتجلى موقف الصين بتمسكها بوحدة اراضيها وسلامتها الاقليمية في علاقاتها مع تايوان التي تعتبرها جزءاً من أراضيها وعلى هذا الاساس ترفض الاعترف بها او بعضويتها في الأمم المتحدة.