آخر تحديث :الثلاثاء - 30 ديسمبر 2025 - 02:33 م

الصحافة اليوم


بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية.. ما خسائر الحوثيين في 2025؟

الثلاثاء - 30 ديسمبر 2025 - 12:57 م بتوقيت عدن

بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية.. ما خسائر الحوثيين في 2025؟

تقرير أشرف خليفة

واجهت ميليشيا الحوثي تحدياً وجودياً في 2025، مع حملة عسكرية أمريكية وإسرائيلية مكثفة استمرّت نحو 10 أشهر، طالت "العمق" العسكري والسياسي للجماعة المتمرّدة، المتركزة في العاصمة اليمنية صنعاء، ومدن أخرى.   


وبعد نحو شهرين من عودة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، استأنفت واشنطن عملياتها العسكرية الثانية ضد الحوثيين منتصف مارس 2025، لتستمرّ حتى أوائل مايو ، حيث توقفت على إثر هدنة مؤقتة، فيما كانت إسرائيل تواصل هجماتها التي بدأت في نوفمبر 2023 رداً على هجمات حوثية "إسناداً لغزة".


وكشف تقرير عسكري يمني تفاصيل دقيقة عن الضربات الجوية والبحرية التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد ميليشيا الحوثي في 2025، في سياق تصعيد عسكري مرتبط بتطورات الصراع في غزة والبحر الأحمر. 




 ونفذت القوات الأمريكية خلال هذه الفترة أكثر من 60 موجة هجومية، تجاوز فيها القصف الجوي 800 غارة، بينما تجاوزت الضربات البحرية 50 ضربة. 


وبحسب رصد "إرم نيوز"، بلغ إجمالي الغارات أكثر من 950 غارة، موزّعة على 12 محافظة تحت سيطرة الحوثيين، فيما تركّزت الغارات بشكل كثيف على محافظتي صنعاء وصعدة، مركزي ثقل الميليشيا، حيث سجلت كل منهما 217 غارة. 


أما محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر، فقد شهدت تصعيداً ملحوظاً في أبريل/نيسان، بـ129 غارة خلال الشهر وحده، ليصل إجمالي الغارات فيها إلى 186 غارة.


وأسفرت الضربات الأمريكية، وفق التقديرات العسكرية الأمريكية، عن مقتل ما بين 350 إلى 400 عنصر حوثي، مقابل 145 قتيلاً وفق الأرقام الرسمية الحوثية، فيما تراوح عدد الجرحى بين 400 و500 عنصر، منهم 35% أصيبوا بإعاقات مستديمة. 


كما أشار التقرير إلى أن نحو 20% من القتلى والجرحى ينتمون إلى وحدة الصواريخ الاستراتيجية ومنصات الطائرات المسيرة. 


أما على صعيد البنية التحتية العسكرية واللوجستية والتسليحية للحوثيين، فقد بلغت نسبة الأضرار 40%، ووصفت بأنها "عالية المخاطر"، خصوصاً أن الهجمات الأمريكية استهدفت بشكل ممنهج منظومة القتال الحوثية. 




ومن جانب إسرائيل، فقد انطلقت نحو 12 موجة جوية وبحرية، مستخدمة مقاتلات متطورة من طراز إف-15 وإف-35 وAdir-161، إلى جانب طائرات تزويد بالوقود وبارجة حربية. 


ووفق بيانات حوثية، فقد أدّت هذه العمليات إلى مقتل 141 من قيادات عسكرية وسياسية ومدنيين.


كما تسببت الغارات الإسرائيلية في تدمير موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى النفطي، ومطار صنعاء الدولي، و4 طائرات مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية، إضافة إلى محطات كهرباء وخزانات وقود ومصانع في عدة محافظات، فيما قدّرت مصادر حوثية الخسائر المادية بنحو ملياري دولار، فيما يرى مراقبون اقتصاديون أن الرقم أعلى كثيرا.


وشهدت الموجات الأخيرة الإسرائيلية، منذ منتصف أغسطس حتى 10 سبتمبر/أيلول 2025، تحولاً نوعياً باستهداف قيادات عليا، حيث قتل رئيس هيئة الأركان الحوثية محمد عبدالكريم الغماري، ورئيس وزراء الحكومة الحوثية وعدد من الوزراء، بينما لا يزال مصير عدد من القيادات الميدانية مجهولاً بعد اختفائهم التام. 




تحول "خطير"


تقدّر مصادر عسكرية يمنية مطلعة لـ"إرم نيوز" أن الغارات الجوية والضربات البحرية الأمريكية والإسرائيلية شهدت تطوراً ملحوظاً وتحولاً خطيراً على جماعة الحوثي في 2025.


 وبينما اقتصرت العمليات على قصف تقليدي سابقاً في 2023 و2024، تحوّلت في العام الجاري إلى تنسيق استخباراتي عميق، أسفر عن ضربات دقيقة ومركزة استهدفت مراكز القرار، سلاسل الإمداد، وقيادات عسكرية وسياسية بارزة.


وأوضحت المصادر أن الهجمات لم تقتصر على إضعاف الحوثيين نارياً، بل هدفت إلى تفكيك منظومتهم القتالية من الداخل؛ ما أحدث آثاراً تراكمية خطيرة لا تزال الميليشيا تعاني منها حتى اليوم، رغم توقف الضربات قبل أشهر.


وأفادت المصادر أن الضربات الأمريكية في عهد ترامب، والإسرائيلية في الأشهر الأخيرة قبل التوقف في أكتوبر الماضي، اعتمدت على بنك أهداف متحرك يُحدّث شبه يومي بناء على معلومات استخباراتية متعددة المصادر.  




ولم يركّز الاستهداف على مواقع ثابتة، بل على منظومات تشغيل متنقلة تشمل غرف قيادة، حلقات وصل، مخازن مؤقتة، وفرق تشغيل من مهندسين وفنيين. وبعض الأهداف المدمرة لم تكن مدرجة حتى في خرائط الحوثيين التنظيمية، ما يشير إلى اختراق استخباراتي بشري دقيق يتجاوز الرصد الجوي.


وأبرزت المصادر تحول التركيز في 2025 نحو استهداف العنصر البشري عالي القيمة أكثر من السلاح نفسه، حيث يعادل إخراج مشغل صاروخ أو خبير طائرات مسيرة عن الخدمة تدمير منصة كاملة، نظراً لعدم جاهزية البديل.


 وتسبّب هذا الأمر في فجوات تشغيلية كبيرة في وحدات نوعية محورية، قلّص عدد العمليات الحوثية، وخفّض مستوى تعقيدها التكتيكي، وأجبرها على الاعتماد على كوادر أقل خبرة وتدريباً؛ ما انعكس سلباً على أدائها. 




"شلل كلي"


كما أدّت الضربات إلى شلل شبه كلي في سلسلة القيادة والسيطرة، ليس جسدياً فحسب، بل نفسياً وأمنياً، فيما أصبح الخوف من الاختراق عاملاً مؤثراً في اتخاذ القرارات؛ ما دفع الحوثيين إلى تغيير مواقع القيادات بشكل متكرر، تقليص الاتصالات الهاتفية إلى الحد الأدنى، تعديل الحراسات، وفرض مركزية مفرطة أفقدتهم السرعة في اتخاذ القرارات.


وأجمعت المصادر على أن الميليشيا تواجه أزمة ثقة داخلية غير مسبوقة، أدت إلى شرخ عميق بين القيادات العسكرية، تشكيل تحالفات وتحزبات، وصراع أجنحة، ما دفع طهران إلى إعادة قائد بارز في الحرس الثوري،علي شهلائي، إلى صنعاء لتهدئة الوضع. 


في الجانب اللوجستي، ساهمت عمليات قطع خطوط الإمداد وإحباط تهريب الأسلحة والمخدرات في كلفة باهظة إضافية، حيث تم ضبط شحنات ضخمة؛ ما عطل مسارات التهريب الإيرانية، وأجبر الحوثيين على طرق أطول وأخطر، وقلص مخزون الذخائر النوعية، وأفقدهم مصدراً اقتصادياً مهماً من تجارة المخدرات.


وخلصت المصادر إلى أن الحوثيين، رغم عدم هزيمتهم عسكرياً بشكل قاطع، إلا أنهم خسروا تماسك منظومتهم، وانتقلوا من إدارة الهجوم إلى إدارة البقاء، كما فقدوا هيبتهم أمام قواعدهم، وتراجعت قدرتهم على الحرب النفسية، مع تزايد التساؤلات والتسريبات.


 فيما أدى تعاملهم مع مقتل رئيس هيئة أركانهم السابق محمد عبدالكريم الغماري، واستمرار إصدار تصريحات باسمه بعد مقتله، إلى تعميق الفجوة مع أنصارهم.