تعرضت قوات الحزام الأمني في مديرية لودر بمحافظة أبين، مساء الاثنين، لهجومٍ إرهابي نفذته طائرة مُسيّرة، أسفر عن إصابة ثلاثة من أفراد القوة بجروح متفاوتة، في تصعيد جديد يستهدف القوات المسلحة الجنوبية عقب النجاحات الميدانية التي حققتها خلال الفترة الماضية.
وأوضح المقدم محمد النقيب، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الجنوبية، أن الهجوم نُفذ باستخدام طيران مسيّر إيراني الصنع ومزدوج الاستخدام، تشترك في توظيفه مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة الإرهابي، مؤكدًا أن هذا النوع من الطيران سبق أن أشار إليه تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي.
وبيّن النقيب أن تنظيم القاعدة حصل على هذه الطائرات من مليشيات الحوثي عقب طرده من معاقله وتدمير أوكاره خلال عمليتي سهام الشرق وسهام الجنوب في أغسطس 2022 بمحافظتي أبين وشبوة، في مؤشر واضح على تلاقي الأجندات الإرهابية وتبادل الأدوار بين الطرفين.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن هذه الاستهدافات تأتي في أعقاب النجاحات الفارقة التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية ضمن عملية المستقبل الواعد، والتي تُوّجت بتأمين مساحات واسعة من الجنوب، وقطع شرايين تهريب السلاح الإيراني إلى مليشيات الحوثي، إلى جانب دك أوكار التنظيمات الإرهابية في وادي وصحراء حضرموت.
وأضاف أن تصاعد وتيرة الهجمات بالطيران المسيّر تزامن مع انطلاق عملية الحسم، في محاولة بائسة لخلط الأوراق في مرحلة ما بعد تأمين الأرض والظهر، مؤكدًا أن هذه الاعتداءات لن تثني القوات الجنوبية عن مواصلة مهامها الوطنية وفق التوجيهات والهدف العملياتي الذي حدده الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي.
وفي السياق ذاته، شهدت محافظات الجنوب خلال الأيام الماضية سلسلة من العمليات الإرهابية، أبرزها نجاة القيادي في قوات دفاع شبوة العميد فوزي السعدي من محاولة اغتيال عبر تفجير عبوة ناسفة استهدفت موكبه العسكري على الخط العام الرابط بين عتق ومنطقة عارين، إضافة إلى الهجوم الجوي الذي استهدف معسكر الحزام الأمني في المنطقة الوسطى بمحافظة أبين، وأسفر عن إصابة ثلاثة جنود.
وأكد قادة عسكريون ومراقبون سياسيون وأمنيون أن هذه العمليات لا تُعد حوادث معزولة، بل تأتي ضمن سياق حرب استنزاف ممنهجة تنفذها تنظيمات وجماعات متضررة من الضربات العسكرية المتلاحقة التي تلقتها خلال الفترة الماضية.
من جانبه، يرى المدير الإقليمي لمركز "سوث 24" للدراسات السياسية والإعلامية يعقوب السفياني، أن استهداف القيادات العسكرية الجنوبية يمثل امتدادًا لأجندات إرهابية قديمة عادت للواجهة كموجة جديدة من محاولات الاستنزاف، مشيرًا إلى أن المستفيد الحقيقي من هذا التصعيد أطراف سياسية عاجزة عن خوض مواجهة عسكرية مباشرة في الوقت الراهن.
وأوضح السفياني أن اللجوء إلى دعم الخلايا والتنظيمات لتنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات يُعد خيارًا منخفض الكلفة السياسية، إذ تُنسب هذه العمليات عادة إلى تنظيمات مصنفة إرهابيًا، ما يسمح للأطراف الداعمة لها بتفادي أي تبعات سياسية أو إعلامية.
بدوره، أكد الباحث في شؤون الجماعات المسلحة سعيد بكران، في حديثه إلى قناة سكاي نيوز عربية، أن العملية الأخيرة في أبين تكتسب أهمية خاصة بسبب توقيتها الحساس وموقعها الاستراتيجي، لافتًا إلى أن القوات الجنوبية كانت شريكًا رئيسيًا في مكافحة الإرهاب منذ تحرير المكلا، وحققت نجاحات كبيرة في تفكيك قدرات تنظيم القاعدة.
وأشار بكران إلى أن العمليات الجارية في أبين تمثل استكمالًا لإنجازات سابقة في وادي وصحراء حضرموت والمهرة، حيث جرى قطع خطوط الإمداد والتمدد للتنظيمات الإرهابية، ما قلّص نفوذها ومساحاتها الحيوية التي ظلت لسنوات طويلة ملاذًا آمنًا لها.
وسلط بكران الضوء على التلاقي الواضح بين أهداف تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة من جهة، وأهداف الحوثيين والأذرع الإيرانية من جهة أخرى، معتبرًا أن هذا التقاطع أتاح للتنظيمات الإرهابية تسهيلات وفرصًا لتعزيز عملياتها في مناطق التماس.
وفيما يتعلق بآفاق الصراع، شدد بكران على أن القوات الجنوبية تمثل قوة منظمة وفاعلة في مسار استعادة الدولة، وتسهم في تثبيت الأمن وتهيئة الأرضية للحوار الوطني، معتبرًا أن مشروعها يشكل ركيزة أساسية لمعالجة القضايا العالقة، خصوصًا في الجنوب، وبناء مستقبل قائم على الأمن والاستقرار.