آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 01:31 ص

كتابات واقلام


فصول الطمس المتعمد لتاريخ الجنوب العربي

الخميس - 23 أكتوبر 2025 - الساعة 02:23 م

د. حسين لقور بن عيدان
بقلم: د. حسين لقور بن عيدان - ارشيف الكاتب


الحقيقة أن الطمس السياسي للتاريخ الجنوبي وتزويره لم يبدأ بالغزو اليمني عام 1994 فحسب، بل كانت له جذور أعمق بكثير. فمن المؤسف أن مرحلة ما بعد الاستقلال مباشرة شهدت أولى محاولات إعادة صياغة التاريخ على مقاس الحكّام الجدد، حيث أعيدت كتابة السردية التاريخية بطريقة ألغت وطمست كل ما يتصل بتاريخ الحركة الوطنية الجنوبية وثوراتها وانتفاضاتها، وحُذفت من المناهج الدراسية، بل وجرى تشويهها وشيطنتها، باستثناء ما ارتبط بالجبهة القومية.

ثم جاءت سردية ما بعد يونيو 1969م لتقدّم تاريخًا آخر مفصَّلًا على مقاس من أطلقوا على أنفسهم صفة اليساريين، فأسقطوا كل ما يسيء إلى من أوصلهم إلى السلطة، خصوصًا من قادة الجيش الجنوبي. تلت ذلك إعادة صياغة جديدة بعد عام 1978م، حين أصبح المنتمون إلى الاشتراكية العلمية والوافدون من اليمن هم وحدهم أصحاب الفضل في قيادة النضال الوطني، فيما مُحي تاريخ جزء كبير من الجنوب ورجالاته السياسيين من الذاكرة الرسمية.

وفي أعقاب أحداث 1986م، صيغ تاريخ جديد مرة أخرى، حُصرت فيه بطولة الجنوب في فئة محدودة، حتى إن بعض الأدوار أُسندت إلى أشخاص وُلدوا قبل الاستقلال بسنوات قليلة.

وأخيرًا، اكتمل الإجهاز على تاريخ الجنوب بعد عام 1990م، حين نُقل ما تبقّى منه إلى صنعاء، وتحولت الذاكرة الجنوبية إلى غنيمة بيد من ظنوا أنفسهم المنتصرين. وهكذا جرى تدوين تاريخنا: "كلما دخلت أمة لعنت أختها".