آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 10:20 م

كتابات واقلام


باحشوان.. مسيرة عطاء لا ينضب

الجمعة - 02 يوليه 2021 - الساعة 12:00 ص

وليد التميمي
بقلم: وليد التميمي - ارشيف الكاتب


كانت "الأيام" العدنية ومازالت مدرسة صحفية مستقلة بذاتها، أساتذتها في مختلف فنون الكتابة الصحفية، الخبر والمقال والتقرير والتحقيق والاستطلاع.

شخصيا اعتبر عيدروس باحشوان أحد أبرز هؤلاء الأساتذة ممن تركوا بصمته على كل ما نخطه عندما ننوي النشر خصيصا للأيام.

علمنا باحشوان، عن بعد، وهو يمارس صلاحياته المطلقة كسكرتير تحرير للأيام كيف يصاغ الخبر بحرفية ، كيف يختزل ، كيف ننزع شوائبه ، وكيف نفرغه من الحشو. كيف نكتبه لوسيلة نشر مستقلة، كيف نميز خطها التحريري عن الصحف الأخرى؟ كيف نكتب للأيام وللأيام فقط.

حين كنت ارسل الأخبار والمواد الصحفية إلى الأيام، كنت احرص بعد نشرها على مقارنتها بالأصل، في البداية كانت معظمها تخضع لعمليات جراحية، دون المساس في مضمونها ؛ كان محتواها يهندس وفق قاعدة الهرم المقلوب وعنوانها يفكك ويعاد تجميعه من جديد أو يتغير كليا.

لم أصب أبدا بالاحباط وأنا أحاول مجاراة "نهج" الأيام، و"فكر" الأستاذ باحشوان، حتى ضبطت الاعدادات، وأصبحت التعديلات على الأخبار تكون محدودة وتكاد لا تلاحظ.

في زيارة إلى عدن في ٢٠١١ التقيت الأستاذ باحشوان، بعد إغلاق صحيفة الأيام وانتقاله إلى الأمناء، لم تكن بيننا أي علاقة شخصية مسبقة، كنت حينها مع مجموعة من الصحفيين الذين أجمعوا بأن الأستاذ باحشوان، هو المعلم الذي كان لا يمر حرف أو كلمة أو عنوان في الأيام إلا بعد توقيعه، وقبلها كان سكرتير ثم مدير تحرير صحيفة الراية العسكرية.

دار بيننا والأستاذ باحشوان، حوار عابر، لقنا خلاله درس جديد في التواضع؛ والإيثار، حب مهنة الصحافة بإخلاص، الموازنة بين الرصيد الإبداعي والأخلاقي.

كان يستمع إلى الكل ولا يقاطع، يرد بإيجاز مكثف وحكم منطوقة وصوت هادىء، كان ينظر إلى الجميع كزملاء، هكذا تعلمنا في الجامعات وفي مدرسة الأيام ومن الأستاذ باحشوان الذي حين تطرق بابه تجده مفتوحا أمامك، لا يبخل بنصيحة ولا يدخر مشورة ولا يتأخر في التفاعل مع التواصل الإنساني، وحين ينبهر بما تكتبه لا يتواني في مديحك بحدود لا تجرفك نحو الغرور ولا تجعلك تحنط قدراتك في أديم مغلق.

من وجهة نظري كان الأستاذ باحشوان، ومازال وسيظل مربي قبل أن يكون صحفي، في مقام أخ كبير ووالد وليس مجرد زميل مهنة، هو لكل قريب أو من عاشره إنسان نادر بكل ما تعنيه الكلمة، يقف إلى جانبك وقت الشدائد ولا يتخلى عنك أبدا في المحن.

الحب والاحترام الذي يكنه الجسد الصحفي للأستاذ باحشوان جعلهم يباركون بالإجماع تكليفه بمهمة قيادة مؤسسة ١٤ أكتوبر، وممارسة صلاحيات رئيس مجلس الإدارة، رئيس التحرير، لأنه قادر على انتشالها من تحت الركام، ثم إخراجها بثوب قشيب يليق بتاريخها العريق وأرث الصحافة الورقية العدنية، التي كانت رافعة لإبداعات أقلام ذاع صيتها على مستوى الوطن العربي في كل الفنون الصحفية والإعلامية والفنية والثقافية والأدبية، قبل أن نبتلى بمخططات النيل من كل ماهو جنوبي وعلامة فارقة بين الأمم.