آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 10:58 ص

كتابات واقلام


العسكره قبل التعليم..من مشروع الحياة الي مشروع الموت

الإثنين - 26 سبتمبر 2022 - الساعة 12:10 ص

باسم فضل الشعبي
بقلم: باسم فضل الشعبي - ارشيف الكاتب


كان التعليم بكافة مستوياته شرطا اساسيا فيما مضى، للالتحاق بالجندية او العسكره في الجيش والأمن، اما اليوم فقد اصبح الامر مختلف، حيث اصبحت العسكره قبل التعليم او بدل التعليم ان جاز التعبير.

يذهب الكثير من شبابنا اليوم للالتحاق بالعسكره في الوحدات والالوية المختلفة على طول البلاد وعرضها، تاركين التعليم خلفهم، لانه في نظرهم لم يعد ينفع، مادام العسكره توفر لهم المرتب الذي يفوق راتب المعلم او الموظف المدني او الدكتور في الجامعة.

شكى لي منذ ايام احد الاستاذة في كلية من كليات جامعة عدن، بانه لم يعد هناك طلاب من الذكور يلتحقون بالتعليم الجامعي، وانه اصبح المساق الذي يدرس فيه محصور على الاناث فقط، مشيرا بحرقة الي ان العسكره اخذت الشباب الي الجبهات بصورة تهدد مستقبل البلد كما قال.

مشروع الموت هو الرابح من الحرب، اما مشروع التعليم فانه في تراجع مخيف جدا، وما يحدث من اضرابات وتعطيل للتعليم في الجنوب يسير بهذا الاتجاة المدمر، دون ان تكلف الحكومة نفسها القيام باية معالجات تذكر، وهي قادرة لو ارادت.

نعم مشروع الموت حيث يذهب الشباب ضحايا للحرب الملعونة، شباب يزج بهم للجبهات وخطوط المواجهات دون تدريب وتأهيل، الامر الذي يجعلهم صيدا سهلا للقتل، يتربح منه القادة والمشرفون.

الالف السعودي جنن الشباب، ودفع بهم للالتحاق بالعسكره بصورة كبيرة وخطيرة، ليتحولوا الي مشاريع موت، تستثمرها جهات عديدة للوصول للثراء وتحقيق النفوذ.

التضحية من اجل البلد، والدفاع عنه في مواجهة الخصوم والاعداء شيء جميل، نشجع عليه، ولكن يفترض ان لا يتم الدفع بالشباب في هكذا معارك بدون تعليمهم كيفية استخدام السلاح على الاقل.

في قريتي التي كانت مضربا بالمثل في التعليم على مستوى الجنوب، اصبح يتواجد المئات من شبابها اليوم في الجبهات والمعسكرات المختلفة، وهؤلاء لم يكملوا تعليمهم الجامعي او الثانوي على اقل تقدير، وفي القادم سيلتحق بهم اخرون وهكذا.

العسكره اولا وليس التعليم، هذا هو شعار شبابنا اليوم، وقد ياتي يوما لا نجد الشباب الذكور في المدارس والجامعات اذا استمر مشروع الحرب والموت.

لن يتطور البلد الا بالتعليم، وهناك تجارب عديدة لدول علينا ان نستفيد منها، لكن في ظل الوضع الحالي فان التعليم سيبقى في اسفل القائمة، لانه لا توجد مؤشرات تؤكد ان هناك تغيير او تطور سيتم في ظل الارتهان، والعجز والفشل، الذي يسود اداء السلطات جميعها.

التعليم هو مشروع حياة، ولكن للاسف تم استبداله بمشروع الموت، فكل يوم يذهب شبابنا وهم في عمر الزهور ضحايا لحرب ملعونة، لا تنتهي الا وتبدا من جديد.