صرف العملات
مجتمع مدني
كتابات
فريق التحرير
من نحن
إتصل بنا
الرئيسية
اخبار عدن
أخبار وتقارير
تحقيقات وحوارات
منوعات
محافظات
عرب وعالم
إجتماعيات
قضايا
رياضة
ثقافة
صرف العملات
مجتمع مدني
كتابات
فريق التحرير
من نحن
إتصل بنا
آخر تحديث :
السبت - 13 ديسمبر 2025 - 08:22 م
كتابات واقلام
ثلاثة محاور يتطلب استكمالها قبل رفع راية الاستقلال
السبت - 13 ديسمبر 2025 - الساعة 06:46 م
بقلم:
حافظ الشجيفي
- ارشيف الكاتب
تابعونا على
تابعونا على
في لحظات التحول الكبرى لا تكون المشكلة في اعلان الاستقلال بقدر ما تكون في صناعة الاستقلال. فالاعلان بيان سياسي يمكن ان يكتب في ساعة حماس ويذاع في نشرة اخبار، اما الاستقلال فهو بناء ثقيل من القانون والمؤسسات والقوة المنضبطة والمال العام المحروس، وهو قبل ذلك كله فكرة تتجسد في نظام، ثم تتحول الى دولة تستطيع ان تقف على قدميها امام شعبها وامام العالم. ومن هنا فان المجلس الانتقالي وهو يتهيأ لخطوة فاصلة لا يملك ترف القفز فوق المقدمات، ولا يملك كذلك رفاهية التردد. والمطلوب ترتيب بيت السيادة من الداخل، لان الخارج لا يعترف الا بمن يملك في الداخل اسباب الاعتراف.
والتاريخ يعلمنا ان الحركات حين تنتصر لا تصبح سلطة تلقائيا، وان السلطة حين تولد لا تصبح دولة بمجرد الاسم. فهناك مسافة بين حركة تحشد وتقاتل وتفاوض، وبين دولة تحكم وتشرع وتحاسب وتؤمن الحقوق وتحتكر القوة وتدير الموارد. وهذه المسافة هي التي تصنعها الترتيبات التمهيدية لميلاد الدولة، لا بوصفها اوراقا تملأ الملفات، بل بوصفها قواعد عمل تفرض نفسها على الجميع، وتمنع ان يتحول الاستقلال الى مناسبة خطابية يعقبها فراغ دستوري وصراع مراكز قوى وتنازع سلاح وتبديد موارد.
ولذلك فان اهم ما يجب ان يفعله المجلس الانتقالي قبل اعلان الاستقلال هو ان يعمل على ثلاثة محاور في وقت واحد، لا بالتتابع البطيء الذي يستهلك الزمن ويستدعي التدخلات، بل بالتوازي الذي يربط كل خطوة بضمانتها. فالقانون بلا قوة تحميه يصبح نصا معلقا، والقوة بلا قانون يضبطها تتحول الى عبء يهدد الدولة من داخلها، والمال بلا رقابة يفتح ابواب الفساد ويغلق ابواب الاعتراف.
وليبدا اولا، الترتيبات القانونية والسياسية، وهي جوهر التحول من حركة الى سلطة اذ. لا يمكن ان تطلب قيادة جديدة من الناس طاعة، ولا يمكن ان تطلب من العالم اعترافا، وهي لا تملك اساسا قانونيا واضحا يحدد من يحكم وكيف يحكم ولماذا يحكم وباي حدود بحكم. وهنا تتجلى ضرورة اعتماد الميثاق الوطني الجنوبي بوصفه اعلان دستوري انتقالي مؤقت لا مجرد وثيقة سياسية. فالوثائق السياسية تصلح للاجماع المعنوي، اما الدولة فتحتاج الى نص ملزم يحدد شكل السلطة الانتقالية، ويضع اطارا للحقوق والحريات، ويمنع ان تتحول المرحلة الانتقالية الى سوق مفتوح للاجتهادات المتعارضة.
ومن ثم فان عقد جلسة استثنائية للجمعية العمومية لاصدار قرار ملزم باعتماد الميثاق الوطني كقانون تأسيسي مؤقت ليس اجراء شكليا، بل هو لحظة تأسيس شرعية. حيث يتحول بهذه الخطوة الكلام الى التزام، وتتحول النوايا الى قواعد، ويصبح هناك مرجع يحتكم اليه الجميع عند الخلاف. والاخطر من الخلاف في المراحل الانتقالية ليس الخلاف نفسه، بل غياب المرجع الذي يحسمه. فالاعلان الدستوري الانتقالي المؤقت يجب ان يوضح تركيبة السلطات الانتقالية، وصلاحيات كل سلطة، وحدودها، ومدة المرحلة، والضمانات التي تمنع التمديد المفتوح، ويضمن حقوق المواطنين بوصفها حقوقا لا منحا، ويضع قاعدة ان الدولة الجديدة لا تقوم على الغلبة بل على العقد.
ثم تأتي خطوة لا تقل اهمية عن الخطوة السابقة، وهي اقرار قانون السلطة القضائية الانتقالية. لان الدولة التي تبدأ بلا قضاء مستقل تبدأ بلا صمام امان. ففي لحظات التأسيس تكثر القرارات الاستثنائية وتشتد الحاجة الى الفصل بين السلطات، ويصبح القضاء هو الميزان الذي يمنع ان تتحول السلطة التنفيذية الى قدر لا يرد. فالاستقلال التام للسلطة القضائية واعادة هيكلة المحكمة العليا والنيابة العامة وتسمية قضاة ومستشارين جدد لتفعيل هذه الاجهزة بصورة مستقلة عن السلطة التنفيذية ليست ترفا قانونيا، بل هي رسالة سياسية للداخل والخارج معا. للداخل تقول ان الحقوق مصانة وان الخصومات تحسم في المحاكم لا في الشوارع ولا في غرف السلاح. وللخارج تقول ان الدولة الجديدة تعرف معنى دولة القانون، وانها لا تطلب الاعتراف لتضيف علما جديدا على خريطة، بل لتقيم نظاما يمكن التعامل معه.
وفي قلب هذا المحور ايضا تأتي مسألة تشكيل حكومة كفاءات مصغرة او حتى واسعة. فالحكومات في المراحل الانتقالية لا تقاس بعدد الوزراء ولا بارتفاع الاصوات، بل بقدرتها على ادارة الخدمات والملفات الحيوية بكفاءة، وبقدرتها على اثبات ان القيادة الجديدة تستطيع الحكم لا مجرد التعبئة. حكومة مصغرة من التكنوقراط، لا تستبعد السياسة ولكن لا تستسلم لها، تنحصر مهمتها محددة في تثبيت الخدمات، وادارة الموارد، واصلاح ما يمكن اصلاحه بسرعة، وفتح ملفات الدولة الثقيلة بعقل بارد. وقبل ذلك يجب ان تنال ثقة الجمعية العمومية، لان الثقة البرلمانية ليست اجراء بروتوكوليا، بل هي ربط للسلطة التنفيذية برقابة سياسية تمنع الانفراد وتضمن المساءلة.
غير ان القانون والسياسة وحدهما لا يكفيان اذا بقيت القوة مبعثرة والمال سائبا. وهنا يأتي المحور الثاني، الترتيبات المؤسسية والامنية، اي احتواء القوة والمال. فالدولة الحديثة هي التي تحتكر استخدام القوة المسلحة في نطاقها، وهي التي تملك قرار الحرب والسلم، وهي التي تجمع الايرادات وتوزعها وفق قواعد معلنة وتحت رقابة. وكل ما عدا ذلك هو سلطة امر واقع قابلة للانقسام في اول منعطف.
اما توحيد القوات العسكرية تحت قيادة واحدة فانه ليس بندا اداريا، بل هو ركن سيادي هام. فدمج كل التشكيلات العسكرية والامنية والمقاومة في هيكل جيش وطني موحد، وتوحيد القيادة والموارد والعقيدة القتالية تحت قرار مركزي واحد يتبع للسلطة المدنية العليا، هو الاختبار الحقيقي لجدية الانتقال من الثورة الى الدولة. لان تعدد البنادق يعني تعدد القرارات، وتعدد القرارات يعني تعدد الدول داخل الدولة. ومن دون هذه الخطوة يصبح اعلان الاستقلال مخاطرة، لان الاستقلال حينها سيكون عنوانا لدولة لا تملك احتكار القوة، اي دولة مرشحة للانفجار عند اول خلاف على منصب او مورد او اتجاه.
ثم ان توحيد القوة يجب ان يترافق مع تثبيت السيطرة على الحدود والموارد الاستراتيجية. فالحدود ليست خطوطا على الخريطة الوطنية، بل هي مجال السيادة الذي يحدد اين تبدأ الدولة واين تنتهي. والسيطرة التامة على الحدود الدولية المعترف بها سابقا ليست فقط مسألة امنية، بل هي ايضا رسالة قانونية وسياسية للعالم. وكذلك السيطرة الادارية والرقابية على الموانئ والمطارات ومنابع النفط والغاز ليست مجرد ايرادات، بل هي مفاتيح القرار. ومن يملك الميناء يملك بوابة الاقتصاد، ومن يملك المطار يملك بوابة السياسة، ومن يملك النفط والغاز يملك ورقة التوازن في الداخل والخارج. لكن امتلاك هذه الموارد لا يكفي ما لم تدخل ايراداتها في حسابات حكومية شفافة، وما لم تخضع لرقابة جهاز رقابي حقيقي. فالدولة لا تقاس بما يدخل خزائنها فقط، بل بما يعرف الناس انه دخل خزائنها وبما يعرفون اين خرج ولماذا خرج.
وهنا يتجلي المحور الثالث، وهو تفعيل المؤسسات الرقابية ومكافحة الفساد. لان الفساد في الدول الناشئة ليس مجرد انحراف اخلاقي، بل هو نظام بديل للدولة. حين يترسخ الفساد يصبح هو الذي يوزع المنافع ويخلق الولاءات ويشتري السلاح ويصنع الاعلام ويعطل القضاء. لذلك فان تفعيل دور مجلس المستشارين والجمعية العمومية رقابيا بفاعلية، وفرض الشفافية الكاملة على الاداء الحكومي والمالي، ليس فقط مطلبا شعبيا، بل هو شرط من شروط الاعتراف الدولي والمساعدات المستقبلية. فالعالم لا يعطي شيئا مجانا، وهو حين يساعد يريد ان يرى مؤسسات تستطيع ان تضمن ان المساعدة لن تتحول الى غنيمة. والشعب كذلك لا يمنح ثقته مرتين، وهو قد يصبر على شدة العيش لكنه لا يصبر على شعور ان تضحياته تحولت الى حسابات خاصة.
والترتيبات الثلاثة لا ينبغي ان تفهم كقائمة امنيات، بل كخطة عمل لها منطقها وتسلسلها الداخلي حتى وهي تنفذ بالتوازي. اعتماد اعلان دستوري مؤقت يعطي شرعية للسلطات، وهذه الشرعية تتيح اقرار قانون القضاء وتشكيل حكومة كفاءات، وهذه الحكومة تحتاج الى قوة موحدة تحمي قراراتها وتمنع ابتزازها، وتحتاج الى موارد تحت السيطرة والرقابة لتقدم خدمات وتثبت وجود الدولة، وتحتاج الى مؤسسات رقابية تقطع الطريق على الفساد الذي يلتهم الثقة ويهدم البناء من الداخل. اي ان كل حلقة تسند الاخرى، وكل تأخير في حلقة يضعف الحلقات كلها.
ويبقى ان المجلس الانتقالي وهو يضع هذه الترتيبات امامه يجب ان يتذكر ان الاستقلال ليس لحظة انتصار على خصم فقط، بل هو ايضا عقد مع الناس. والناس لا تريد علما يرفع فحسب، بل تريد امنا وقضاء وخبزا وكرامة. تريد ان تعرف ان السلاح صار للدولة لا عليها، وان المال صار للخدمة لا للغنيمة، وان القانون صار مرجعا لا زينة. والصدق هنا ليس في الخطاب، بل في القدرة على اتخاذ قرارات صعبة قد تغضب بعض الحلفاء المؤقتين لكنها تنقذ الدولة الدائمة. فالدول لا تبنى بالمجاملات، ولا تحرسها التوازنات الهشة، بل تحرسها مؤسسات واضحة وقواعد معلنة واحتكار منضبط للقوة وشفافية تردع الفساد.
اذا فعل المجلس الانتقالي ذلك، يكون قد وضع الاستقلال في مكانه الصحيح في نتيجة طبيعية لمسار تأسيسي، لا قفزة في الهواء. وعندها فقط يصبح اعلان الاستقلال تتويجا لواقع قائم، لا تعويضا عن واقع غائب. وعندها ايضا يصبح الاعتراف الدولي اقرب، لان العالم لا يعترف بالنوايا بل بالحقائق، ولا يتعامل مع الشعارات بل مع المؤسسات. وفي النهاية، ما يطلبه التاريخ من الذين يقفون على عتبة دولة جديدة ليس ان يرفعوا الصوت، بل ان يرفعوا البناء.
مواضيع قد تهمك
أسعار صرف الريال اليمني مساء السبت 13 ديسمبر 2025 ...
السبت/13/ديسمبر/2025 - 07:45 م
سجل الريال اليمني استقرار مقابل العملات الأجنبية، مساء اليوم السبت 13 ديسمبر 2025م ، في أسواق الصرف بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة. وحسب مصادر مصرفية
أمن عدن ينجح في إنقاذ طفلة حديثة الولادة ويقبض على مختطفيها ...
السبت/13/ديسمبر/2025 - 06:08 م
تمكّنت شرطة الشعب في العاصمة عدن من إعادة طفلة حديثة الولادة وضبط المتورطين في واقعة اختطافها، وذلك فور تلقي البلاغ واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة.
صور - آلاف الجنوبيين يحتشدون في ساحة الاعتصام بعدن لليوم الس ...
السبت/13/ديسمبر/2025 - 05:46 م
احتشد عصر اليوم السبت الآلاف من أبناء الجنوب في ساحة الاعتصام المفتوح بالعاصمة عدن، حيث يستمر الاعتصام لليوم السابع على التوالي في ساحة العروض. ويأتي
برئاسة الزُبيدي.. إجتماع هام للقيادة التنفيذية العليا بالمجل ...
السبت/13/ديسمبر/2025 - 04:18 م
السبت ١٣ ديسمبر ٢٠٢٥ عقدت القيادة التنفيذية العليا بالمجلس الانتقالي الجنوبي اجتماعها الدوري، اليوم السبت، برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي،
كتابات واقلام
مسعود أحمد زين
التجهيل الاعلامي بعبارة القوات الوافدة لحضرموت
حافظ الشجيفي
ثلاثة محاور يتطلب استكمالها قبل رفع راية الاستقلال
رائد عفيف
الجنوب المنتصر… لحماية العروبة ومكافحة الإرهاب
د.أمين العلياني
الرئيس الزبيدي.. من مدرسة النضال إلى خارطة طريق لاستعادة دولة الجنوب
د. عيدروس نصر ناصر
تعليقات سريعة على من يطالبون بانسحاب القوات الجنوبية
عارف ناجي علي
العلاقات #السعودية – #الجنوبية… إلى اين؟
اديب صالح العبد
الجنوب صامدا ولن ينكسر حتى اعلان دولته
سعيد أحمد بن اسحاق
الجنوب في القلوب.. وارواحنا للجنوب مهداة