آخر تحديث :الخميس - 12 سبتمبر 2024 - 08:58 م

كتابات


عدن منطقة حرة بين الامس واليوم

الأحد - 11 ديسمبر 2022 - 06:36 م بتوقيت عدن

عدن منطقة حرة بين الامس واليوم

كتب / سالم الفراص

لا ريب ان فكرة عدن منطقة حرة كانت ومازالت وستبقى فكرة عابرة للحدود لكونها تنتمي لمدينة تمتلك مقومات طبيعة مكانية نادرة جعلتها تكون محل اهتمام وجذب أنظار العالم كموقع استراتيجي هام يمتلك ميناء من أكبر الموانئ الطبيعية الامنة عالميا وتتمتع بميزات وخصائص لاغنى عنها لتنمية وخدمة وتطور وسرعة حركة التجارة العالمية.
ومن نافل القول الإشارة الى إن عدن قد لعبت دورا مشهودا كمركز إمداد لوجستي تمويني اداري خدمي وعسكري فاعل إبان فترة الاستعمار البريطاني وكانت وأحدة من أهم أسباب جعلها إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس.
الا أنها كانت فترة عمد فيها المستعمر إلى تكريس دور عدن لصالح اطماعه الاستعمارية دون العمل على تطوير بنيتها وتوسع نشاطها .
لابل قد ذهب اى المستعمر إلى الامتناع و الحد من الاشتغال على دعم وتفعيل أدوارها الانسانية المنافسة الأخرى وترحيلها إلى أجل غير مسمى. استمرت إلى ما بعد الاستقلال وحتى قيام الوحدة اليمنية المغدور بها .
إذ تم لاول مرة في ال 22مايو1990م إعلان عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية..وفي 3يناير 1991م أعلن مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء في اجتماع مشترك عدن منطقة حرة وإصدار القرار رقم(209) لعام 1991م بشأن اعلان عدن منطقة حرة وانشاء هيئة لادارتها. تبعها في 25ابريل 1991صدور القرار الجمهوري رقم (49)لعام 1991م بإنشاء الهيئة العامة للمناطق الحرة.

وهكذا ظلت فكرة عدن منطقة حرة تختمر لتفرض نفسها بفعل عوامل عديدة ذاتية وموضوعية يصعب التعرض لها في سياق حديثنا هذا وإن كان من الأهمية بمكان الإشارة إلى ان أبرز هذه العوامل التي أدت إلى إعلانها منطقة حرة هي دور الرأس مال الوطني المهاجر وحضوره القوي في تلك الفترة المبكرة من الوحدة اليمنية . وهو ماشجع حينها نظام المدبرعلى عبدالله صالح الإذعان لهذه الفكرة
خصوصا وأنها سترفع من رصيده الزعامي واطماعه السلطوية.
ولقد كان التبكير في إقحام مشروع عدن منطقة حرة في المماحكات والابتزازات والمزايدات السياسيه وجعلها من أهم نقاط الصراع المبكر بين شركاء الوحدة أثره في تأخر المضي بهذا المشروع قدما خصوصا مع تصاعد النزعة الاستاثارية الاستحواذية لدى المدبر صالح ومعه القوى الدينية والمشيخية القبلية الجهوية المسيسة والتي تجلت في الغزو البربري النهبوي على جنوب الوطن وتحديدا منه حاضرته عدن وهو غزو همجي انكشفت معه كل اوراق الحكم في صنعاء كحكم قبلي عصبوي رجعي ومتخلف والذي راح الهالك صالح في تحاشي تبعاته عليه من خلال مواصلة المضي في إنجاز مشروع عدن منطقة حرة باذلا جهدا مضاعفا وصف بأنه لا ينام حتى ينجز اولى مشاريع المنطقة الحرة مصدرا توجيهاته في انتقال مجلس إدارة الهيئة العامة للمناطق الحرةإلى عدن والإسراع اعداد العروض لاستحداث جزيره على أطراف كالتكس وبنا مرسى لميناء الحاويات الحر وبالفعل اعتبرت قيادة الهيئة نفسها في حالة انعقاد دائم وحاضرة للاجابات على التليفونات القادمة من الرئاسة وهكذا استطاعت المنطقة الحرة عدن خلال الفترة من1996 -1999من تنفيذ المرحلة الأولى لمشاريع المنطقة الحرة وفي النصف الثاني من نفس العام بدأت مرحلة التشغيل.

ونتيجة لما ترتب على ذلك من اقبال واسع لمستثمرين أجانب ومحليين للاستثمار في المنطقة الحرة كانت اليابان والصين وبلدان شرق آسيا في مقدمتها.

بدأ عندها نظام القبيلة في صنعاء يستشعر خطورة نجاح هذا المشروع الذي يفضي الاستمرار فيه الى فرض واقع اجتماعي مغاير لنظام القبيلة المهترئة .وكما أن نجاحه بالمقابل سيخلق شروط لشراكات حقيقية مع نضم قريبة لن تكون فيه مؤهلة للدخول بمنافسة ترجح كفتها .
وقد وجدت هذه الأنظمة في نظام صنعاء القبلي المتشبث بالسلطة والهيمنة داعما لوقف مشروع عدن منطقة حرة وهنا كان المحفل المشيخي القبلي المتمرغ في التبعية والعمالة والمتحالف مع المحفل الديني السياسي ليمثلا معا الجسر الاكثر ضمانا لإزاحة وافشال مشروع المنطقة الحرة عدن والذي بدأ يدار التآمر على وجوده من داخل مبارز الشيخين عبدالله بن حسين الأحمر والدعي الديني الزنداني وعلى محسن منطلقين من ادراكهم ان المنطقة الحرة بمدخلاتها الحدثية صناعيا وتجاريا وتقافيا ومعرفيا سيشكل خطراً على استمرار تربعهم على مقاليد الحكم ومواصلة الانفراد بادارة شؤون الخلق . ومن أجل هذا إصدرت فتاوى تقضي بتحريم هذا النشاط وتجريم وجوده .كما اصبحت تلك المجالس المشيخية القبلية والمذهبية بصنعاء هي من تدير عمليا ملف المنطقة الحرة عدن فكان اول ماقضو به هو الضغط على شركة بن محفوظ بالتخلي عن ميناء الحاويات وتحديد التعويض له دون اعتراض بإيعاز من جهات خارجية تعمل لصالحها وهذه كانت الضربة الاولى في الاجهاز على مشروع استراتيجي هام (عدن منطقة حرة) كما واصل هذا المحفل المشيخي الديني العصبوي في مواصلة تهميش المنطقة الحرة وسحب صلاحيات وتجميد مسؤوليها ليبقى الباب مفتوحا أمامهم في منح التراخيص والمتاجرة بالأراضي وتشجيع المشاريع الوهمية فكان.وهذا طباعا بعد أن تم الغاء الهيئة العامة للمناطق الحرة واختصارها في المنطقة الحرة عدن ليسهل تواصل فكفكتها وفرض وتشجيع ودعم السطو على أراضيها ومصادرة ممتلكاتها وصرفها جارج موافقة وعلم المنطقة الحرة. كما تبع ذلك تجريد ها من أهم مشاريعها الاستثمارية وعصب وجودها(ميناء الحاويات) .

لكن المستغرب في الامر أن ما كان قد سبق وشرعه نظام المدبر صالح والمحفل القبلي المشيخي والديني الساسي من إفراغ المنطقة الحرة من محتواها ومصادرة كثير من المرتكزات الاقتصادية كوزارة النفط والاستكشافات النفطية ووزارة الأسماك وغيرها من الجهات الارادية .مايزال ساريا إلى اليوم وبعد رحيل الهالك صالح وغياب وتشتت رجالات المحفل القبلي المشيخي الحاكم .وبعد ضهور المشترك والشرعية وغيرها من المسميات التي تعاقبت على ادارة البلاد وتحديدا مدن الجنوب .
التي مازالت تدار بنفس العقلية والنهج .لا بل نستطيع الجزم أنه قد تم اضافة واستحداث أساليب أكثر فوضوية وعبثية وتدميرية طالت وتطال المنطقة الحرة عدن وغيرها المرتكزات الاقتصادية وعلى حساب الشعب ولصالح غيره.
وأمام كل هذا لا يسعنا إلا أن نقول إن استمرار الغاء عدن منطقة حرة لا يجعلنا في الحقيقة قادرين على التأكيد بعدم وجود ولو فارقا بسيطا بين الامس واليوم وإن أية محاولة لإقناع الشارع بغير ذلك ليس سوى ادعاءات كاذبة مأجورة لن ولن تصمد كثيرا .وان إصابع الاتهام إلتي كانت توجه لمن ولوا من حكام هي نفسها اصابع الاتهام الموجهة لحكامنا اليوم..
والله المستعان.