عندما زار «رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)»، جياني إنفانتينو، الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في البيت الأبيض عام 2018، كسب ودّ الأخير بهدية: بطاقة حمراء ضخمة، واقترح مازحاً أن يستخدمها ترمب «كلما أراد طرد أحدهم».
أشهر ترمب البطاقة على الفور أمام الصحافيين المجتمعين، في خطوة عكست علاقته المتوترة غالباً بوسائل الإعلام.
ما بدا تبادلاً طريفاً بين رئيس الهيئة الكروية العالمية ورئيس الولايات المتحدة، تبيّن لاحقاً أنه الفصل الأول في أحد أعلى التحالفات إثارة للجدل في الرياضة.
الجمعة، ستعود العلاقة المتنامية بين ترمب وإنفانتينو إلى الواجهة عندما يتصدران المشهد في سحب قرعة «كأس العالم 2026» بواشنطن.
ومنذ تلك الزيارة الأولى قبل 7 سنوات، كان إنفانتينو ضيفاً دائماً في المكتب البيضاوي، لا يفوّت فرصة للإشادة بقيادة ترمب مع اقتراب موعد المونديال الذي تستضيفه الولايات المتحدة إلى جانب كندا والمكسيك العام المقبل.
وخلال عشاء عام 2020 في دافوس خلال «المنتدى الاقتصادي العالمي»، وصف إنفانتينو ترمب بأنه بـ«رجل رياضي حقيقي»، مشبهاً شخصيته بتلك التي يتمتع بها رياضيو النخبة.
وقال إنفانتينو: «أنا محظوظ في حياتي بلقاء بعض من أفضل اللاعبين موهبة في كرة القدم. والرئيس ترمب مصنوع من الطينة عينها».
إلى حدّ ما، يستند إصرار إنفانتينو على توطيد علاقته الوثيقة بترمب إلى البراغماتية، فإقامة روابط قوية مع واشنطن، في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لمواجهة التحديات اللوجيستية لاستضافة الجزء الأكبر من مباريات «كأس العالم» الموسّعة بمشاركة 48 منتخباً، تُعدّ خطوة عملية.
وقال جون زيرافا، وهو خبير بريطاني في استراتيجيات التواصل الرياضي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «من الواضح أن جياني يتمتع بعلاقة وثيقة جداً بترمب، وهو يستفيد منها؛ لأن الطرفين لديهما مصلحة مشتركة في إنجاح (نسخة 2026)».
لكن كثيراً من المنتقدين تساءلوا عمّا إذا كانت علاقة إنفانتينو بترمب قد تجاوزت الخط الفاصل، ليس فقط بطمس الحدود بين الرياضة والسياسة، بل بتجاهلها تماماً.
فإلى جانب زياراته المتكررة لواشنطن، ظهر إنفانتينو أيضاً إلى جانب ترمب على الساحة الجيوسياسية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أثار إنفانتينو الدهشة بحضوره، بدعوة من ترمب، «قمة غزة» بمدينة شرم الشيخ المصرية، حيث ترأس الرئيس الأميركي المحادثات إلى جانب عدد من قادة العالم.
وقال إنفانتينو بعد القمة: «كان دور الرئيس ترمب أساسياً وحاسماً في هذه العملية. من دون الرئيس ترمب، لما كان هناك سلام».
ووصف نيك ماكغيهان، من مجموعة «فير سكوير» المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، حضور إنفانتينو وتصريحاته في القمة بأنها «مقلقة جداً».
وأضاف ماكغيهان: «إنفانتينو تخلّى تماماً عن أي ادعاء بالحياد السياسي الذي يتبناه (فيفا) ويلتزم به قانونياً»، عادّاً أن ذلك «وضع (الاتحاد الدولي) بشكل واضح في صف ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو».
واجه إنفانتينو انتقادات جديدة الشهر الماضي بعد ظهوره إلى جانب ترمب في «منتدى الأعمال الأميركي» بميامي، حيث قدّم دعماً كبيراً لبرنامج سياسات إدارة ترمب.
وقال إنفانتينو خلال المؤتمر: «(ترمب) ينفذ ببساطة ما قال إنه سيفعله؛ لذلك أعتقد أننا جميعاً يجب أن ندعم ما يقوم به؛ لأنه يبدو جيداً جداً».
وقال البرتغالي ميغيل مادورو، الرئيس السابق لحوكمة «فيفا»، إن تصريحات إنفانتينو انتهكت لوائح «الاتحاد الدولي لكرة القدم».
وأضاف مادورو في حديث لموقع «ذي أثلتيك»: «يمكن لرئيس (فيفا) أن يصرّح بضرورة احترام نتائج الانتخابات، لكن إنفانتينو تجاوز ذلك. إنه يتخذ موقفاً في ما هو جدل سياسي داخلي بالولايات المتحدة».
لكن إنفانتينو لم يُظهر أي مؤشر على تأثره بالانتقادات، ففي اليوم عينه الذي تحدث فيه بميامي، أعلن «فيفا» عن خطط لإطلاق «جائزة (فيفا) للسلام» الجديدة التي ستُمنح خلال سحب القرعة الجمعة في «مركز كيندي» بواشنطن.
وقال إنفانتينو في بيان: «في عالم يزداد اضطراباً وانقساماً، من الأساسي الاعتراف بالمساهمات البارزة لأولئك الذين يعملون بجد لإنهاء النزاعات وجمع الناس بروح السلام».
ورغم أن «فيفا» لم يكشف عن هوية الفائز بالجائزة، فإن صحيفة «ذا تايمز» البريطانية ذكرت، نقلاً عن مصادر لم تسمّها، أن ترمب سيكون أول من يتسلمها.
المصدر / الشرق الأوسط