آخر تحديث :الثلاثاء - 24 يونيو 2025 - 11:13 م

كتابات واقلام


صرخة إسقاط النظام، في بلادٍ بلا نظام

السبت - 17 مايو 2025 - الساعة 10:20 م

علي سيقلي
بقلم: علي سيقلي - ارشيف الكاتب


في بلاد لا تعرف من النظام إلا اسمه، يخرج علينا ثلّة من الأغبياء، أو لنقل "المتحمسين الزائدين عن الحاجة" وهم يصدحون في الشوارع والساحات وعلى رؤوس الجدران، "الشعب يريد إسقاط النظام".
هكذا، بكل فخر وثقة، وكأننا نعيش في دبي، وقد سئمنا من ترتيب الأرصفة ونظافة الحمامات العامة.
عن أي نظام تتحدث يا عري المخبازة؟
النظام الذي في خيالك؟ أم الذي في المناهج الدراسية المنسية؟ أم لعلها مؤامرة من كوكب زبادي، يريد أن يسقط ما لم يُبْنَ أصلاً؟

نحن يا هذا نعيش على أنقاض فكرة اسمها "النظام".
فوضى تغلي فوق نار الجهل، قوانين تكتب بالحبر السري، مؤسسات تسير بالتحكم عن بعد، ومع هذا كله، يخرج المواطن الأخجف الذي لا يفرّق بين الدستور ودسترة الوجع، ليهتف بإيمان أعمى: "إسقاط النظام".

وهنا، لا يسعنا إلا أن نحيّي هذا الببغاء المتحمس، الذي لقّنه أحدهم الشعار، فحفظه عن ظهر قلب، وراح يردده كأنه تعويذة سحرية ستسقط السماء وتنزل علينا العدالة بزنبيل.

النظام يا أهبل ليس سجاناً نريد الفرار منه، بل هو تلك المنظومة التي تُفترض لتُعيد إلينا عقلنا، تُوقف العشوائية، وتُرشدنا في طوابير الحياة، وتعيد لنا حقوقنا، النظام يا بليد هو ما لم نحظَ به يوماً، فكيف نطالب بإسقاطه؟
إنه مثل أن يهتف الجائع "يسقط الطعام"، على طريقة "تخيض الراتب واجب"
أو أن يصرخ الضائع، "نطالب بإلغاء الخرائط" بتحريم استخدام البوصلة.

ما نحتاجه ليس إسقاط النظام يا مسطول، بل العثور عليه أولاً، نريده حيّاً يُرزق، بكامل أوراقه الثبوتية، نريده أن يظهر من تحت ركام الفوضى، أن يقول "ها أنا ذا"، لنُقبّله على جبينه، ثم نحاكمه إن أساء، لا أن نغتاله وهو جنين في رحم الأمنيات.

أما أولئك الذين لا يفقهون من الشعارات إلا صداها، فليُمنحوا دورة عاجلة في "الفرق بين الفوضى والنظام"، وبين "الهتاف والتفكير".
وليت شعاراتهم تسقط أولاً، علّنا نرتاح من الضجيج، ونبني شيئاً قبل أن نطالب بإسقاطه.
ليتهم رقدوا