آخر تحديث :الثلاثاء - 23 ديسمبر 2025 - 02:06 م

الصحافة اليوم


بين القاعدة والحوثي.. ما دوافع استهداف القيادات العسكرية جنوبي اليمن؟

الثلاثاء - 23 ديسمبر 2025 - 12:44 م بتوقيت عدن

بين القاعدة والحوثي.. ما دوافع استهداف القيادات العسكرية جنوبي اليمن؟

تقرير أشرف خليفة

يُعيد ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية وتكثيف محاولات الاغتيال لقيادات ومنتسبي القوات المسلحة الجنوبية في اليمن، تسليط الضوء على دوافع هذه الأنماط من الهجمات وتوقيتها، والجهات المستفيدة منها، في ظل تحولات أمنية وعسكرية "حسّاسة" تشهدها المحافظات الجنوبية.


وتمثّلت آخر تلك العمليات، في نجاة القيادي في قوات "دفاع شبوة" العميد فوزي السعدي مساء الأحد الماضي من استهداف مباشر عبر تفجير عبوة ناسفة أثناء مرور موكبه العسكري في الخط العام الرابط بين مدينة عتق ومنطقة عارين في محافظة شبوة، وما تعرض له معسكر قوات الحزام الأمني في المنطقة الوسطى بمحافظة أبين، أمس الاثنين، من هجوم جوي عبر طائرة مُسيّرة "مُعادية"، أسفر عن إصابة 3 جنود بجروح متفرقة.




وأكد قادة عسكريون ومراقبون سياسيون وأمنيون، لـ"إرم نيوز"، أن "هذه العمليات لا تُعدّ حوادث معزولة، بل تأتي ضمن سياق أوسع من حرب الاستنزاف، والتي تلجأ إليها التنظيمات والجماعات المتضررة من الضربات العسكرية المتلاحقة".


وأشاروا إلى أن "تصاعد استهداف القيادات العسكرية، لا يعكس قوة التنظيمات المنفذة، بقدر ما يكشف عن مرحلة انتقالية معقدة يعيشها الجنوب، في ظل صراع مفتوح بين مشروع ترسيخ الأمن والاستقرار، ومحاولات مستميتة لإعادة خلط الأوراق عبر الفوضى والاغتيالات".


المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة الجنوبية المقدم محمد النقيب، يؤكد بأن "العمليات الإرهابية ومحاولات الاغتيال، تأتي ضمن المواجهة المفتوحة التي تخوضها القوات الجنوبية ضد التنظيمات الإرهابية، المتمثلة بتنظيمي القاعدة وداعش وميليشيا الحوثي بالإضافة إلى أذرع الإخوان المسلمين".


وأوضح النقيب، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، بأن هذه الجماعات وبعد تلقيها "هزائم ساحقة" أفضت إلى طردها من مناطق الجنوب، لجأت إلى هذه الأساليب الإرهابية "الجبانة"، لتعويض فشلها العسكري المباشر.


وأشار النقيب، إلى أن "استهداف القادة العسكريين، والأفراد من جنود وضباط بشكل منفرد أو مواقع تمركز القوات أو المعسكرات، يعكس حالة الانكسار التي تُعاني منها الأطراف المعادية، ومؤشر على فقدانها القدرة على المناورة".



وأكد أن "هذه العمليات لم ولن تُضعف القوات الجنوبية، بل تُزيدها إصرارا على مواصلة المواجهة، مُستندة في ذلك، إلى خبرة طويلة في مكافحة الإرهاب وإجراءات أمنية مكثفة، قادت إلى إحباط العديد من المخططات وضبط خلايا كانت بصدد تنفيذ عمليات إرهابية متعددة في مختلف المحافظات".


وشدّد المتحدث العسكري، في ختام حديثه، على أن "ما تحقق على الأرض من عمليات حسم وقطع شريان خطوط الإمداد، خصوصا تهريب السلاح الإيراني للحوثيين، يُمثّل خطوة مُتقدمة في تعزيز أمن الجنوب وتأمين ظهره، استعدادا لمعركة أوسع تهدف إلى تهديد الميليشيا الحوثية والتنظيمات الإرهابية والقضاء عليهم بشكل كامل".


وأفاد المقدم النقيب، في ختام حديثه، قائلا "استشعرت هذه الجماعات الإرهابية مُجتمعة وعلى رأسها الميليشيا الحوثية، الخطر الحقيقي القائم عليها والقادم إليها؛ ما دفعها اليوم إلى تحريك عناصرها الإرهابية كأداة، في محاولة لتعطيل المساعي لاستئصالها، وهو ما لن يتحقق لها".


من جانبه، يرى المدير الإقليمي في مركز "سوث 24" للدراسات السياسية والإعلامية يعقوب السفياني، أن "استهداف ضباط وقيادات عسكرية في القوات الجنوبية، يُمثّل امتدادا لأجندات إرهابية قديمة، عادت للواجهة كموجة جديدة من محاولات الاستنزاف".


ويُشير السفياني، خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن "المستفيد الحقيقي من هذا التصعيد هو أطراف سياسية لا تستطيع خوض مواجهة عسكرية مباشرة مع القوات الجنوبية في الوقت الراهن، سواء بسبب التهدئة القائمة أو لاعتبارات عسكرية، وتُدرك في الوقت نفسه استحالة تحقيق اختراق ميداني".


وبحسب السفياني، فإن دعم الخلايا والتنظيمات لتنفيذ الاغتيالات وعمليات تفجير إرهابية، يُعد خيارا "منخفض الكُلفة السياسية"، مُبينا "إذ غالبا ما تُنسب مثل هذه العمليات إلى تنظيمات مصنفة إرهابيا؛ ما يسمح للأطراف السياسية الداعمة بالخروج بخسائر (صفرية) تكاد تكون معدومة على المستوى السياسي ومستوى السمعة، رغم وجود معلومات وقرائن واضحة حول الأطراف التي تدعم الإرهاب اليوم وتتحالف معه".  



من جهته، ذهب الباحث في الشؤون الأمنية عاصم المجاهد، بالإشارة إلى أن "العمليات الإرهابية والاغتيالات، لا يُمكن قراءتها فقط من زاوية الجنوب، بل ضمن مناخ عام يتسم بانعدام الثقة وتفكك البُنية الأمنية، حيث تتحول إلى رسائل ضغط متبادلة بين أطراف مُتعددة".


وقال المجاهد، لـ"إرم نيوز": "من زاوية تكتيكية هناك انتقال واضح من المواجهة المباشرة إلى حرب استنزاف أمنية"، لافتا إلى أن "هذا التحول لا يعني بالضرورة ذكاء الطرف المُنفذ، بقدر ما يعكس محدودية قدرته على فرض وقائع عسكرية واسعة".


وأضاف الباحث في الشؤون الأمنية "الاغتيالات والعمليات الإرهابية تصبح هنا بديلا عن السيطرة، وتعبيرا عن عجز الأطراف المُنفذة، أكثر من كونها تعبيرا وإبرازا للقوة"، منوها بأن "المستفيد الحقيقي من هذا النمط هو الفوضى نفسها حيث تتآكل فكرة الأمن لصالح منطق القوة المتناثرة".


ويحذّر المجاهد، من تبسيط الظاهرة بحصرها في "الخلايا النائمة" فقط، لافتا إلى أن المشكلة أعمق، وتتعلق، وفق قوله "بضُعف المنظومة الأمنية وتداخل الصلاحيات، وغياب جهاز استخباراتي مهني بعيد عن الاستقطاب السياسي".