آخر تحديث :الإثنين - 15 ديسمبر 2025 - 01:26 م

كتابات

تعليقا على الاتفاق السعودي الإيراني
هل تستطيع الرياض أنّ تقود طموحات نفوذها مع درء تهديدات وكلاء إيران؟

الجمعة - 10 مارس 2023 - 11:07 م بتوقيت عدن

هل تستطيع الرياض أنّ تقود طموحات نفوذها مع درء تهديدات وكلاء إيران؟

كتب / إياد الشعيبي

 يمكن القول أن الاتفاق السعودي الإيراني أظهر مدى إصرار السعودية على حل أزماتها بنفسها ووفقا لمصلحتها الأولى فقط. سعت السعودية في السنوات الأخيرة لفتح حوارات مباشرة مع خصومها في المنطقة، بدءا ببعض الجماعات الشيعية في العراق، ومرورا بالتفاهمات مع مليشيا الحوثيين في اليمن.

 استغلت السعودية بعض الدول القريبة من إيران، للعب دور الوساطة، لكنها كانت تدرك أنّ هذه الجهود هي مجرد جسر عبور لتفاهمات أوسع وأكثر مباشرة مع طهران، خصوصا بعد تعاظم تهديدات مليشيا الحوثيين عليها. ومؤخرا حاولت الالتفاف حتى على جهود سلطنة عمان، واستقبلت وفود الحوثيين في الرياض.

وذهبت وفود السعوديين إلى صنعاء، وقدمت عروض مباشرة للجماعة المدعومة من إيران. وأكثر من ذلك، عزلت السعودية الدول النشطة بالملف اليمني، وحاولت إبقاء كل تفاصيل المستجدات في يدها. الهدف هو عدم ترك مجال للاعتراض على توجهاتها الساعية لدرء شر الحوثيين ووكلاء إيران في المنطقة عنها.

 ومن أجل ذلك، تجاوزت الأطراف اليمنية الفاعلة، وحاولت اشغال المجلس الرئاسي بخلافات داحلية، مع إبقاء رئيس المجلس العليمي مزكيا لتوجهاتها وفقا لما تمنحه من معلومة وعلى ضوء ما يستجد في مسار محادثاتها الخارجية. ولأن المجلس الانتقالي يمثّل قلقا لأي صفقات غير عادلة تتجاوز الجنوبيين..

دفعت السعودية ببعض مغرديها للإساءة للانتقالي وإثارة نزاعات محلية في حضرموت وغيرها من المناطق. بل وأكثر من ذلك، وهو مضحك، أوعزت لهم بخلق اتهامات للانتقالي بالارتباط بإيران. وكل ذلك بهدف اشغال المشهد بقضايا الجدال العقيم، وبنفس الوقت زعزعة مواقف الجنوبيين وإضعاف معارضتهم...

 لأي خطوة قد تقدم عليها الرياض لصالح الحوثيين، على سبيل المثال، دون مراعاة المطالب والأولويات الجنوبية في ذلك.
بالمجمل، بقدر ما يمثل الاتفاق السعودي مع إيران نصرا معنويا للحوثيين، يمثّل هذا الاتفاق قلقا كبيرا في أوساط القوى الشمالية، التي لا زالت تراهن على موقف السعودية..

 بدعمهم لاستعادة دولتهم المغتصبة في صنعاء. ومع ذلك يمكن ان يؤخذ الاتفاق في سياق العلاقات الطبيعية التي تربط البلدان بصورة بروتوكولية مع استمرار الاختلافات في الرؤى والسياسات في المنطقة، على الرغم أن مستشار الامن الوطني السعودي أوضح أن التفاهمات ناقشت النقاط الخلافية باستفاضة.

 بالمقابل، قد يرى البعض أن هذا الاتفاق، على النقيض، قد يطأطئ رؤس الحوثيين للمصلحة الإيرانية مع السعودية، ويدفع نحو تقديم إيران تنازلات حوثية لصالح الرياض، مقابل تحقيق هذا الانفراج الذي يأتي في الوقت الذي تعيش فيه ايران أزمة اقتصادية واجتماعية واسعة.

 يعتقد مسؤولون أمريكيون وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال أنّ الهدف من هذا الاتفاق هو درء هجمات الحوثيين والمليشيات التي تدعمها من إيران على المملكة. وهذا الأمر صحيح إذا ما عتبرنا أنّ هذا الاتفاق يأتي وراء اتفاق وشيك ستعلنه السعودية مع الحوثييين.

 في المحصلة، لا يمكن الثقة على الإطلاق بالوعود الإيرانية، ولا أعتقد أنّ مثل هذا التقارب قد ينجح على المدى البعيد. ولكن هل تستطيع الرياض أنّ تقود طموحات نفوذها مع درء تهديدات وكلاء إيران بذات الوقت على حساب حلفائها التقليديين والحاليين في المنطقة؟ هذا ما ستكشفه الأشهر القادمة.

#إياد_الشعيبي