احتضنت مدينة سيئون، قلب وادي حضرموت، "مليونية النصر وإعلان دولة الجنوب العربي"، لم تكن هذه الفعالية مجرد تجمع جماهيري عابر، بل حملت في طياتها دلالات سياسية واستراتيجية عميقة تعيد صياغة موازين القوى في المنطقة.
كسر الطوق وتغيير المعادلة في الوادي
تكتسب المليونية أهميتها من مكان انعقادها؛ وادي وصحراء حضرموت، فسنوات طويلة، كان الوادي يمثل منطقة صراع نفوذ وتواجد لقوى عسكرية تقليدية، إلا أن الاحتشاد في سيئون اليوم تحت شعار "النصر" يعكس تحولاً جذرياً في السيطرة الميدانية والزخم الشعبي لصالح المشروع الجنوبي، مؤكداً أن "عقدة الوادي" قد حُلّت لصالح القوات المسلحة الجنوبية والنخبة الحضرمية.
انتقلت الخطابات السياسية في هذه الفعالية من سياق "المطالبة بالحقوق" إلى سياق "توجيه النداء للإعلان الرسمي"، و دعوة الرئيس عيدروس الزُبيدي لاتخاذ خطوات سياسية لإعلان دولة الجنوب العربي تعكس ثقة المجلس الانتقالي في تمكينه على الأرض، وتحوله من فاعل سياسي يطالب بالشراكة إلى سلطة أمر واقع تسعى للتحول إلى كيان دولي معترف به.
وحملت المليونية ثلاث رسائل استراتيجية وجهها رئيس الجمعية الوطنية علي الكثيري والقيادات الحاضرة:
للداخل الجنوبي: تجديد التفويض للقيادة السياسية وتأكيد اللحمة بين "الهوية الحضرمية" والمشروع "الجنوبي الفيدرالي"، لقطع الطريق على محاولات سلخ حضرموت عن محيطها الجنوبي.
و للتحالف العربي والمجتمع الدولي: التأكيد على أن القوات المسلحة الجنوبية هي الشريك الوحيد القادر على تثبيت الأمن ومكافحة الإرهاب في هذه المنطقة الاستراتيجية، وأن الإرادة الشعبية لم تعد تقبل بأنصاف الحلول.
و للمنظمات الدولية: دعوة صريحة لمعاينة الواقع على الأرض وكسر حاجز التضليل الإعلامي، في محاولة لانتزاع اعتراف حقوقي وسياسي بالمتغيرات الجديدة.
اخيرا، تمثل "مليونية سيئون" إعلاناً شعبياً بانتهاء حقبة "الضبابية" في وادي حضرموت، فلم يعد أبناء حضرموت يتحدثون عن "تطلعات"، بل عن "واقع جديد" تفرض فيه القوات الجنوبية سيطرتها، ويسعى فيه المجلس الانتقالي لترجمة هذا الانتصار العسكري إلى مكسب سياسي نهائي يتمثل في إعلان الدولة.