فتحت العملية الأمنية الأخيرة التي نفذتها قوات اللواء الخامس دعم وإسناد في منطقة "الخشعة" بمحافظة حضرموت، الباب واسعاً أمام تساؤلات تتجاوز مجرد ضبط محطات تكرير نفط غير قانونية، لتصل إلى صلب القضية الجنوبية ومآلات مشروع الوحدة الذي يرى مراقبون أنه "ذُبح من الوريد إلى الوريد" بأيدي مراكز النفوذ.
كشفت التحقيقات أن المحطات المضبوطة، والمملوكة لأشخاص من محافظتي صنعاء وذمار اليمنيتين، كانت تعمل لسنوات في استنزاف النفط الخام ونهبه جهاراً نهاراً، بينما يكتوي المواطن الجنوبي بنيران الأزمات المعيشية وخدمات الكهرباء والوقود.
ويضع هذا المشهد حداً للزيف والحديث عن "الوحدة" التي تحولت من شراكة وطنية مفترضة إلى "إقطاعية خاصة" وقيد استثمار للمتنفذين، عاكسةً جوهر العقلية التي أدارت الجنوب لثلاثة عقود كـ "ساحة فيد" وغنيمة.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن الجنوبيين لم ينهوا الوحدة بمطالبهم السياسية، بل إن الطرف الآخر هو من اغتالها يوم أن قرر استبدال النظام والقانون بشبكات النهب المنظم، واستباحة السيادة الوطنية لتحويلها إلى تجارة سوداء تخدم مراكز قوى معينة.
وما جرى في "الخشعة" يضع الجميع أمام الحقيقة العارية: الوحدة لم تكن يوماً هدفاً لهؤلاء، بل كانت مجرد "غطاء" تمرر من خلفه قاطرات النهب والاستحواذ.
ويرى محللون أن نجاح القوات الجنوبية في وضع حد لهذا العبث في حضرموت، يثبت أن استعادة الدولة الجنوبية وتأمين ثرواتها بات "ضرورة وجودية" لوقف نزيف المقدرات، وليس مجرد مطلب سياسي. فصون كرامة الجنوب وحماية ثرواته تبدأ من الاعتراف بأن هذا العبث قد انتهى إلى غير رجعة، وأن من خان العهد هو من يتحمل مسؤولية "الانفصال الواقعي" الذي يراه المواطن في كل بئر نفط ومنشأة كانت منهوبة.
ختاماً..تظل واقعة "الخشعة" الشاهد الحي والدليل القاطع على فشل المشاريع المفروضة بالقوة، فبينما كان البعض يتغنى بالوحدة في المحافل، كانت أدواته تنهب ثروات الشعب الجنوبي، مما يجعل من استعادة القرار السيادي الجنوبي الضمانة الوحيدة لحماية حق الأجيال القادمة.