آخر تحديث :الخميس - 13 نوفمبر 2025 - 06:08 م

كتابات واقلام


أين رواتب الموظفين .. يا حكومة؟

الأربعاء - 08 أكتوبر 2025 - الساعة 04:14 م

أبو مصعب عبدالله اليافعي
بقلم: أبو مصعب عبدالله اليافعي - ارشيف الكاتب


نحن شعب — بشر — نعيش ظروفًا لا يحتملها إنسان. خمس أشهر متواصلة بلا راتب شهري؛ ومنهم من لم يحصل على رواتب أكثر من سبعة عشر شهراً. أين الضمائر؟ أين الرحمة؟ أين معنى المسؤولية أمام شعبٍ منهكٍ جائعٍ مكلوم؟
الواقع يؤلم: حكومات ومجالس قيادة رئاسية تتصرف كأنها هياكل زينة وظيفتها الظهور أمام الناس والمجتمع الدولي بوجهٍ رسمي، بينما تمارس في الكواليس أفعالًا لا صلة لها بممارسة الحكم الرشيد. أهوى المناصب والكراسي والمصالح الشخصية طغت على أي شعور بالمسؤولية الوطنية، فصار المواطن ضحية نهبٍ وسرقةٍ صريحة للمال العام، وصار الراتب حقًا مشروعًا مُحرمًا عليه لأشهر طويلة.
لقد استلمت خزائن الدولة مئات الملايين — بل ومليارات — من العملة الصعبة، حسب ما يُقال، فإلى أين ذهبت هذه الأموال؟ الإجابة يكاد الجميع يعرفها: إلى جيوب الفاسدين واللصوص والخائنين للوطن. والنتيجة: شعبٌ جائع، بنوك مهترئة، خدمات متوقفة، ومعيشتنا تنهار أمام أعين المسؤولين الذين لا يرف لهم جفن.
إن حرمان الموظف من راتبه ليس مجرد قصور إداري؛ إنه جريمة إنسانية. أن ترى أمًا لا تجد قوت طفلها، أو موظفًا يستجدي لقمة عيشه، أو طالبًا لا يستطيع إكمال مسيرته بسبب الاحتياجات الأساسية المفقودة — هذا واقع أصبح مألوفًا لدرجة الاستسلام. لكن السكون أمام هذا الظلم ليس خيارًا؛ يجب أن تكون هناك محاسبة ومساءلة وعودة للضمير.
أدعو كل الجهات المسؤولة — حكومة، مجلس قيادة رئاسيًا، أجهزة رقابية — إلى التحلي بالشفافية والكفاءة والمصداقية. اعلنوا أين ذهبت الأموال، اعطوا الشعب خارطة طريق لصرف الرواتب، واعملوا فورًا على إيقاف نزيف الفساد واستعادة الأموال المنهوبة. ليس منطقًا أن يبقى رئيس وزراء نزيه ومقدام معطّلًا أو مقموعًا بسبب مصالح ضيقة، بينما يبقى الوطن يعاني. إذا كان السيد/صالح بن بريك يمثل نموذجًا للنزاهة وبياض اليد كما يرى البعض، فدعوه يعمل دون عوائق، لكن الأهم أن تُمنح المؤسسات الحقيقية فرصة الإصلاح والنزاهة، بعيدًا عن تدخلاتٍ تعطل عملها.
الوطن فيه كفاءات ونخب شريفة قادرة على إدارة الشأن العام بنزاهة وفعالية. كفوا عن الاحتكار، واتركوا الفاسدين حيث يستحقون: أمام محاكم الشعب والرأي العام. الشعب لم يعد يطلب معجزات؛ يطلب فقط حقه الطبيعي المستمد من الدستور: راتب يكفيه وأسرته، خدمة عامة محترمة، وعيش كريم.
ولا أنسي أن أقول لكل مسؤولٍ متورطٍ: اتقوا الله في هذه الأمة. الله يمهل ولا يهمل، وسيأتي يوم يُحاسبكم فيه التاريخ والضمير قبل الحساب الإلهي. إن أبسط رحمةٍ لكم هو الرحمة بالشعب الآن، بإعادة الحقوق إليه، وإصلاح ما أفسدتموه من مؤسسات ومقادير.