آخر تحديث :الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - 04:55 م

كتابات واقلام


ذكريات لا تُنسى لعيد الأضحى

السبت - 07 يونيو 2025 - الساعة 04:00 م

حسين أحمد الكلدي
بقلم: حسين أحمد الكلدي - ارشيف الكاتب


إنه يومٌ خاصٌّ واستثنائيٌّ لكل العالم الإسلامي، فيه تتجدد الذكريات الجميلة، وتختلف تفاصيلها باختلاف الزمان والمكان، كلٌّ حسب ظروفه. فهذا اليوم بالنسبة لي لم يمر في حياتي مرور الكرام، ولم يكن يومًا عادي عابرًا كبقية الأيام أو كسائر الأعياد، لكنه ضل محفورا في ذاكرتي لا أنساه كان ذلك في العام 68م، عقب رحيل والدي المفاجئ عنا رحمه الله عليه تركنا في رعاية والدتي التي تحملت على كاهلها كامل المسؤولية الكبيرة. فقد كنت معها عند أول تحدي حصل لها فكان صعبا للغاية معنويا ونفسيا فرأيتها تذرف الدموع بصمت وبحرقة والم شديدين وتدور افكارها في تلك اللحظة عن مخرج من ذالك الموقف لانه حدث في وقت حساس جدا والخيارات امامها تكاد تكون معدومه والناس يتشاركون لحوم الأضاحي ذلك الوقت كلٌّ حسب طلبه وإمكانياته والحجز.للعيد مسبقا لكن أخبرها الجزار بأنه نسيها سهوٍا منه، ولم يترك لها طلبها فكانت الصدمة كبيرة لها لأن اطفالها لايفهمون ماحصل لها والعالم كله عيد . ولاكن الله لايضيع أجرا من أحسن عملا منذ تلك اللحظة اتخذت قرارها وحزمة امرها بانها لاتتشارك مع أحد في مستقبلها بل كانت تدير أمورها بنفسها، وتربي الأغنام، ولا تحتاج أو تضطر للمشاركة . وتلك كأنت طريقة تصرفها عند الإخفاق في الحصول على متطلبات الحياة فهي تقوم بمواجهتها بحزم، وتخطيط مسبق حتى لا تعود مرة أخرى لما حصل لها في السابق أبدًا.وخلال مواجهتها وتصديها لتلك الصعاب في تلك الرحلة الشاقة التي قطعتها، كان تصميمها حازمًا وباصرار على أن تجتاز تلك المرحلة وتعبر الى الضفة الأخرى، من خلال مواجهة مخاوفها. وكلنا يمر بشعور الخوف، وهذا شعور طبيعي وعادي نواجهه جميعًا.حينها، كانت في مقتبل العمر، ولم تمر بتجارب سابقة كتلك التي حدثت لها حتى تساعدها في فهم المرحلة. ولكن تُعتبر هذه أول تجربة واجهت بها الظروف الصعبة وجهًا لوجه.بالطبع، هي كغيرها تشعر بالخوف، لكنها ليست كالبقية؛ فقد تصدّت له وقامت بمواجهته، فهي من الناس القلائل الذين يتمتعون بقدر كبير من الإيمان، والعزيمة وقوة الارادة والإصرار ومن الذين لا يشعرون بالخوف ولا يسمحون له بالتسلل إلى نفوسهم فيمنعهم من القيام بأي عمل يريدون فعله لتحقيق أحلامهم.وعلى مدار السنين وطيلة حياتها التي تلت تلك الواقعة، كنتُ مرافقها على الدوام، وكنت المتحدث مع الاخرين مباشرة جعلتني في الواجهة وهي التي ترشدني بما يجب عليَّ فعله مسبقًا، وتعطيني التعليمات، وهي تكون مستمعة لما يحدث.ولكني أخذتُ زمام أمور المبادرة في الحياة الخاصة بعد سن العاشرة، وكنت أعمل في كل المجالات التي كانت متاحة أمامي. فكانت لا تحد من طموحي. وهنا تذكرت احد الكتاب حول السلطة يقول (يتم الحصول على السلطة عن طريق المنح 20%، وعن طريق الأخذ 80%، فلذا خذها.)"يعني لاتنتظر . وبهذا تحولنا، بفضل الله وتخطيطها الملهم إلى أسرة منتجة تدير شئونها بشكل مستمر، فقد ساعدتنا على تطوير أنفسنا جميعًا لتحقيق الاستقلالية الكاملة،عندما أوفدتنا إلى المدارس، وقامت بتوفير كل متطلباتنا بشكل نموذجي ولهذا يجب أن تعلم أن وراء كل إنجاز عظيم قصة من التعليم، والتدريب، والممارسة، والانضباط، والتضحية. ولكن من المهم أن تكون مستعدًا لدفع الثمن. فالألم يكون مؤقتًا، والمكاسب تدوم إلى الأبد. هذه هي الحياة الشخصية في أول معضلة قابلتها بحق، عندما رأيت والدتي في حزنٍ شديد، في يومٍ كان العالم الإسلامي كله يحتفل لأكبر حدث الا وهو عيد الأضحى. وتلك التجربة المؤلمة التي عشتها مع والدتي وإخواني لا تزال تمر في ذاكرتي كلما أتانا عيد الأضحى، فكانت معظمها دروسًا اعيشها على الدوام، وبفضلها تعلمنا كيف نتخطى الصعوبات التي تواجهنا طيلة الحياة التي منحنا الله إلى يومنا هذا.