آخر تحديث :الأربعاء - 31 ديسمبر 2025 - 05:29 م

كتابات واقلام


بين النقد والانصاف الانتقالي ومسؤولية المرحلة

الأربعاء - 31 ديسمبر 2025 - الساعة 03:21 م

عارف ناجي علي
بقلم: عارف ناجي علي - ارشيف الكاتب


مهما اختلفنا مع المجلس الانتقالي الجنوبي وانتقدنا بعض سياساته او ممارساته تجاه قوى جنوبية وسياسية كان لها دور فاعل في تحرير عدن وبقية المحافظات الجنوبية ومهما اخذ عليه من ملاحظات تتعلق بحصر بعض مراكز القرار في إطار مناطقي او ضعف استيعاب ابناء المحافظات الجنوبية – وعلى راسها عدن – بصورة عادلة ومتوازنة في صناعة القرار فان الإنصاف يفرض علينا الاعتراف بحقائق لا يمكن تجاوزها.

الحقيقة الأولى ان المجلس الانتقالي الجنوبي لعب دورا محوريا في استقرار المحافظات المحررة وساهم بدرجات متفاوتة في إنهاء حالة الفوضى الأمنية ومواجهة الإرهاب واعادة الاعتبار لمفهوم الامن كمدخل اساسي لاي مشروع سياسي او وطني ولولا هذا الدور لكانت المحافظات الجنوبية ساحة مفتوحة لصراعات عبثية تستنزف الانسان والارض والقضية.

اما الحقيقة الثانية والاكثر اهمية فهي ان المجلس الانتقالي نقل القضية الجنوبية وحق شعب الجنوب في تقرير مصيره من الاطار المحلي والغرف المغلقة الى الفضاءين الإقليمي والدولي واصبح هذا الحق حاضرا في النقاشات السياسية والاعلامية العالمية بعد ان كان لسنوات طويلة محاصرا او مغيبا او يتعامل معه كملف ثانوي.

من هنا فإن اي دعوات لمحاربة المجلس الانتقالي الجنوبي او الدفع باتجاه انهاء دوره او كسره لا يمكن النظر اليها الا كدعوات خطيرة بل وشيطانية في مضمونها لانها تستهدف جوهر القضية الجنوبية وتفتح الباب امام تفكيك الصف الجنوبي واعادة الجنوب إلى مربع التيه والصراعات البينية التي لا تخدم الا خصومه.

وفي الوقت ذاته فان التمسك بالهوية الجنوبية وبالمجلس الانتقالي كمكون سياسي لا يعني منحه صكا مفتوحا بلا نقد او مراجعة فالانتقالي ليس ملكية خاصة لاشخاص او مجموعات بل هو حق جنوبي واداة سياسية يفترض ان تعبر عن تطلعات كل ابناء الجنوب بمختلف محافظاتهم ومشاربهم السياسية والاجتماعية.

وهنا تبرز مسؤولية المجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة مسؤولية تصحيح المسار السياسي وتوسيع دائرة الشراكة والعمل الجاد على اصطفاف جنوبي شامل يقوم على مبدا الشراكة لا الإقصاء والكفاءة لا المناطقية والمشروع الوطني الجنوبي لا الحسابات الضيقة.

كما ان على قيادة المجلس قراءة المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية بوعي ومرونة والابتعاد عن اي اجندات او صراعات لا ناقة للجنوب فيها ولا جمل والتركيز فقط على ما يخدم هدفا واحدا واضحا وهو تمكين شعب الجنوب من حقه المشروع في تقرير مصيره عبر مسار سياسي عقلاني ومسؤول ومتدرج.

ان الحفاظ على ما تحقق من خطوات كبيرة يتطلب شجاعة في النقد وصدقا في المراجعة ووحدة في الموقف لان الجنوب اليوم امام فرصة تاريخية اما لن تدار بحكمة فتقود الى تحقيق الهدف او تهدر بالخلافات والانقسامات وهو ما لا يريده اي جنوبي مخلص لقضيته.