يشهد كوكب الأرض تحوّلات عميقة قد تغيّر وجه الجغرافيا كما نعرفها، فوفقًا لدراسة علمية حديثة نشرتها مجلة Nature Geoscience، بدأت قارة أفريقيا بالفعل في الانقسام إلى شطرين، نتيجة تصدعات جيولوجية عميقة في منطقة "عفار" بإثيوبيا، حيث تلتقي ثلاث صفائح تكتونية نشطة: صدع البحر الأحمر، وصدع خليج عدن، والصدع الإثيوبي الرئيسي.
إن هذا الحدث الجيولوجي، رغم أنه يمتد على مدى ملايين السنين، يحمل دلالات كبرى على ديناميكية الأرض وتغير خريطتها مع الزمن. وكعالم فلك أؤكد أن هذه التصدعات لا تمثّل فقط حركة في القشرة الأرضية، بل تشير إلى انسجام مدهش بين باطن الأرض وسطحها، وتحاكي عمليات كونية أوسع، كالتي نشهدها في تصادم وتباعد الكواكب والأقمار داخل مجرتنا.
إن ما يحدث في أفريقيا اليوم هو جزء من منظومة أكبر تؤكد أن كوكب الأرض، كغيره من الكواكب، يخضع لتوازنات دقيقة وتحولات طويلة الأمد، تُذكّرنا بأن الثبات الجغرافي الذي نراه ما هو إلا مرحلة مؤقتة من تاريخ طويل ومعقّد. فهذه التحولات لا تحدث فجأة، بل تنمو بهدوء، كأنها نَفَس الأرض البطيء.
ووفق الدراسة، فإن الانقسام يتقدّم بمعدل يتراوح بين 5 إلى 16 ملم سنويًا، وقد يؤدي خلال 5 إلى 10 ملايين سنة إلى تكوّن محيط جديد يفصل بين شرق أفريقيا وبقية القارة، بحيث تضم الكتلة الغربية معظم دول القارة الحالية، بينما تضم الكتلة الشرقية دولًا مثل الصومال وكينيا وتنزانيا وإثيوبيا. وهذه الظواهر، رغم بطئها، تستحق المراقبة العلمية الدقيقة، لما تحمله من مؤشرات على تغيرات مناخية وجغرافية قد تؤثر على مستقبل الحياة والموارد في المنطقة.