آخر تحديث :السبت - 27 يوليه 2024 - 11:51 ص

ثقافة وأدب

ريع الحفلات .. إلى أين يذهب؟
لا حرب في بلاد الأوركسترا .. لا جوع .. لا موت

الإثنين - 26 فبراير 2024 - 08:15 م بتوقيت عدن

لا حرب في بلاد الأوركسترا .. لا جوع .. لا موت

عبدالله الحضرمي

كنا في جلسة على الخور نتناقش حول حفلة الكويت - التي لم نشاهد منها سوى ريلزات قصيرة - عندما اتصل بي أحد الإخوان المغتربين من الكويت بعد الحفلة بأسبوع ليخبرني بما شاهده وانطباعات الجمهور.

الحقيقة أن الجمهور كان "مستانس" كما قال لأن الأعمال المقدمة معروفة في الكويت وبعضها مسجل في الإذاعة والتلفزيون وكذلك كانت الفرقة ماهرة في العزف والتفاعل مع الجمهور الجاهز للاستمتاع، وكان المايسترو محمد القحوم كالعادة في قمة السعادة.
لكنه فاجأني في أثناء المكالمة بما دفعني للكتابة. أحد زملائه العاملين في "الكويتية للإغاثة" الذي عاد مؤخراً من مهمة في اليمن كان له رأي مختلف وعنده مقترحات للفرقة. سوف أنقل هنا مضمون ما قاله، فقد وفر عليّ أن أقول رأيي، حتى لا أكون مثل شاهد ماشافش حاجة.

*ريع الحفلات .. إلى أين يذهب؟*

يقول: "تمنيت لو أن ريع الحفلات يذهب لدعم مراكز غسيل الكلى أو مساعدة المحتاجين أو أي جهة خيرية توصل الدعم لمستحقيه لأن الوضع صعب جداً ويصعب على الكافر . كيف تكون الحفلات تجارية، ولا يكون ولو جزء رمزي منها للعمل الإنساني طالما الفرقة قادمة من بلد حرب وأزمات إنسانية. فالحرب في اليمن من أبرز عوامل إقبال وجذب الجمهور".

*صدمة الجمهور مطلوبة*

ويضيف نقلاً عنه: "الحفلة من أولها إلى آخرها فرح وبهجة ورقص واستمتاع، لكنها خلت من لمسة ذكية لابد منها. فالفرقة التي تقدم مقطوعات أغاني جميلة معروفة من بلد تطحنه الحرب منذ عشر سنوات لم تستغل استغراق الجمهور في الاستمتاع وهو في الذروة، فتصدمه أخلاقياً، بشكل مفاجئ بمقطوعة من وحي المأساة الإنسانية هناك، لكي توصل رسالة إلى العالم بالفن، وليشعر الجمهور أن هؤلاء العازفين مثل الطائر المذبوح الذي يرقص من الألم. لكن للأسف هذا لم يحدث ولم يخطر ببال قائد الفرقة المبتهج دائماً بخفة طفل مدلل". كان يوزع الابتسامات كأنه قادم من الدولة الأكثر سعادة في العالم، وهذا تعليق صديقي وليس الكويتي.

*لماذا هذه الحفلات المكوكية؟*

واضح أن القحوم خيب ظن صديقنا الكويتي العامل ضمن الفرق الإغاثية بالمناطق المحررة الذي لا يدري "لماذا هذه الحفلات المكوكية حول العالم طالما المأساة الكارثية غائبة ولا يتعاطف الجمهور إنسانياً مع البشر العائشين تحت خط الكوارث؟

*ماذا قال القحوم للصحافة الكويتية*

ما هو الأثر الذي تركته الحفلات. سألت صديقي في الكويت، وتحديداً ماذا قالت الصحافة عن الحفلتين؟ أرسل لي روابط الصحف الكويتية. في الكواليس كانت الصحافة الكويتية هناك، لكن ما كتبته خلا من أي إشارة إلى أن هذا الفن قادم من بلد تنعدم فيه الحياة في حدها الإنساني الأدنى. لأن قائد الفرقة صاحب شركة صداع الإبداع غارق في ابتساماته. كانت هناك "القبس، السياسة، الرأي، النهار ...".

*أنا سعيد جداً والكويت أول دولة خليجية*

مما قاله القحوم للصحافة مثلاً: "انا سعيد جدا ان تكون الكويت هي التي ندشن انطلاقتنا منها في الخليج وقد راينا مباشرة تفاعلاً كبيراً من الجمهور الكويتي ولم أكن اتخيل ذلك خاصة أن الجمهور متشبع من الفن اليمني"( جريدة النهار).
وقال لجريدة السياسة: ،"ان هذا المشروع بدأ من العام 2019 بحفل في ماليزيا ثم باريس والقاهرة، مشيرا الى ان الكويت هي أول دولة خليجية تستقبل الأوركسترا الحضرمية".

*ليعلموا أن الشباب اليمني يستمتع بالحياة*

وفي تصريح صحفي لأحد الشباب الحضارم (سالم بن سهل) قال قائد الفرقة:"أريد أن أظهر للعالم أن الشباب اليمني مبدع ويستمتع بالحياة"!! و أن حلمه أن يكون سفيراً رسمياً للفن اليمني حول العالم وزيراً للفن في قلوب اليمنيين"!!

*حكاية المشترحة التي ماتت خالتها*

بصراحة أعجبني مقترح الكويتي حول ريع الحفلات، وكذلك فكرة المقطوعة الصادمة وتمنيت لو أن المايسترو محمد القحوم يفكر فيها في حفلاته القادمة في أمريكا أو قطر ولا يكتفي بتوزيع الابتسامات الصائتة، فيبكي مثلاً قائلاً للجمهور هذه دموع الفرح والألم ويذكر مأساة بلاده حتى بجملة واحدة، ولا يكرر في كل حفلة حكاية المشترحة المعروفة التي ماتت خالتها، ولم تعتذر عن مرواسها في شراع آل عظيم.