آخر تحديث :الجمعة - 11 يوليو 2025 - 06:26 م

كتابات واقلام


المعاناة في عدن لا يُطاق

الأربعاء - 18 يونيو 2025 - الساعة 04:12 م

أبو مصعب عبدالله اليافعي
بقلم: أبو مصعب عبدالله اليافعي - ارشيف الكاتب


لقد بلغنا في مدينة عدن حدًّا لا يُطاق من المعاناة. لم يتبقَّ من مظاهر الحياة سوى مشهد الموت البطيء، وكأننا نُساق نحو النهاية بصمت. نعم، نحن أحياء بأجسادنا فقط، لكننا موتى في كرامتنا، في حقوقنا، في أبسط مقومات الحياة. وفي مثل هذا الواقع، يصبح الموت بعزة وكرامة أشرف من حياة يملؤها الذل والخذلان.
أمام هذا الواقع القاسي، لم يعد من خيار سوى المواجهة. آن الأوان أن نرفض الاستسلام، ونواجه الفساد والاستغلال الذي يستنزف ثرواتنا، ويعبث بمصيرنا دون حسيب أو رقيب. لقد آن الأوان لثورة شعبية سلمية، وعصيان مدني واسع، يهدف إلى استعادة ما سُلب منا من حقوق، وتحرير عدن من قبضة الفساد والمحسوبية.
ينبغي للشعب أن يتحرك بوعي ومسؤولية، وأن يتولى زمام المبادرة من خلال السيطرة الشعبية على المرافق العامة، التي هي ملك للجميع، لا أدوات بيد قلة لا تمثل إلا مصالحها. كما يجب إنهاء النفوذ الفاسد، وتشكيل لجان شعبية من أبناء عدن المخلصين، من أصحاب الكفاءة والنزاهة، لتسيير شؤون المدينة وخدمة الناس بشفافية وإخلاص.
لتكن عدن منطلقًا لنهضة جنوبية شاملة. فالشعب لم يعد يحتمل مزيدًا من الإهمال والتجاهل. حان وقت الصحوة، ورفع الصوت، وكسر جدران الخوف والصمت. علينا أن نؤمن بأن التغيير ممكن إذا تحركنا بوعي ووحدة.
لقد أدمن البعض التسلط والثراء على حساب معاناة المواطنين. تضخمت ثرواتهم، وتعددت ممتلكاتهم داخل البلاد وخارجها، بينما يعيش المواطن في عجز يومي عن توفير ضروريات الحياة. الكهرباء، الماء، المرتب، حتى العملة الوطنية تنهار أمام أعيننا، دون أي تدخل حقيقي من الجهات المعنية.
الراتب الشهري لم يعد يكفي لتغطية أسبوع من متطلبات المعيشة، ما يجعل الشعب يدفع يومًا بعد يوم ثمن فشل إدارة لم تعد قادرة على تأدية واجبها، بل أصبحت عبئًا على كاهله. ولذلك، من الطبيعي أن يُطالَب برحيلها، وفتح المجال لقيادات جديدة تضع مصلحة الوطن والمواطن قبل أي اعتبار آخر.
إن ساعة الحساب قادمة، ويوم العدالة آتٍ لا محالة. حينها، سيُقدم الفاسدون إلى القضاء العادل، لينالوا جزاء ما ارتكبوه بحق هذا الوطن الجريح، وهذا الشعب الصابر.
لقد خرجت نساء عدن الشريفات مؤخرًا للتعبير عن الغضب العام، في مشهد يعكس عمق الأزمة وشدة الغضب الشعبي. وهو مؤشر واضح على أن الصمت لم يعد ممكنًا.
إننا نعيش تحت سلطة فقدت القدرة على الإدارة، وأخفقت في احترام حقوق المواطن وكرامته. لكنها مهما طالت سيطرتها، فإن إرادة الشعوب أقوى، والله فوق الجميع. كما سلّطهم علينا، فإنه قادر على أن يرفعهم ويزيل ظلمهم متى شاء.