آخر تحديث :السبت - 20 أبريل 2024 - 01:32 ص

كتابات واقلام


نحتاج لوعاء ايرادي شفاف ومقص بتار ذاتي الحركة

الأحد - 05 مارس 2023 - الساعة 01:18 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


يكتبه جمال مسعود علي


لاخلاف على ان البنك المركزي اليمني الصنعاني او العدني عديم الثقة وصار بحاجة الى وعاء شفاف لحفظ الايرادات كما يحتاج ايضا الى مقص ذاتي الحركة يبتر اتوماتيكيا يد كل سحب مخالف للنظام البنكي ، ولا اعفاء لاحد من القص والبتر ، فمنذ تغيير النظام المالي بعد ١٩٩٠م والانتقال من نظام الخزينة العامة في الجنوب الى هذا الذي نحن عليه اليوم والذي لايرى بالعين المجردة ولا بعدسة المراقبة ولا بآلات الرصد والتتبع ، منذ ذلك الحين والباحث والدارس والمتقصي للمعلومات لايستطيع ان يقرأ جملة مفيدة في النظام المالي ولا ترجمة نصوصه حتى يفهم معناها ، غموض وتضليل لبيانات ومعلومات حركة النقد وادوات ووسائل واوامر تحريكه في البلد.

فبعد ان كانت حركة التداول النقدي مستقرة وثابتة بثبات نظام الخزينة العامة للدولة في الجنوب حتى في ظل التوتر السياسي والصراع الدموي بين الاطراف السياسية يبقى المصرف بمنأى عن الصراع لم يهتز او يتأثر بتداعياته السياسية والعسكرية.

يعزو البعض حالة الثبات والاستقرار النقدي في الجنوب الى الوعاء الشفاف لعمليات السحب والايداع الذي سد منافذ التسريب والنهب والاختلاس عبر الفساد ، وكون تقليب المال في الخزينة العامة كان ظاهرا للعيان وبوضوح ، ينكشف اي وعاء مخروم يتسرب منه المال العام ، وهو ما قضى نهائيا على اي توجه فاسد نحو الخزينة العامة للدولة ونهب المال العام ، وشاع بين الناس تنفيد العقوبات واحكام الاعدام الميداني بحق الاختلاس والنهب للمال العام بدءا بحبة الييض وعلبة معجون الطماطم وانتهاء باختلاس خزينة الدولة ، اضافة الى فعالية الدور الرقابي والتفتيش الدائم والمفاجئ وهو بمثابة الكاميرا الخفية في ايامنا هذه والذي بمكانته وهيبته جعل التناجي بين المتآمرين على ارتكاب اي جريمة لايجدون مكانا آمنا لعقد الصفقات ، فالجدران لها آذان والرقابة تراهم وتسمعهم حتى في غيابها.

ان الخروج من نظام الخزينة العامة للدولة وفتح الباب امام حرية التداول وحركة النقد خارج البنك المركزي في ظل غياب الوازع الوطني الحريص على سمعة ومكانة النقد المحلي قبل التفكير بالوازع الديني ، افقد النقد اخلاقيات التداول وقيمها ، فسهل على البعض بيع العملة لغرض الاضرار بالوطن دون اي اعتبار ، ومد البعض ايديهم للمال ومقدرات البلد دون خجل او خوف من الرقابة او المحاسبة في ظل تغيير الاوعية الشفافة التي كانت تحفظ الايرادات وتظهر بوضوح للرأي العام حركة السحب والايداع ، واستبدالها بأوعية سوداء مخرومة من كل الجوانب لا تستطيع الاحتفاظ بالنقد والارصدة او تسجل عداد النقد التصاعدي فكانت النتيجة المتوقعة بالتأكيد هي اللجؤ الى التستر وحفظ اسرار بعضهم لبعض وتغطية بعضهم لبعض واستخدام ادوات الحماية القانونية والتشريعية وتجييرها لصالح الاستخدام المفتوح للسحب والايداع النقدي من قبل هذ وذاك القابعين اعلى الهرم فوق صلاحيات السلطة العليا لمجلس ادارة البنك وهم المهيمنين على القرار والاصدار والتعديل والالغاء والسماح والتجاوز والامر بالصرف وتوقيف الصرف ، وتغيير لون العملة وتكبيرها وتصغيرها وتحديد مكان التعامل فيها وقيمتها امام نفس العملة بالحجم واللون المختلف في نفس الدولة المتغير نظام الحكم فيها عسكريا وطائفيا ونقديا دون مراعاة لتداعيات التغيير واثره على السكان في هذه البقعة او تلك في هذه الدولة.

نحن في قادم الايام بحاجة الى اعادة الاوعية الشفافة لبنك عدن المركزي لمعرفة كم الرقم.. ؟ وكم الانتاج..؟ وكم الايراد..؟ وكم السعر..؟ وكم المنهوب ..؟ وكم المتبقي..؟ ومن الذي يأمر بالصرف..؟ ومن الذي يحق له التصرف..؟ وفي الاخير نحن بحاجة الى البحث عن كل وطني نزيه مستعد ان يعمل لصالح الوطن لا الوثن.