آخر تحديث :الأربعاء - 24 ديسمبر 2025 - 12:29 ص

الجنوب الحقيقي والحل الوحيد لاستقرار اليمن والمنطقة

الثلاثاء - 23 ديسمبر 2025 - الساعة 10:22 م

بقلم: صالح حقروص - ارشيف الكاتب

تابعونا على

التصريحات الأخيرة المنسوبة لنائب وزير خارجية حكومة رشاد العليمي حول احتمال تحالف الشرعية مع الحوثي ضد المجلس الانتقالي الجنوبي ليست مجرد زلة لسان، بل إشارة صادمة على الانحدار السياسي والأخلاقي لما يُسمّى بالشرعية اليمنية. فالشرعية، ممثلة بالمجلس الرئاسي، جزء من التحالف العربي الذي يخوض حربًا مفتوحة ضد الحوثي منذ عام 2015، وتكرر في خطاباتها أمام الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية أن الحوثيين جماعة إرهابية وذراع إيرانية وانقلابية وخائن للوطن والشعب.

كيف يمكن لنفس الجهة أن تتحول فجأة إلى حليف للشريك الذي دُمّرت المدن على يديه وسالت دماء اليمنيين؟ هذا التناقض الفج يمثل انتحارًا سياسيًا واضحًا وحالة إفلاس أخلاقي ووطني. هل بلغت الشرعية هذا الدرك من السقوط حتى باتت مستعدة للتحالف مع الحوثي عدو الأمس واليوم نكاية بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وانتقامًا من إرادة الشعب الجنوبي؟

ولا يوجد أي تفسير منطقي لهذه التصريحات سوى أنها رسالة تهديد مباشرة للسعودية، مفادها أن قوى الشمال قد تلجأ إلى خيارات عبثية، حتى التحالف مع الحوثي، إذا لم تُلبَّ مطالبها أو تُحقَّق أطماعها في الجنوب. هذا الطرح يوضح حجم العجز الأخلاقي والسياسي للشرعية، ويؤكد أن أي محاولة للضغط على التحالف العربي أو ابتزازه بهذه الطريقة هي أمر مستحيل، لأن السعودية والإمارات لن تقبل أن يتحول شريكها السياسي إلى طرف يفتح أبواب العدو على نفسه، مهما كانت الحجج أو المغريات.

والمفارقة الأشد وضوحًا هي أن الشرعية تحاول فرض تسويات على حساب الجنوب، بينما كيف يمكن القبول بترضية طرف في الشمال غير مخلص مع التحالف على حساب طرف مخلص ووفي في الجنوب؟ الجنوب الذي حرّر أرضه بنفسه ووقف دائمًا إلى جانب التحالف العربي ليس مجرد حليف عسكري، بل شريك استراتيجي يمكن الوثوق به في حماية الأمن والاستقرار الإقليمي والملاحة الدولية. أي محاولة لمنح الشمال امتيازات على حساب الجنوب تعكس إفلاسًا سياسيًا وأخلاقيًا، وتهدد التحالف نفسه وتبعثر كل جهود استعادة الدولة والمفاوضات السياسية.

ومع ذلك، ربما جاء التصريح نتيجة صدمة أمام واقع الجنوب العربي الذي ينهض من تحت الركام، وينفض غبار التهميش، ويشق طريقه بثبات نحو استعادة دولته ومكانته على الأرض. في مثل هذه اللحظات، تشبه التصريحات الانفعالية المفرقعات: صوتها عالٍ لكنه قصير الأثر، وما إن تهدأ النفوس حتى يعود العقل إلى موقعه الطبيعي، ويصبح من المستحيل على أي عقل سياسي التحالف مع الحوثي، مهما كانت المغريات.

الخلاصة واضحة: دعم استقلال الجنوب وعاصمته عدن ليس خيارًا انفصاليًا، بل الحل الواقعي والوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار على المدى الطويل، وتمكين اليمن من تجاوز سنوات الصراع والفوضى. دولة جنوبية مستقرة وقوية يمكن أن تفتح الطريق لتحرير صنعاء، إذا وجدت الإرادة الوطنية الحقيقية في الشمال، بعيدًا عن الحسابات الانتقامية والمصالح الضيقة.

الجنوب العربي المستقل والوفي للتحالف العربي هو الطريق الأمثل للسلام والاستقرار، بينما استمرار الشرعية الحالية على ما هي عليه يمثل خطرًا على اليمن والمنطقة بأسرها. الزمن تجاوز الانفعالات السياسية، والواقع يفرض نفسه بقوة: الجنوب قوة، والشرعية الحالية في مأزق لا مفر منه إلا عبر إعادة ترتيب المشهد السياسي وفقًا لما فرضه التاريخ والأرض.

الصحفي صالح حقروص
2025/12/23م

مواضيع قد تهمك

اتحاد أدباء وكتّاب الجنوب : نجدد التأييد لكل الإجراءات والخط ...

الثلاثاء/23/ديسمبر/2025 - 09:08 م

جدّد اتحاد أدباء وكتّاب الجنوب التأييد الكامل لما أقدمت عليه قيادة المجلس الانتقالي وما شرعت فيه الوزارات والسلطات المحلية والمؤسسات من إجراءات وخطوات

أسعار صرف الريال اليمني مساء الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 ...

الثلاثاء/23/ديسمبر/2025 - 07:54 م

سجل الريال اليمني استقرار مقابل العملات الأجنبية، مساء اليوم الثلاثاء 23 ديسمبر 2025م ، في أسواق الصرف بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة. وحسب مصادر مصر

محلل سياسي : إتفاقية مسقط تظهر معالم التحالفات الجديدة التي ...

الثلاثاء/23/ديسمبر/2025 - 03:09 م

أعلن اليوم في مسقط عن التوقيع على اتفاقية لتبادل المحتحزين في اليمن تحت إشراف مكتب المبعوث الأممي الخاص لليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وأشاد سفي

عاجل / مطار عدن الدولي يعلن تأييده لخطوات الانتقالي ويؤكد جا ...

الثلاثاء/23/ديسمبر/2025 - 02:48 م

أصدرت إدارة مطار عدن الدولي، ممثلة بمدير عام مطار عدن الدولي، العميد هيثم جابر محسن، اليوم، بياناً رسمياً أكدت فيه وقوفها الكامل والمطلق خلف القيادة ا

كتابات واقلام

صالح حقروص

الجنوب الحقيقي والحل الوحيد لاستقرار اليمن والمنطقة