آخر تحديث :السبت - 04 مايو 2024 - 08:04 ص

كتابات واقلام


أعيدوا للمعلم هيبته

الجمعة - 23 فبراير 2024 - الساعة 10:46 م

د.زينة محمد
بقلم: د.زينة محمد - ارشيف الكاتب


د. زينة محمد عمر خليل

قال الشاعر:
إذا رَأَيتَ شباب الْحَيّ قد نشأوا
لا ينقُلُون قِلالَ الحِبر والوَرَقا فذرهُمُ عنك واعلمْ أنّهم هَمَجٌ
قد بدّلوا بعُلُوِّ الهِمَّة الحُمُقا
ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة ضرب المعلم المُسيئة، البعيدة عن أخلاقنا وقيمنا الذي نشأنا عليها، مما ستزيد تدميرًا للتعليم والعِلم معًا.
معاملة الطلاب مع معلميهم، أصبحت، تتخذ وضعًا لا يُبشّر بخير، في المدارس والجامعات، فهناك من يتطاول على أستاذه بالسب والتجريح، وهنالك من يتعدّى على معلمه بالضرب، والتهديد، وإتلاف الممتلكات.
في مدرسة (ثانوية)، حيث يفترض أن تُعَلّم أجيال مُقبلين على امتحانات (وزارية)، وأن ترى مشهدًا مُرضيًا عن التحصيل الدراسي، ترى تلاميذ يضربون أستاذهم، وهذا الوصف للأسف تم تصويره ونقله على نطاق واسع وفي مواقع التواصل الإجتماعي، وسبقته الجامعة الصرح الأكاديمي لصفوة المجتمع حيث يُهان الأستاذ أمام طلابه، كل هذه الأفعال، تدخل ضمن الفعل الجنائي، لكن هل يُبرّر هذا العنف؟ ومتى كان حلًا؟ ولماذا ارتبط التعليم بالعنف؟ وهنا لا أتكلم عن الحزم فحسب، بل سأذكركم عن الصورة الذهنية للمدرسة، قديمًا الذي ارتبطت بعصا المعلم، وحديثها الذي ارتبط بالعنف المعنوي والمادي، المتبادل بين التلاميذ والأساتذة.
وهنا لا بُدَّ من البحث عن سبب هذه المشكلة في الوسط التربوي والتعليمي، لكن دون معزل عن الوسط العام المتردي للبلاد.
فتراكم الصعوبات التعليمية خلال سنوات الحرب، خلفت آثارً سلبية على التطور التعليمي، بسبب، فشل المنظومة التعليمية واختلالات في المعالجة السريعة، إذ أنتج تعليمًا لا يحقق أهدافه.
تلاميذ لا يستطيعون القراءة والكتابة بالطريقة الصحيحة. باتت مظاهر الإضرابات والوقفات والاحتجاجات من جانب الكادر التعليمي، لا تكاد تغيب عن المشهد في كل عام دراسي، فَعُرقِلت العملية التعليمية، وليس ببريء المنهاج، فهو بحاجة إلى تصويب جديد يتواكب مع روح العصر.
فيا أيها الطالب الموفق من عَلَّمكَ حرفًا فأخلص له ودّا، ولا بُدَّ من تقدير فضلهُ ومكانتهُ، أكتب من المعلم أخلاقهُ قبل عِلمه، أجعلهُ قدوةً فيما صلح من أمره، وأحرص على الإستفادة من معلوماته التي يمتلكها.
لا يخلو أي إنسان من الخطأ، لذلك عندما يُخطئ المعلم :
لا تتبع أخطائه وأحفظ من العين ما رأت ومن الأذن ما سمعت، التمس العذر له عند الخطأ،
من أدب المتعلم، أن يتحرى من المعلم وإن خالف رأي نفسه ولا يغتاب عنده ولا يُفشي له سرًا، وأن يدخل عليه وهو كامل الهيبة، ويتلطف بسؤاله بعدم رفع صوته على مُعلّمه ولا يسأل عن شيء في غير موضعه.
حق المعلم على المتعلم:
يجب أنْ يتأدب الطالب في تعامله مع معلمه، ليبهر معلمه في مدى رغبته في اكتساب العلوم النافعة منه، ويجدر بالذكر أنَّ الصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعين كانوا يُعظّمون معلمهم الأول محمد ﴿ﷺ﴾ ، وكانوا يحترمونه أشدّ الإحترام، ويُوقرونه أجلَّ التوقير، حتّى انبهر أعداء الإسلام من إحترام الصحابة للرسول الكريم.
قال ﴿ﷺ﴾ :
صاحب العلمِ يستغفر له كل شيءٍ حتى الحوت في البحر.
ومما جاء ذكره في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أنّ رسول اللَّه ﴿ﷺ﴾قال:
إذا مات أبن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٌ يُنتفع به، أو ولدٌ صالحّ يدعو له.
الأ فأتّقوا اللَّه جميعًا .. اتّقوا اللَّه أنتم أيها الآباء والأمهات، قِفوا مع المعلم، واغرسوا في قلوب أبنائكم وبناتكم، حب المُعلّم، وتوقيره، وإجلاله، وعلموهم أدب الحوار ولا بُدَّ من تذكّر حديث الرسول الكريم: (ليسَ منَّا منْ لمْ يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرَنا ! و يعرفْ لعالِمِنَا حقَّهُ) وعلى الجهات المعنية إعطاء المعلم حقوقه كاملة، وعدم تجاهل وضع المعلم وما يعانيه من صعوبات في حياته، كل ذلك يسهم في تحسين جودة التعليم.
أنا أستغرب كيف لمعلم أو أستاذ أكاديمي أسهم في تأهيل كوادر لإعتلاء سدة الرئاسة أو الوزارة أو القضاء و...والخ من المناصب بأن يتقاضى راتبًا أدنى بكثير منهم؟ كيف تستقيم الأمور والمعلم في الدرك الأسفل.
ليس ذلك فقط بل إلزام المعلم، بتنفيذ سير العملية التعليمية بالشكل الصحيح فأجيالنا أمانة في أعناقكم، فالحقوق والواجبات متبادلة بين المعلم والتلميذ والحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم.
واخيرًا، المعلم الأستاذ لا يُهان ومن أهان المعلم يجب أن يلقي ما يردعه وفقًا للقانون واللوائح الداخلية، التي تحمي المعلم وتفرض هيبته وتعيد له المكانة التي يستحقها.
وأختم مقالتي هذه بقول الشاعر:
‏يا شمعة في زوايا الصف تأتلقُ
تنير درب المعالي وهي تحترقُ
لا أطفأ الله نورًا أنت مصدرهُ
يا صادق الفجر أنت الصبح والفلقُ

وقال آخر:
إنَّ المعلِّمَ أصل كلِ حضارةٍ
يبنيْ العُقول ويُصلِحُ الأفهَامَا

منْ لمْ يقدِّرْهُ ويعرف فضلَهُ
فلْيسْألِ الألواحَ والأقلامَا .

هذا واللَّه من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل .