كشفت مصادر حكومية وسياسية ألمانية ونمساوية، عن خطوات تعمل عليها لتكوين مركز معلومات وأرشيف لدول أوروبية، يجمع جميع الأعمال المشبوهة والمتطرفة التي تقوم بها جماعة الإخوان في القارة العجوز، سواء عبر مؤسسات جمعيات خيرية وعناصر وقيادات، وأيضا شركات وأعمال تجارية ومالية.
وبينت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه الشبكة المعلوماتية التي تتأسس بناء على اجتماعات رفيعة المستوى، لمسؤولين في أجهزة أمنية واستخباراتية في 5 دول أوروبية ومن المقرر زيادتهم الفترة المقبلة، لتكون هذه الشبكة بمثابة "صندوق أسود" رسمي تتعامل على أساسه الجهات المعنية الأمنية والقضائية بين تلك البلدان، ويتم الاعتماد عليه في تقنين الإجراءات، سواء بملاحقة أشخاص أو عناصر أو جمعيات إخوانية، ينشرون التطرف وأفكارا متشددة، ويقومون بأعمال مشبوهة تتعلق بتحويل أموال التبرعات التي يتم الحصول عليها إلى جهات غير معلومة، بالإضافة إلى جرائم أخرى من أبرزها غسل الأموال.
وأوضحوا أن هذه الشبكة ستتيح لأي دولة مشتركة فيها من داخل الاتحاد الأوروبي، قاعدة معلوماتية قانونية "سرية" للأعضاء فيها، تقدم بيانات مجمعة عن نشاط الجماعة، وعناصرها، وعمليات غسل الأموال، ودورهم في دعم الأعمال المتطرفة، وجميع الأشكال الجنائية في البلدان الأوروبية التي ستربط ملفاتها وتحديثها بتلك الشبكة، وعلاقات الإخوان بالتنظيمات الإرهابية بالعالم؛ الأمر الذي يمكّن أي حكومة أوروبية، الوقوف على جميع الأسانيد والتحقيقات التي تدعم إجراءاتها في حظر أو تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، أو القيام بإجراءات أمنية تجاه شركات أو شخصيات أو جمعيات ومؤسسات إخوانية.
توجهات حاسمة
وتصاعدت الحركة الأوروبية تجاه الإخوان الفترة الأخيرة من خلال توجهات حاسمة من بعض الدول في صدارتهم ألمانيا، التي أسست مؤخرا المجلس الاستشاري للوقاية من الإسلاموية ومكافحتها، التابع للحكومة مباشرة، والذي يعمل على توثيق الإسلام السياسي ورصد الإخوان وتمويلهم في ألمانيا وأوروبا، وتجهيز الأرضية التي تقرر على أساسها الدولة "برلين" وضع الإخوان وجماعات الإسلام السياسي على لائحة الإرهاب.
يأتي ذلك في ظل توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصنيف جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، وإصداره في الوقت نفسه أمرا تنفيذيا لبدء عملية تصنيف فروع محددة من الجماعة في الشرق الأوسط كمنظمات إرهابية أجنبية.
ويقول مصدر استشاري بالحكومة الألمانية، ومطلع على التعامل مع ملف الإسلام السياسي فيها، إن عمل هذه الشبكة التي ستقوم عليها جهات أمنية واستخباراتية في 5 دول حتى الآن، هي: النمسا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا، ليختنشتاين، لتكون الصندوق الأسود الذي يوفر جميع المعلومات والبيانات والتحقيقات والقرارات والتحريات، والتي ستشارك فيها هذه الدول ومن ينضم إليها مستقبلا، وستكون شبكة محمية وسرية ولها نظام قائم لإتاحة المعلومات للبلدان الأعضاء فيها.
وأفاد المصدر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الاجتماعات التي تم من خلالها تأسيس هذه الشبكة عقدت مؤخرا في فيينا، بمشاركة أمنيين ورجال استخبارات ومختصين في ملف التطرف والإسلام السياسي، تابعين لتلك الدول، وسيكون لها انعقادات قادمة، لبحث انضمام دول أخرى بالاتحاد الأوروبي.
وبحسب المصدر، فإن هذه الاجتماعات ستكون في حالة انعقاد دائم، ومن المهم أن يكون هناك انضمام لدولتين من الاتحاد هما: فرنسا وسويسرا، في ظل السياسة التي خطتها باريس مع بنك المعلومات الأمني الذي تمتلكه الأجهزة الفرنسية بهذا الشأن مؤخرا، والذي سيعد إضافة مهمة للتضييق على جمعيات الإخوان، وأن تكون هناك جاهزية وإتاحة جميع المعلومات المتعلقة بقيادات وعناصر وتجارة وشركات الجماعة في أوروبا، بما هو ظاهر منها وما هو خفي عبر واجهات، وأيضا سيكون هناك تحديث لتلك الشبكة بمستجدات أعمال الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية المرتبطة بالإخوان، وأيضا ظاهرة تسلل عناصر إخوانية إلى جمعيات بعيدة عن نشاطهم، حيث يعملون مع الوقت على التحكم فيها واستغلالها كستار.
وبين المصدر أن أهمية دخول سويسرا على هذه الشبكة والمشاركة مع بقية الدول الأوروبية في هذا الملف، لعدة اعتبارات منها حضور جزء كبير من مال الجماعة وقياداتها هناك، لافتا إلى أن هذا العمل سيكون أرشيفا وقاعدة معلومات يتم تحديثها بشكل دوري، تبين حجم خطورة الجماعة وتجعل الحكومات قادرة على اتخاذ خطوات سريعة تجاه مؤسسات أو جمعيات أو عناصر إخوانية متورطة في تهم تتعلق بنشر أفكار متطرفة وغسل الأموال، دون القيام بتحقيقات أو تحريات من جديد.
وأشار المصدر إلى أن هذه الشبكة ستتيح لأي دولة من الأعضاء فيها، قاعدة معلوماتية قانونية تقدم بيانات مجمعة عن نشاط الجماعة وعناصرها وعمليات غسل الأموال ودورهم في دعم الأعمال المتطرفة وجميع الأشكال الجنائية في الدول التي ستربط ملفاتها وتحديثها بها، الأمر الذي يمكن أي حكومة أوروبية، الوقوف على الأسانيد والتحقيقات التي تدعم إجراءاتها في حظر أو تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، أو القيام بإجراءات أمنية تجاه شركات أو شخصيات أو جمعيات ومؤسسات إخوانية.
وتابع المصدر بالقول إن من المؤكد أن هناك دولا أوروبية ستشارك ولن تقدم أو تتيح جميع المعلومات والبيانات الخاصة بالإخوان والتنظيمات المتطرفة وكل ما لديها حول الجماعة، وذلك لأسباب قد تتعلق بأمنها أو نواح أخرى، ولكن عملية الإتاحة في حد ذاتها وتأسيس مكون لهذا الهدف، سيكون له أثار في التعامل مع الإخوان وتنظيمات إرهابية خارج أوروبا، وعلى علاقة مباشرة بالجماعة.
فيما يؤكد مصدر سياسي نمساوي مطلع، أن هناك تعاونا مطلوبا بين الحكومات الأوروبية في الكثير من الملفات الغامضة الخاصة بتنظيم الإخوان، موضحا أن في صدارة ذلك، ملف الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والذي يكمن فيه جانب كبير من التجاوزات ومخالفة القانون وتطويع الجمعيات لأعمال تعمل على نشر التطرف أو التكسب وجمع تبرعات ضخمة، دون توضيح وجه ذهاب هذه الأموال التي يتم تحصيلها تحت عنوان الأعمال الخيرية.
وأضاف السياسي النمساوي المطلع على شؤون التنظيمات المتطرفة في بلاده، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ملف التبرعات يحتاج جانبا كبيرا من التحقيقات وتحسين مستوى عمليات تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية الأوروبية، فيما يتعلق بأشخاص وجمعيات وشركات إخوانية، لأن لدى كل جهة معلومات قيمة، وفي حال حدوث استفادة متبادلة، ستكون هناك ملفات جاهزة وكاملة خاصة في ملف الجمعيات الذي يختبئ تحت مظلته ما يصل إلى 80 % من منظومة الإخوان في أوروبا، والتي تضرب في أعماق القارة العجوز وأكبر دولها لاسيما ألمانيا وسويسرا والنمسا وبريطانيا، منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
واستكمل السياسي النمساوي الذي رفض الإفصاح عن اسمه، أن هذه المنظومة في أوروبا لا تعمل منفصلة عن التنظيم الدولي بل على اتصال و تكامل مع هيكل الجماعة في دول عربية وإسلامية بالأساس.
وأردف المصدر أنه عند كشف جانب كبير من خيوط الإخوان وجمعياتها ومؤسساتها الاجتماعية والمسؤولين عنها في أوروبا، سيكون هناك ما هو فاضح في ملف الإرهاب العالمي، ليس فقط على مستوى جماعات أو حركات ولكن على مستوى تورط أنظمة حاكمة متواجدة حاليا في نشر التطرف دوليا.