آخر تحديث :الأربعاء - 08 مايو 2024 - 05:38 م

تحقيقات وحوارات

الدكتور محمد سعيد الزعوري وزير الشؤون الإجتماعية والعمل لصحيفة عدن تايم :
الحكومة الشرعية تستجلب الدعم لتمويل الأعمال الإنسانية وبعد ذلك ترسل الأموال الى حسابات المنظمات في بنوك صنعاء

الأربعاء - 28 سبتمبر 2022 - 11:58 م بتوقيت عدن

الحكومة الشرعية تستجلب الدعم لتمويل الأعمال الإنسانية وبعد ذلك ترسل الأموال الى حسابات المنظمات في بنوك صنعاء

حاوره / رئيس التحرير عيدروس باحشوان


حوار ساخن .. "عدن تايم" تسأل ووزير الشؤون الإجتماعية والعمل

الدكتور محمد سعيد الزعوري وزير الشؤون الإجتماعية والعمل لصحيفة عدن تايم :

ثنائية " الشرعية " و " وسلطة الإنقلاب " إنعكست على جميع هياكل الدولة ومؤسساتها ونظمها المالية والإقتصادية والإدارية

من نتائج الفشل الحكومي الإبقاء على المكاتب الرئيسة للمنظمات الأممية والدولية لممارسة أنشطتها من صنعاء بينما تشرعن عملها بتصاريح تصدرها وزارة التخطيط في عدن

موقفنا ثابت في استمرار مطالبتنا لتصحيح هذا الخلل من خلال إيجاد مقرات رئيسية للمنظمات الأممية والدولية في العاصمة عدن

الدول تحمي عملاتها الوطنية بانتهاج سياسات نقدية صارمة تنفذها بنوكها المركزية ومؤسساتها المالية

في واقعنا تكمن الخطورة في عدم سيطرة الحكومة على الموارد الأجنبية التي تتدفق الى البلاد

الحكومة الشرعية تستجلب الدعم لتمويل الأعمال الإنسانية وبعد ذلك ترسل الأموال الى حسابات المنظمات في بنوك صنعاء

الحوثيون يسيطرون على موارد الإتصالات دون أن يدفعوا  ريال واحد للضرائب في عدن

المخاوف الأمنية لافتتاح مقرات المنظمات ورقة تستخدمها القوى المعادية لتحقيق مآرب سياسية تخدم أجندتها

الواقع الأمني في عدن ملائماً وأكثر  استقرارا من أي وقت مضى

نؤكد على ضرورة اتخاذ مواقف جادة تجاه القضايا الهامة المرتبطة بحياة الناس انطلاقا من القانون واللوائح وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة

أمامنا مهمة كبيرة تتمثل في إعادة تأهيل الصندوق ورفده بالتجهيزات اللازمة  وبناء قدراته بما يؤهله لممارسة صلاحياته القانونية

حاوره / رئيس التحرير عيدروس باحشوان

سعادة الدكتور محمد سعيد الزعوري وزير الشؤون الإجتماعية والعمل .. شكرا لتجاوبكم معنا لإجراء هذا الحوار
س ▪️: تابعنا عن كثب لقاءات مكثفة لسعادتكم مع عدد من ممثلي المنظمات الدولية خلال الفترة الماضية وتشديدكم على فتح مقرات لها في عدن وتأخرهم عن هذا الأمر لماذا؟
- أولاً نشكركم على اتاحة هذه الفرصة الطيبة للإستضافة في موقعكم الصحفي المتميز ، ونجدها مناسبة للتعبير عن تقديرنا لكم شخصيا ولكل العاملين في الموقع .

وبالعودة الى سؤالكم حول المنظمات الأممية والدولية العاملة في بلادنا والتي تقدّم خدماتها الإنسانية والتنموية منذ عقود ، ودورها الكبير في دعم صمود المجتمع بكل فئاته وخاصة خلال الحرب التي أقدمت عليها مليشيات الحوثي ، وقد تزايد هذا الدور رأسياً وأفقياً على طول وعرض البلاد ، حيث مثّلت هذه المنظمات سنداً حقيقياً لمؤسسات الدولة لتنفيذ أنشطتها وخططها التنموية والإنسانية ومواجهة الواقع المعقد جراء الحرب وتبعاتها الكارثية على معيشة المواطنين .. وبالنظر الى هذا الدور الهام والمحوري تبرز الكثير من التحديات البنيوية في نمط السياسات التنفيذية التي تتبناها هذه المنظمات في ممارسة وتنفيذ أنشطتها داخل البلاد ، وانعكاسات تلك السياسات على الواقع المالي والإقتصادي والإجتماعي .

وبالنظر الى نتائج الحرب منذ مايزيد على سبع سنوات خلت ، والتي أفرزت هذا الواقع الذي نعيشه اليوم والمتمثل بثنائية " الشرعية " و " وسلطة الإنقلاب " فقد إنعكست هذه الظروف على جميع هياكل الدولة ومؤسساتها ونظمها المالية والإقتصادية والإدارية ، ففي الوقت الذي يعترف العالم أجمع بالحكومة الشرعية ومؤسساتها في العاصمة عدن ، ويتم وصفها رسميا كشرعية قانونية أمام المجتمع الدولي والإقليمي ، إلا إن ذلك لم يتحقق ميدانيا في جميع التعاملات الرسمية ،  مما أوجد خللاً بنيوياً كبيراً في التعاطي مع الملفات الساخنة في البلاد ، وعزز هذا الخلل حرب النقد التي أتقنتها سلطة الإنقلاب باتخاذ سياسات مالية صارمة ،طُبقت بيد من حديد ، ومقابل ذلك فشل مَهين لحكومة الشرعية ومؤسساتها المالية والبنكية ، تاركة الباب مفتوحا على مصارعه لتوغل سلطة الإنقلاب لإدارة حرب المال في مناطق سيطرتها ، دون أن تتخذ أي مواقف تحد من تأثيرات هذه الحرب المستعرة .
ومن نتائج هذا الفشل الإبقاء على المكاتب الرئيسة للمنظمات الأممية والدولية لممارسة أنشطتها من صنعاء ، بينما تشرعن عملها بتصاريح تصدرها وزارة التخطيط في عدن ، وقس على ذلك بقية المؤسسات والصناديق والوكالات التجارية وشركات الإتصال والبنوك وهلمجرّا..

▪️أين تكمن خطورة ذلك على المحافظات المحررة كما تسمى في الخطاب الرسمي ؟

- كما هو معلوم إن الدول تحمي عملاتها الوطنية بانتهاج سياسات نقدية صارمة ، تنفذها بنوكها المركزية ومؤسساتها المالية تتناسب مع المستوى الإقتصادي وحجم الموارد ، ولاتسمح فيها لهامش الخطأ كأمن قومي لحماية الدولة من الإنهيار .. وفي واقعنا تكمن الخطورة في عدم سيطرة الحكومة على الموارد الأجنبية التي تتدفق الى البلاد كمنح لتمويل أنشطة المنظمات وهي بمليارات الدولارات وتركها تذهب الى بنوك يسيطر عليها الحوثيين ، علاوة على سيطرة الحوثيين على موارد الإتصالات دون أن يدفعوا  ريال واحد للضرائب في عدن ، وكذلك الحال بخصوص عوائد تحويلات المغتربين ، ومن المفارقات العجيبة إن الحكومة الشرعية تستجلب الدعم لتمويل الأعمال الإنسانية ، وبعد ذلك ترسل الأموال الى حسابات المنظمات في بنوك صنعاء ، وهذا الوضع يمثل سبب رئيسي لإنهيار العملة في عدن ، الأمر الذي يلقي بظلاله على حياة الناس ومستوى معيشتهم ، ونوع وحجم الخدمات الإجتماعية المقدمة ، ونرى ذلك في وضع المواطنين الذين تقطعت بهم السبل للبحث عن لقمة عيش كريمة ، وفي تفكك الروابط الإجتماعية ، وبروز ظاهرة التسول ، والتسرب من المدارس ، وانهيار النظام التعليمي والصحي ، وتوسّع دائرة الفقر والمجاعة يوما بعد يوم ، مما ينذر بعواقب وخيمة على  السلم والأمن الاجتماعي بسبب تدهور الظروف المعيشية للمواطنين.

وموقفنا ثابت في استمرار مطالبتنا لتصحيح هذا الخلل من خلال إيجاد مقرات رئيسية للمنظمات الأممية والدولية في العاصمة عدن باعتباره الحل العادل للتعقيدات الراهنة للحالة اليمنية ، ويتطلب اتخاذ قرار من المستوى القيادي الأعلى .

س ▪️: بلغنا من عاملين محليين مع فروع تلك المنظمات ان بلدانهم لديها مخاوف أمنية على عملية النقل من صنعاء الى عدن ، ما صحة ذلك؟

- المخاوف الأمنية ورقة تستخدمها القوى المعادية لتحقيق مآرب سياسية تخدم أجندتها ، ويعزز هذا الشعور التناولات الصحفية للمواقع المشبوهة والذباب الألكتروني المنتشر في مواقع التواصل الإجتماعي ، ويمكن القول إن الواقع الأمني في عدن ملائماً وأكثر  استقرارا من أي وقت مضى ، والتخوف الأمني هذا الذي يستخدم كذريعة فقط  تدحضه الوقائع على الأرض ، حيث تتواجد فروع المنظمات الأممية والدولية في عدن وتمارس نشاطها بتعاون كل المؤسسات الرسمية والشعبية ، ولم يتعرض لها أحد ، ثانيا هناك منظمات دولية مكاتبها الرئيسة في عدن وتمارس أنشطتها بحماية الأجهزة الأمنية منذ فترة طويلة دون أي حوادث تذكر ، وميدانياً حققت الأجهزة الأمنية في عدن  مستوى عال من النجاح في ضبط الأعمال المخلة بالأمن ، وتمكنت هذه الأجهزة من إدارة مهامها بإحترافية عالية ،وقد تعزز هذا الدور من خلال تفعيل الأجهزة القضائية والنيابات العامة والمحاكم .

س ▪️: المنظمات الدولية العاملة في مجال المنح المالية ودعم الأنشطة تشير تقارير صحفية الى تجاوزات مرتكبة ويبدو أن هناك مشكلة قائمة مع وزارات وتفتقد التنسيق؟

- بالنسبة للشق الأول من السؤال نترك الإجابة للجهات المختصة في الوزارات المعنية ، وهي من لديها المعلومات والوثائق التي تؤهلها للقيام بهذا الدور .

وبالنسبة للشق الثاني من السؤال فيمكن القول إن التنسيق بين الوزارات ليس بتلك الدرجة من السؤء ، ولكن لم يبلغ المستوى المطلوب .. مازالت الأمور على المستوى العام في طور التشكّل ويفتقد للكثير من الآليات والإمكانات المادية والتجهيزات التي تمكّن المؤسسات من تمتين عمليات التنسيق والتعاون فيما بينها ، ويبرز ذلك في تنافر الإجراءات بخصوص بعض القضايا الملحّة والمرتبطة بتعقيدات الواقع الراهن ، وهذا التنافر مردّه الى طبيعة القناعات والدوافع لدى المسؤولين ، وتأتي الإنتماءات السياسية في مقدمتها ..  لهذا دائما ما ندعو ونؤكد على ضرورة اتخاذ مواقف جادة تجاه القضايا الهامة المرتبطة بحياة الناس انطلاقا من القانون واللوائح ، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة ، والتصرف بمنطق رجال الدولة ، واستشعار المسؤولية في كل تصرف نقدم عليه .  

س▪️نسمع أصوات تتعالى عن فقراء في وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي واتهامات للقائمين في المنظمات ومنها الدولية برنامج الغذاء العالمي " البصمة " واليونيسف وصندوق الرعاية انهم يسجلون حالات غير مستحقة ؟ ما تعليقكم ؟

-اندلعت الحرب ، وتوقف مشروع الرعاية الإجتماعية الذي كان ينفذه صندوق الرعاية الإجتماعية ، وفي 2017م تم إنشاء مشروع الحوالات النقدية الطارئ كبديل لمشروع الرعاية الإجتماعية بتمويل من البنك الدولي ، وأُوكلت مهمة التنفيذ لمنظمة اليونيسيف والصندوق الإجتماعي للتنمية ، وشركاء محليين ووكالات صرف وفقا لسياسة البنك الدولي ، ويستهدف المشروع المسجلين في قاعدة بيانات صندوق الرعاية الإجتماعية البالغ عددهم مليون ونصف المليون حالة .
علما إن صندوق الرعاية الإجتماعية تم تجميد دوره منذ اندلاع الحرب في 2015م حتى اليوم ويمارس موظفيه مهام التيسير أثناء توزيع الحوالات مرة كل ثلاثة أشهر  .
أما ما يخص برنامج الغذاء العالمي ومشروع البصمة فقد تم تنفيذه عبر المجالس المحلية في المحافظات والمديريات   بعيدا عن وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل .

س ▪️هناك طابور طويل ينتظر الرعاية الإجتماعية وفي حالات انتظار دون ان يتلقوا إجابة عن فترة الإستحقاق للرعاية ؟

- ينظم قانون الرعاية الإجتماعية ولائحتة التنفيذية عملية الإستحقاق وشروط الإستهداف للحالات بحسب قاعدة بيانات الكترونية ،إلاّ انه ومنذ 2015م تم تجميد عمل الصندوق ولم يتم اعتماد أي مبالغ مالية من الحكومة تسمح للصندوق بتسجيل حالات جديدة .
والإكتفاء بمشروع الحوالات النقدية غير المشروطة كتدخل دولي طارئ يقدم المساعدة لحالات الرعاية الاجتماعية ما قبل الحرب دون السماح بتسجيل اي حالات جديدة وهو مشروع دولي طارئ يموله البنك الدولي ويُنفذ وفق شروط مرجعية خاصة به.

س▪️صندوق الرعاية الإجتماعية لديه مستفيدين مضى على استلامهم أكثر من عشرين سنة دون مراجعة أوضاعهم الجديدة وانزال لجان البحوث والتأكد من حقيقة أوضاعهم ؟

-هي واحدة من نتائج الحرب التي أقدمت عليها مليشيات الحوثي .. وما نعانيه اليوم انعكاس طبيعي لهذه الحرب شمل كل مناحي الحياة الإقتصادية والإجتماعية والخدمات والأمن ، وفي ظل هذا الوضع المعقد من الصعوبة بمكان إجراء مسح ميداني شامل للحالات وفقا لقانون الرعاية الإجتماعية رقم 39 لسنة 2008 او حتى تحديث قاعدة البيانات لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود التمويل اللازم لتنفيذ عمليات المسح ، علاوة على توقف الإعتمادات الحكومية للصندوق منذ بدء الحرب في 2015م ، والتي تم تغطيتها من البنك الدولي بما يسمى مشروع الحوالات النقدية الطارئة ، ومهمة الصندوق حاليا هو تيسير عملية الصرف المسندة للصندوق الإجتماعي للتنمية رغم اعتراضنا على ذلك .

وأمامنا مهمة كبيرة تتمثل في إعادة تأهيل الصندوق ورفده بالتجهيزات اللازمة ، وبناء قدراته بما يؤهله لممارسة صلاحياته القانونية ، ولهذا الغرض وبالتنسيق مع قيادة الصندوق ومنظمة اليونيسيف وعبر شركة متخصصة عملنا دراسة تقييمية شاملة للوضع الراهن للصندوق وماهي الإحتياجات والتجهيزات الضرورية لتأهيله وتمكينه لممارسة دوره الرائد في خدمة الفئات المستهدفة بقانون الرعاية الإجتماعية ، وقدمنا مصفوفة بالإحتياجات العاجلة لدولة رئيس الوزراء ووعد بتوفيرها ، وناقشنا قيادة البنك الدولي في أكثر من لقاء حول إمكانية إيجاد آليات جديدة لتنفيذ مشروع الحوالات الطارئة ، نستطيع من خلالها فرز حالات الرعاية الإجتماعية وتسجيل حالات جديدة وزيادةعدد الحالات ورفع قيمة المساعدة ، إلا إن الأمور لاتسير بالكيفية التي نتمناها .
وتجدر الإشارة هنا ان بيانات الصندوق والتي يقوم عليها مشروع الحوالات النقدية غير المشروطة قائمة على قاعدة البيانات للعام 2014م ، وعندما اسندت المهمة لمنظمة اليونيسيف في 2017م أجرت  عملية التحقق للحالات قبل بدء عملية الصرف ومازالت البيانات كما هي ، علماً إن من يملك الصلاحيات القانونية لتحديث قاعدة البيانات هو صندوق الرعاية الإجتماعية فقط ، وهذه المهمة تتطلب دعم الدولة لتأهيله ورفده بالتجهيزات والمعدات والموارد المالية اللازمة .
شكراً لعدن تايم مرة ،أتمنى لكم التوفيق.