آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 03:21 ص

كتابات واقلام


التغيير الحكومي وحراك التسويات والحلقة المفقودة

الإثنين - 12 فبراير 2024 - الساعة 08:38 م

قاسم عبدالرب عفيف
بقلم: قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


بالتوازي مع تغيير رئيس حكومة الشرعية  يجري حراك سياسي في اليمن من خلال ظهور المبعوثين الأمريكي والأممي في بعض العواصم العربيه المنخرطة بالتسوية التي  تعثرت  لفترة وجيزة بينما حرب الممرات التي انخرط بها  الحوثي مستمره في البحر الأحمر وكذا ازدياد الأعمال  القتالية على طول خط المواجهة مع الحنوب ومن جانب آخر يقوم التحالف الغربي بتوجيه  ضربات جوية لمناطق الحوثي  كل ذلك النشاط السياسي والحربي يجري في وقت واحد وكاننا تشاهد فيلم  هندي  معد بعناية فائقة والسؤال كيف سيتم جمع اطراف الأزمة والمشهد السياسي والعسكري مبعثر ولا يجمعه  اي جامع وكل حدث منفصل عن الاخر هل نحن امام مسرحية اعدت سلفا وتجري فصولها تحت اشراف مخرج عالمي واقليمي وهل يستطيع ان يصل إلى النهاية التي يريدها ًويتم فرضها  على واقع لا يتحمل الكثير  من فصولها ؟ 

الحوثي انقلابي وتحركه اجندات اقليمية لا علاقه لها بالمجتمع اليمني والشرعية كطرف اصبحت في العناية المركزة ولا تستطيع ان تؤثر على الواقع التي هي فيه وتستمد ديمومتها من الدعم الاقليمي والدولي ومجلس انتقالي يمثل الجنوب مقيد في شراكه مع الشرعية المغيبة ويشاهد معاناة شعب الجنوب ولكنه غير قادر على رفعها او ازالتها  بسبب عدم تمكنه من ادارة شؤون الجنوب بشكل مستقل حتى الان.

   امام هذه التعقيدات التي نراها امامنا  يرتسم مشهد  سياسي وعسكري متناقض كيف سيتم ادارة تسويات دون الخوض في تفاصيل ذلك المشهد المعقد هل سيتم  فرض تسويات سياسية من بنات افكار الدول المنخرطة بالتسوية ؟ وهل ستكون ملائمة لما يجري على الواقع؟ وما هي الضمانات التي يمتلكها رعاة مشروع التسوية لتحقيقها  ؟ هل سيتخلى الحوثي عن مشروعه السياسي لصالح المشروع الوطني اليمني ؟ وهل الشرعية ستتخلى عن مشروعها الوطني لصالح المشروع الحوثي؟  وهما مشروعان متناقضان وهل الانتقالي سيتخلى عن مشروعه  السياسي لاستعادة دولة الجنوب للمشاريع اليمنية والحوثية ؟ اعتقد ان في الأمر صعوبة بالغه واذا عدنا للتاريخ القريب نجد ان كل المشاريع اليمنية حوثية وشرعية تلتقيان عند نقطة واحدة وهي اعادة الجنوب إلى باب اليمن ودليلنا قيامهما بغزو الجنوب في 2015 بتحالف الحوثي وعفاش وسيروا الجيش اليمني لاحتلال عدن والجنوب وفي ذات الاتجاه الشرعية سيرت جيشها من مارب لغزو عدن في عام 2019 م لم يستطيعا فرض ارادتهما اذاً  كيف ستجمع ممثلو تلك المشاريع  على طاولة حوار واحدة ولديهم مشاريع  متناقضة ولا اعتقد ان يقبل الانتقالي ان يجلس على طاولة واحدة معهم قبل ان تتوضح المشاريع التي يحملها كل منهم ومن الخطأ ان يذهب الانتقالي  للمفاوضات ضمن مشروع الشرعية الذي يتناقض مع المشروع الجنوبي وان ذهب فهو الخاسر الأكبر لانه قد تصل الشرعية والحوثي إلى تفاهمات ويضعون الانتقالي بالزاوية اما يقبل بمشروعهم  المشترك او يرفض وهنا سيصطدم  مع الرعاة الاقليميين والدوليين  وسيعتبرونه  متمرد ويفرضون عليه عقوبات.
      
  من يعتقد بانه سيحقق اختراق سياسي على الطاولة بعد ان عجز عن تحقيقها في ميدان المعركة فهو واهم  ولكن احقاقا للحق يجب ان يأخذ  كل مفاوض الحيز الذي يتناسب مع حجمه على الارض وبالتالي سيكون من المنطقي ان يكون الحوار جنوبي شمالي وما على الشرعية إلا ان تذهب للتفاوض مع الحوثي وبقية القوى السياسية الاخرى  للوصول إلى حلول وتفاهمات حول شكل الدوله هناك وبعدها  يشكل  وفد مشترك من الحوثي والشرعية للتفاوض مع  الانتقالي والقوى الجنوبية الأخرى وعندها سيكون التفاوض بين شمال وجنوب اما غير ذلك  فالتسوية التي يسوق لها الاقليم والعالم بهذا المنهج  غير عادلة وغير منطقي  سيكون مالها الفشل .

          هناك اجماع جنوبي على استعادة الدولة الجنوبية وان شذ نفر قليل من الجنوبيين فانهم لا يمثلون إلا انفسهم وأحزابهم ذات المنشأ الشمالي ولا علاقة للجنوب بهم  فالطريق الأمن  ان يجري  التفاوض على اس المشكلة وهي معضلة   الوحدة الفاشلة بين الجنوب والشمال وكل ما  طرأ بعد ذلك لا يتعدى تفاصيل لفشل القوى السياسية اليمنية التي لم ترتق بعد إلى مستوى المسؤلية التاريخية وادخال البلاد والعباد في حروب طاحنة هذا التفاوض يمكن ان يقود إلى مصالحة تاريخية بين كافة القوى السياسية في اطار كل من الجنوب والشمال وبعدها لبناء الثقة للعيش المشترك بين الجنوب والشمال في امن واستقرار ووئام  في دولتين متجاورتين تسهمان في أمن الاقليم والعالم .

قاسم عبدالرب العفيف
11/2/2024