آخر تحديث :الثلاثاء - 23 ديسمبر 2025 - 10:57 م

كتابات واقلام


الدولة الجنوبية : الحل الذي يرفضه تجار الحروب

الثلاثاء - 23 ديسمبر 2025 - الساعة 07:48 م

وضاح بن عطية
بقلم: وضاح بن عطية - ارشيف الكاتب


الجنوب ليس حالة سياسية عابرة، ولا ملفا قابلا للتأجيل أو المقايضة، بل قضية شعب حُرم من دولته قسرا، ويخوض اليوم حراكا شعبيا شاملا لاستعادة حقه المشروع .

ما يجري في الجنوب ليس مناورة نخبوية ولا صراع أجنحة، بل إرادة عامة واضحة تتقدّم بثبات، وتفرض نفسها كحقيقة سياسية لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها ؛ وعدم الاعتراف بهذه الحقائق يعني إدخال المنطقة في نفق مظلم .

أثبتت السنوات الماضية أن كل محاولة لتجاهل الجنوب أو الالتفاف على إرادة شعبه لا تنتج سلاما، بل تعيد تدوير الصراع وتنسف أي تسوية قبل أن تولد .

التجارب برهنت أن إقصاء الجنوب كان دائما وصفة للفشل والانفجار، وخدمة مجانية لإيران والعصابات الإرهابية ولهذا فإن بناء الدول العظمى والتنمية المستدامة يحتاج إلى عمل استراتيجي يجفف منابع الإرهاب ويبني محيطا آمنا ومستقرا .

الدولة الجنوبية ليست مشروع تصعيد، ولا تهديدا للاستقرار، بل الحل الوحيد المستدام لأزمة مزمنة فشلت معها كل المعالجات المؤقتة ؛وعلى هذا الأساس فإن شعب الجنوب يطالب بدولته "الآن"، بوسائل سلمية، منظمة، ومعلنة، دون وصاية، ودون قبول بأي مسارات تلتف على حقه أو تؤجله .

تقرير المصير مبدأ قانوني دولي لحماية الشعوب المُضطهدة، وليس منحة سياسية أو امتيازا تفاوضيا ؛ وأي مسار سياسي يتجاوز الجنوب أو يتعامل معه كملف ثانوي محكوم بالفشل مهما غُلّف بالشعارات .

إن استقرار الجنوب ضرورة إقليمية ودولية، والاعتراف بإرادة شعبه ليس مخاطرة، بل الرهان الأكثر عقلانية لتحقيق السلام ؛ والسلام لا يُبنى بإنكار الحقوق أو اضطهاد الشعوب، بل بالاعتراف بها واحترامها .

ما يزيد تعقيد المشهد أن أغلب القوى التي تحرك الصراع في اليمن ومن بينهم الحوثي والإخوان وبعض الأحزاب والعصابات المتنفذة، هم تجار حروب محترفون يستثمرون الحرب لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية.

تجار الحروب يقومون بتوزيع الأدوار بعناية بين التنظيمات المسلحة، ويبدلون شرائع الولاء والتحالفات بما يخدم استمرار الصراع واستنزاف الموارد؛ ولا يهمهم سقوط الضحايا أو تفشي الفقر والجوع بين المدنيين، فكل أولادهم وأقاربهم مستثمرون في شركات ومشاريع تجارية في الخارج، يستفيدون من الحرب دون أن يلمسوا نتائجها المدمرة مباشرة .

إستمرار الفوضى والصراع هو جزء من استراتيجية تجار الحروب للحفاظ على مصالحهم وتكريس هيمنتهم، وأن الحل الوحيد لإنهاء هذه الدائرة المدمرة يكمن في دولة جنوبية مستقرة، تعيد الحق لشعب الجنوب وتحمي المنطقة من هذه الاستغلاليات القاتلة .

الدولة الجنوبية تمثل الحل الواقعي، العادل والمستدام، للحفاظ على الأمن والاستقرار، وتحقيق العدالة لشعب عانى طويلا من القتل والإقصاء والحرمان؛ والاعتراف بحق الجنوب وبإرادته ليس خيارا، بل ضرورة لبناء مستقبل مستقر ومزدهر للمنطقة كلها .