آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 01:31 ص

كتابات واقلام


أحسم الأمر قبل تفاقمه

الأربعاء - 19 نوفمبر 2025 - الساعة 09:45 م

سعيد أحمد بن اسحاق
بقلم: سعيد أحمد بن اسحاق - ارشيف الكاتب


يواجه شعب جنوب الجزيرة العربية أخبث الاحتلال طوال حياته منذ 22/ مايو 1990.. فكان هذا اليوم يوم نكبة لا تقل عن نكبة 1948 على شعب فلسطين العربية، بنيت على الوعود تدار من بعيد، فيها الشعب وحده الضحية منذ عام 1990 حتى عامنا هذا الذي نحن فيه يعاني الانكسارات والانحدار والسقوط والتمزيق وتربع الفاسدين واللصوص القمة وعملوا على تجييش الشباب على أهلهم مستغلين بذلك الحاجة الماسة والمرة.

وهكذا المحتل يعمل لحماية مصالحه لتمكينها لذاته.. فقد بدأ مشاريعه الاولى في المناهج التعليمية للتقليل من الانتماء والهوية الجنوبية والسيطرة على الاعلام لزرع الفتنة لتمزيق النسيج الجنوبي من الداخل، ومن أجل ذلك عمد الى السيطرة على الاقتصاد فأوقف تصدير النفط وزاد الخناق على تجار الجنوب واعطى حق الوكالة التجارية لبني جنسه مستخدما بذلك لغة التهديد والوعيد والقمع للسيطرة على مفاصل الحياة العامة.
مشاريع مؤداها الخضوع والاستسلام والطاعة لاجل مشاريع أكثر خطورة تمس التركيبة السكانية واللغة والدين.
الاقنعة التي حاول البعض ان يتمسك بها من خلال قدرته الخطابية والبلاغية وتأكيداته بأنه ليس طالب سلطة وان وجدت فهي مجرد تكليف وليست تشريف وانما لاجل الدفاع عن حقوق الشعب من ثروات وخدمات ومع ذلك فقد كانت الافعال تكذب هذه البلاغة التي اعجبت البعض من المحبطين للترزق على الفتات و الذين رأوا فيهم رمزا للقيادة والنصرة للحقوق بينما في الحقيقة انهم خرجوا بالمزيد من الثراء والسيارات الفخمة والغذاءات الدسمة والتخمة. بنوا كروشا بارزة وخدودا منتفخة وجلودا ناصعة وبدلات زاهية بينما خرج الوطن للمزيد من تدمير لبنيته الخدماتيه ووضعوا عناصر تلك المكونات الجنوب في حالة فراغ دستوري وعطلوا التنمية.
ومن خلال هذه المكونات أسفرت عن أذرع طويلة لاشعال الحروب الاهلية في الجنوب تخدم المد الشيعي لنشر مذهبه الرافضي والتمكين لحكام ايران من التدخل السافر على اليمن والجنوب، ولا يستبعد ذلك من التفجير في اية لحظة في ظل الاوضاع الراهنة،و التي جعلت الشعب متأزما نتيجة الحرمان من أبسط حاجته المعيشية والامنية وحقوقه العادلة.
لم نجد أحدا منهم بالخطوط الامامية في مواجهة قوى الحوثيين للدفاع عن الارض والعرض.. ولم نجد أحدا منهم حماية الشباب من بطش جند المنطقة العسكرية الاولى ولا بالمطالبة بترحيلها الى مناطقهم التي أتوا منها.

على المكونات أن تستوعب الدروس من صراعات الدول العربية وماخلفت من الضحايا المئات، ودمار هائل للبنية التحتية والاقتصاد الوطني وللمؤسسات العسكرية ومعداتها، ومن اختراق للأمن القومي وتمكين العدو من الهيمنة والسيطرة على مقدرات شعوبها. فالندم بعد وقع الفأس على الرأس لا يصنع المعجزات، والنقاش العقيم مؤداه الخلاف والانزلاق للهاوية.

الأحداث تتسارع وقوى الاحتلال لا تألوا جهدا.. فقد رأينا أحداثا لم نكن نتوقعها من خروج للطلبة من مدارسها للهجوم على مدرسة اخرى والاعتداء على طلابها بداخل الصفوف وعلى المعلمين فيها.. مثل هذه الافعال لم تكن موجودة في مدارسنا، فمن الذي دفعها لذلك؟ لن يتم هذا مالم تكن هناك أياد مخفية تخطط لاحداث جسيمة قادمة.

كما أن تدفق الآلاف من الافارقة الى الجنوب لم يكن ذاتي ولا صدفة إلا اذا كانت هناك منظمات تتلقى التمويل والتوجيهات والتشجيع والوعود للهجرة الى جنوب جزيرة العرب لغاية مرسومة ضمن خطة مرسومة من قبل.. ولماذا الجنوب؟ خاصة ان السماسرة يمنيون من أرض قوى الاحتلال قد جعلوا أبين وشبوة بوابة استقبال لنشرهم على طول سواحلها حيث الوجهة المستهدفة لتلك الجموع المتسللة في جنح الظلام.
لن يكون هذا إلا من وعود كوعد بلفور للعودة الى أرض الجدود كما تفوهت بها افواه الاحباش من خلال الفيديوهات المنشورة في مواقع التواصل.

إذن الجنوب امام تغيير للتركيبة السكانية ولا يقتصر على السكان بل يتعداه الى الدين والاعراف والتجييش واللغة فالمؤشرات من خلال المشاهدات تشير الى ذلك.
ولو عرجنا الى النازحين فلا يختلف المسار كثيرا عن الافارقة، والمدن تحدثك عن النزوح الغير طبيعي، هناك غزو للمدن الجنوبية وخاصة عواصم المديريات التي فاقت اعداد النازحين اعداد المقيمين، ومن المعرف ان النازحين فروا من مواطنهم وسكناهم مجبورين نتيجة عدم الامن بسبب الحرب الدائرة وبمجرد عودة الحياة الى طبيعتها، تعود الى حيث موطنهم وسكناهم.. لا كما نرى العودة ثم الرجوع نتيجة وعود لبناء منطقة سكنية وتقديم المساعدات المالية والتموينية على حساب من دمرت منازلهم ولم يجد له المأوى الكريم،مما اضطروا الى أستئجار سكن يأويهم برغم الغلاء وعدم انتظام صرف الاجور لقلة السيولة. إلا أننا نجد في مقابل ذلك القيام ببناء مناطق سكنية للنازحين بدلا من اعادة اعمار ما هدم نتيجة حرب 1994 الجائرة على الجنوب و حرب 2015 الحوثية على عدن.

لاشك أن الجنوب يتعرض الى مخطط غير اخلاقي في محاولة دنيئة لتغيير التركيبة السكانية وتذويبه مع نازحين وليس العكس من جهة ومن جهة أخرى مع مهاجرين غير متجانسة في تقاليدها وعاداتها وعقيدتها النصرانية واليهودية بحيث يكون الشعب الجنوبي محاصرا بين مجتمعين متناقضي الفكر والثقافة، فاقدا لهويته الجنوبية.

لقد أصبح الجنوب بعد حرب 1994 في هذا الحالة من دولة مخطوفة الى دولة مشلولة مجمدة بشكل كامل لصالح قوى أجنبية تحارب معاركها بدماء جنوبية، ولن يكون هناك حل الى هذه المأساة إلا بمواجهة المجتمع الدولي لحقيقة اختطاف الدولة الجنوبية والبحث عن استعادة الدولة وتقرير المصير، ولن يكفي الدعم في ظل التجييش لاطراف أخرى، وعلى التحالف تحمل مسئولياته تجاه الجنوب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية قبل ان يشق الجنوب نسيجه ويجعل الحوثة قوة خطرة بعد تلقي الحوثة للدعم الايراني من عتاد واستخبارات وتدريب على يد خبراء ايرانيون عسكريون وهذا يؤكد ان خطورة ايران على الامن القومي لا تقل عن خطورة اسرائيل واننا لا نستثني تلك الدولة المتعاونة ولا نحب ان نشير إليها احتراما لعمق التاريخ،حيث أنها تشكل ثنائيا مع ايران في نقل الاسلحة للحوثيين وتقديم الدعم المالي للأدوات التابعة لها من بني جنسنا لاضعاف النسيج الجنوبي من الداخل والعمل على خلخلته وزرع عدم الثقة بين الجنوبيين ونقل صورة مشوهة للخارج.. يكفي الجنوب ما يعانيه من وحدة اندماجية غير متكافئة ومن خطأ جسيم تحمل الشعب الجنوبي الكثير من الظلم والقسوة والنهب والدمار والتخلف والانهيار.

لا ندري ما تحمله الساعات والايام وعام 2026 القادم للجنوب.. تتجدد فيه العقوبة كل عام وكأن الجنوب ضمن عقد للايجار ولا يحق له الاستئناف.. أمام هذه الأوضاع لابد من حسم الامر قبل تفاقم الاوضاع لنطوي صفحة الاحتلال الى الأبد.

المجلس الانتقالي الجنوبي يمثلنا
الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي القائد المناضل لاستعادة الدولة والهوية الجنوبية
الارض ارضي والجنوب وطني وهويتي والقرار قراري
وعهد الرجال للرجال