آخر تحديث :الأربعاء - 10 ديسمبر 2025 - 08:29 م

كتابات واقلام


نضالات شعب الجنوب لتحقيق استقلاله واستعادة دولته تتوّج بالاعتصامات

الأربعاء - 10 ديسمبر 2025 - الساعة 04:55 م

اللواء علي حسن زكي
بقلم: اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب


لقد مثّلت صحيفة الأيام الغرّاء، ممثلة برئيس تحريرها الأستاذ هشام باشراحيل، بمواكبتها ونشرها فعاليات الثورة الجنوبية وكفاح قوى حراكها منذ انطلاقتها، فنارًا أضاءت طريق الكفاح وألهبت حماس كل أبناء الجنوب. وبسبب موقفها الوطني الجنوبي، دفعت ثمناً باهظاً، حيث هاجمت قوات الاحتلال، وبتوجيهات مباشرة من علي عبدالله صالح، دار نشرها وسكن رئيس تحريرها، واعتُقل رفيقه ومرافقه، فضلاً عن إغلاق المقر وما ترتب عليه من خسائر مالية. سيظل موقفها هذا محفورًا في ذاكرة أحرار الجنوب بأحرف من ذهب.

وفي السياق، من ساحة العروض بخور مكسر، وعلى قاعدة التصالح والتسامح الجنوبي وطي صفحة الماضي والتوجّه صوب المستقبل، انطلقت ثورة شعب الجنوب السلمية التحررية يوم ٧/٧/٢٠٠٧م، والتي هزّت عرش الطغاة المحتلين برفضها لقوى الفيد والنهب والسلب، وقوى حرب عام ١٩٩٤م الاحتلالية الغاشمة التي دمرت الدولة الجنوبية وجيشها وأمنها ومؤسساتها، وتمسّكت الثورة الجنوبية بالحرية والاستقلال واستعادة الدولة.

وبنضالات شعب الجنوب وتضحياته، طردت مقاومته الشبابية المسلحة قوات حرب عام ٢٠١٥م ومعها بقايا قوات حرب عام ١٩٩٤م، تلا ذلك المليونية الجنوبية التي احتضنتها ساحة العروض عام ٢٠١٧م، وفوّضت المناضل عيدروس الزبيدي لحمل قضية شعب الجنوب وقيادته لاستعادة دولته، وتاليًا إعلان المجلس الانتقالي كإطار مؤسسي لتحقيق ذلك برئاسة عيدروس الزبيدي.

وفي احتفالات الذكرى ٥٨ للاستقلال هذا العام، احتضنت ساحة العروض بخور مكسر عرضًا عسكريًا مهيبًا لوحدات رمزية من كل القوات العسكرية والأمنية، مثّل وبحق جيشًا وأمنًا دولة بكل المقاييس، حيث حمل العرض رمزية وطنية جنوبية. وهذه الساحة، التي كانت موئلًا لثورة شعب الجنوب وقوى حركته السلمية الرافضة للاحتلال والمتمسكة بالتحرير والاستقلال واستعادة الدولة، وتعرضت لمحاولات قمع من قوات الاحتلال بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، هاهى تشهد استعادة الجيش والأمن الجنوبي كعنوان للحرية والسيادة والاستقلال واستعادة الدولة.

وفي عملية عسكرية تلت ذلك، مدروسة ومقتدرة أذهلت الصديق قبل العدو، تمكنت نخب شعب الجنوب العسكرية المحلية ووحدات من جيشه من تحرير وادي وصحراء حضرموت والانتشار فيها وتطهيرها من المنطقة العسكرية وكل قوى الإرهاب والتهريب، التي ظلّت تلك المنطقة حاضنة لها ومنطلقًا لنشاطاتها الإرهابية وعاثت في الوادي إرهابًا وفسادًا على مدى ثلاثين عامًا (٩٤–٢٠٢٥م).

كما سيطرت القوات الجنوبية على الغيضة/المهرة ومرافقها وميناءها ومطارها، ورفعت علم الجنوب عاليًا خفاقًا في سماء آخر منفذ جنوبي على حدود سلطنة عمان. وبذلك اكتمل تحرير أرض الجنوب الأبي بكل مناطقه ومديرياته ومحافظاته، وتبقى مكيراس مسألة وقت.

تتويجًا لكل تلك النضالات والتضحيات والانتصارات، ها هم أبناء شعب الجنوب، ومن ساحة العروض نفسها بخور مكسر/عدن عاصمة دولة الجنوب وبقية عواصم محافظات الجنوب الأخرى، يعلنون الاعتصام المفتوح حتى إعلان الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية.

ويلفتون انتباه المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي إلى أن وحدة شعب الجنوب بكل أبنائه وأطيافه تتجسّد مرة أخرى في هذه الاعتصامات الجمعية والمشاركة الواسعة في أماكن إقامتها وتزامنها ووحدة مطلبها. وأن دولة شعب الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي قد باتت موجودة على الأرض على امتداد الجغرافيا الجنوبية من حوف المهرة إلى باب المندب، ولم يبقَ سوى إعلانها وبناء وتفعيل وإعادة جاهزية مؤسساتها السيادية والاقتصادية والخدمية والتنموية، والإيفاء بدفع المرتبات وتوفير الخدمات، وفي مقدمتها الماء والكهرباء والصحة والتعليم وعقلنة وثبات الأسعار، باعتبارها الورقة التي ظلوا يستخدمونها في معاقبة شعب الجنوب لتركيعه، وسيستخدمونها في مواجهة انتصاراته، ولاريب.

وإن دولة الجنوب، بقدر ما هي ضرورة وطنية وسيادية ومجتمعية جنوبية، بقدر ما هي أيضًا ضرورة إقليمية ودولية لأمن واستقرار وسلام المنطقة، ولتأمين خطوط الملاحة التجارية الدولية والشحن البحري في مياه البحر العربي وباب المندب، ومحاربة الإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات والقرصنة البحرية.

وشعب الجنوب ودولته وجيشه وأمنه ومجلسه الانتقالي لن يكونوا إلّا شركاء فاعلين وموثوقين في كل ذلك، كما كان عام ٢٠١٥م شريكًا فاعلًا في التصدي وإفشال تمدد المشروع الإيراني في المنطقة، وسيكون كذلك اليوم وغدًا، وهو ما يستوجب من المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي التفهم له ومساعدته في تحقيق تطلعاته ودعمه في إعلان استقلاله واستعادة دولته الواحدة الموحدة، كاملة الحرية والسيادة والاستقلال على حدود ما قبل ٢٢ مايو ١٩٩٠م.