آخر تحديث :الخميس - 10 يوليو 2025 - 07:16 ص

كتابات


جنود الرحمة في عدن... شموع الأمل التي تضيء بيوت الفقراء بصمت

الخميس - 01 مايو 2025 - 08:26 م بتوقيت عدن

جنود الرحمة في عدن... شموع الأمل التي تضيء بيوت الفقراء بصمت

كتب / حسان المطري


بالرغم أن مجالي المعتاد هو الكتابة للصحافة عن الفلك واستكشاف أسرار الكون، إلا أنني أجد نفسي اليوم مدفوعًا للحديث عن هؤلاء الأشخاص الذين يستحقون أن تُسلَّط عليهم الأضواء، ويُحتفى بهم في الإعلام، لأن ما يقدمونه على الأرض يفوق في أثره كل العناوين الكبرى

في عالم تتسابق فيه العناوين الكبرى بين صراعات السياسة وتقلبات الاقتصاد، تبقى هناك قصص لا تنال نصيبها من الضوء، لكنها تُشعل شموع الأمل في قلوب أُرهقها الفقر، وأثقلتها الحاجة. قصص أولئك الأشخاص الذين قرروا أن يجعلوا من أنفسهم جسرًا للخير؛ يجمعون التبرعات، ويوصلونها بأمانة إلى بيوت باتت لا تعرف من أين تأتي بلقمة العيش. إنهم الجنود المجهولون الذين يصنعون الفرق بعيدًا عن عدسات الكاميرات وضجيج المنصات.

ومن بين هؤلاء، يبرز اسمان في مدينة عدن يستحقان أن تُرفع لهما القبعات: أبو عبدالله السعدان ورائد أبو عبدالله. ومن خلال متابعتي لأعمالهما الخيرية، لا أعلم من أين أبدأ، فالإعجاب بهما لا يكفي لوصف ما يقدمانه. كم من فقير أسعدوه، وكم من مريض أسهموا في علاجه، وكم من أسرة في عدن لا تملك حتى قوت يومها، لكن بفضلهما صار يصلها الطعام كل شهر، يأتي به متبرع كريم عبر هذين الرجلين. وكم من مريض تم علاجه عبرهم مئات الحالات أن لم نقول الآلاف والأمثلة كثيرة؛ حالات تتكرر، وعطاء لا ينقطع، يُحدث الفرق الحقيقي على الأرض.

وهذه ليست سوى أمثلة قليلة من مئات القصص التي تتكرر كل يوم، بفضل هؤلاء الأشخاص الذين نذروا أنفسهم لخدمة الفقراء والمحتاجين، دون انتظار شكر أو شهرة. يفعلون ما لم تقدمه حكومات فاشلة عجزت عن سد رمق الجائعين أو علاج مرضى لا حول لهم ولا قوة.

لكن الحقيقة أن هؤلاء المتطوعين هم أكثر من مجرد وسطاء؛ إنهم جنود الرحمة، يعملون في الظل، يطرقون الأبواب، ويزرعون الأمل في القلوب المنكسرة. وحين تسألهم عن الدافع، يجيبون ببساطة وتواضع: "نحن فقط نؤدي واجبنا، والفضل لله ثم للناس الطيبة، وعملنا لله وحده".

آن الأوان أن نقف لهم تحية صادقة، ونرفع قصصهم إلى الواجهة، ليعرف الجميع أن الخير لا يُقاس بالكلام ولا بالتصريحات الرنانة، بل بالأفعال الصامتة التي تُغير حياة إنسان، وترسم ابتسامة على وجه طفل، وتعيد الروح لأسر كادت أن تفقد الأمل.

لذا، إن كنت تبحث عن باب للخير، أو وسيلة لتخفيف معاناة أسرة فقيرة، فهؤلاء هم عنوانك. ثق أن كل ريال يُسلَّم عبرهم، يتحوّل إلى دواء لمريض، أو لقمة لجائع، أو بسمة لفاقد أمل. وهم، ومعهم كثير من أهل الخير الموثقين، يشكلون شبكة أمان حقيقية لمجتمع أنهكته الأزمات، لكنه لا يزال ينبض بالعطاء.