آخر تحديث :السبت - 04 مايو 2024 - 08:04 ص

كتابات واقلام


رمضان كاشف المكشوف والعيد رفع غطاء المستور

السبت - 13 أبريل 2024 - الساعة 12:06 ص

سعيد أحمد بن إسحاق
بقلم: سعيد أحمد بن إسحاق - ارشيف الكاتب


عام 2024 عام تعري الاحوال وإنهيارها، رفعت الاغطية وهدمت السواتر، فلم تعد أبواب البيوت أبوابا للبيوت أسرار وانما أبوابا للإيحاء والزينة.

جاء رمضان بهلاله كاشفا لكثير من البيوت، عاش الناس في ضيق، عاجزا عن متطلبات رمضان، وقف فيها الموظف ساهيا فيما يعمل وحائرا في راتب لا يعطيه لأبسط الحاجات، ومتحسرا في نظرة عطف لعل احدا ينصفه في علاوة أو حافز أو في سلة متواضعة جدا كبقية بعض المرافق، لم يجد كثير من الموظفين من نقابة تذكره أو من موزع للسلل الغذائية أن تعينه وتغيثه.

إن رمضان 2024 كان متميزا عن اعوامه السابقات، كاشفا للاحوال أكثر مما مضى، تسللت السلل عبر طرق الكشوفات المقيدة، المغلقة؛ كالتي كانت، عميت الابصار عن آلية تداول العملة المحلية حتى أصبحت إسما فقط بالسوق، لا مقام لها بين العملات ولا حشمة،ولا في مظهر واحد؛ ولا في حجم موحد.. فالريال السعودي سلطان بأسواقنا تضرب له التحية، ومن لا يملكه لا يملك نفسه.
لقد كشف رمضان بأن الاسر بأسرها محتاجة تعدت 80% قابلة للزيادة بوتيرة متسارعة، فيها من القسر والقهر يقف أمامها المواطن امام كرامته منكسرا، فلم يعد بالوطن مساواة والذي يعد احد أهداف التنمية المستدامة الذي يتوجب على الدولة تحقيقها إن أراد السير مع دول العالم للوصول الى التنمية المستدامة. لقد كشف رمضان ما وجب كشفه، تعرت البيوت ومحي المثل القائل ( البيوت أسرار) فلم يعد هناك أسرار بين الديار في ظل شطحات كذابة؛ ومظاهر اشبه بمسلسلات رمضان بالشاشة ومن يربح المليون.

وجاء العيد ليرفع الغطاء الساتر، فاضحا بما يدور ويدار من عشوائية تخلو تماما من الاخلاق، أظهرت الأيادي العابثة،المتسيدةفي الفساد التي اظهرت تأثيراتها في معاناة المواطن وحرمانه من أشياء كثيرة كان يتعاطاها في اعياده.
عيد أظهرت الهوة التي نعيشها ونتعايشها وبقيت بلا حلول .. فما أقسى ومرارة صفحاتها، نلامس شقاءها ولا نرى بصيص امل في علاجها من خلال الرؤى للواقع.

عيد 2024 رفع فيها مقام الكبوش والماعز لدرجات مضاعفة لم تكن بالحسبان، خارج نطاق التوقعات والتكهنات، اصبح تداوله بالريال السعودي وبقي الإنسان وحده بالريال اليمني المتدهور يطحن،و بقي المواطن وحده بلا حماية لأنه مستهلك.. إن الحرب جعلت كثير من المواطنين وخاصة الموظفين ذوات الاجور المتدنية وهم من مرافق معروفة للدولة بسقف أجورها، ألسنا في ظل غياب المساواة من مرفق لآخر؟ ماالذي جعلت اسعار الأغنام ترتفع أضعاف الاضعاف عن العام الماضي؟ ليس من المعقول ولا المنطق ان يرتفع سعر الذبيحة الى ثلاثة أضعاف راتب الموظف، بل اكثر.. فكيف بالله امام هذا الغلاء الغير الطبيعي ان يعمل ذوات الدخل المحدود؟ ليس امامه إلا ان يشتري الدجاج البرازيلي المجمد.. ويتحسر ويتألم مما يسمع أطفاله سجية براءة الاطفال؟ فهل فكر المعنيون للحال الذي وصل إليه المواطن أم انهم نسوا مما هم في عيش رغيد؟ المواطن يريد الحلول لا التهريج.

لقد سئم الواحد فينا الكنترول عن بعد..نهبت ثرواتنا ولم يبقى لنا فيها شئ، لعب بها السماسرة لمصالح ذاتية، لم تقتصر على الثروة المعدنية وإنما طالت الثروة الحيوانية والسمكية التي تباع علنا بإغراءات مجزية لدول الجوار، حتى قرأنا ان عمان طلعت في آخر تقرير انها الاولى بتصدير الاسماك ذات الجودة العالية على حساب ثروتنا السمكية المشتراه التي تنسبها إليها.؛ يتم شراء الكيلو الصيد من الصياد (النقوه رقم 1 بفتح النون وسكون القاف وفتح الواو: كلمة يتم تداولها من قبل المشتري) بمبلغ (4000 ريال يمني) مبلغ لا يساوي شئ امام الريال العماني ولكنه مبلغ كبير بالنسبة للصياد وتخسر أسواقنا توافره ويتمنى المواطن تذوقه أو رؤيته، آلاف الاطنان من الصيد ذات الجودة العالية تٌنهب بأبخص الاثمان والذي يجب الحفاظ على الأمن الغذائي، فمن يوقف هذا الهدر والاستنزاف للثروة الغذائية وللنقد الاجنبي.... فيها الضحية الوطن والمواطن الجنوبي؟
ان الجنوب يواجه حروبا تنوعت فيها الوسائل في ظل الانفلات للسيادة.. يحتم على الجميع التأمل للاوضاع جيدا.
إن الأوضاع بالجنوب قد عكست نفسها بالوقائع الملموسة وتأثيراتها على المواطن المقيم بدرجة أساسية لأنها أقبلت على المتغيرات فأدركت حقيقتها وأستدلت بظواهر الأحداث على ماوراءها وعلى الانسان بذاته أن يسير من وراء هدي الأوضاع، فيحب الخير إن أثبتته الأوضاع بأنه خير ويكره الشر أن أثبتته الأوضاع بأنه شر، فمتى ننظر بنظرة ثاقبة لحماية أنفسنا من شر مستطير عاث بالثروة الوطنية فسادا وتدميرا؟ لقد ظهرت تأثيراتها القاسية على المواطن في حياته المعيشية والصحية والخدماتية بصورة جلية، ولابد من وقفة لاتخاذ القرار الذي يحسم امره ومصيره، وقد اثبتت السنوات العجاف ومازالت، ان القرار بيد الشعب بكامل شرائحه بالانتفاضة على طول الجنوب وعرضه، وان تقوم قواتنا الجنوبية على طول الحدود حامية ومدافعة، وساندة للثورة الشعبية حتى استعادة الدولة، ولا يمنع ذلك من الاتفاق والمعاهدة مع اي دولة عظمى في سبيل ذلك.. وللدول تجارب علينا تدارسها للاستفادة منها؛ كفى (السيلة من جعيمة والجمالة لسر).