آخر تحديث :السبت - 04 مايو 2024 - 08:04 ص

كتابات واقلام


سواتر الظلام خلف حواجز* *الاعلام

السبت - 13 يناير 2024 - الساعة 01:22 م

سعيد أحمد بن إسحاق
بقلم: سعيد أحمد بن إسحاق - ارشيف الكاتب


مازال الواحد فينا يتألم ويتألم غيرنا لحالنا فيما نعايشه ونتعايشه من جفوة فكرية وقسوة نفسية ومن فظاظة القلب والشعور!..
فكم لبثت من ساعات أقلب الرأي بين الإمساك عن كتابة هذه الاسطر و مانراه ونسمعه ونقرأه إتقاء للهجوم، والاقدام على نشر هذا المنشور رغبة في اقبال هؤلاء المعرضين لاصلاح فكرتهم فيما يدور ويحاك في أصعب مرحلة يمر به الجنوب العربي طوال تاريخه، برغم التحذيرات من مغبة المتربصين والمتآمرين لاطماع الهيمنة والسيطرة على موقعه الإستراتيجي وما يكتنزه من كنوز متنوعة، لكنهم فضلوا إلا ان يظلوا معرضون عن حجم المؤامرة وفهمها، لما رسخ في نفوسهم من تصور انه من المستحيل فهمها واستيعابها.
فكم من نقد تلقيناه.. وربما جاء مريرا في بعض الأحيان، وغير مستساغ عند بعض الناس.

تصور متهافت في ظل وطن بحاجة الى ابنائه بتكاتفهم وتلاحمهم اكثر مما مضى، ولكن ربما كان سبب ذلك الجهل والظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها الجميع بلا إستثناء، لا يدرون إن التجويع سلاح يتخذ للتفرق والكراهية للاخضاع والتسلط والهيمنة.

تأمل تلك المكونات، تجدها منهمكة في دائرتها الصغيرة وحدها، لا تحاول ان تربط بين ماهي فيه واي حلقة اجتماعية اخرى بالانسجام والتنسيق، وربما انكرت على نفسها وعلى الآخرين أن ينشغلوا بغير هذه الدائرة التي حصرت نفسها فيها وكأنها لا تعنيها أمرها بحال.. قد جعل منها دنيا مستقلة ترعاه وتشمله، يستوحي منها قبيلته وعشيرته واخلاقه ونسبه ومنصبه، لا تحاول ان تلتفت عما هي فيها لتؤلف بينها وبين الجوانب الفكرية والاجتماعية الأخرى بأي خيط من التنسيق والانسجام، تعيش فقط ساعات عمرها كما تهوي نفسها متحللة من كل رابطة وقيد. فكان مصيرها الفشل والارتزاق على حساب الوطن.
إن من الغرابة ان نجد بالوطن ان من الناس لا ينكرون على المكون الاول سلبيته وانعزاله، بحجة ان ذلك شأنها وتلك هي وظيفتها.. كما انهم لا ينكرون على المكون الجديد بنفس عناصره تحلله وسوءه لان ذلك شأنها واختصاصها.. وامام هذا يظل المواطنون يعيشون تحت تلك المكونات حائرا، ممن يأخذ وبمن يسترشد؟! ليس للمواطن المسكين مناص في هذا الحال، من أن ينقلب فيصبح حلبة للصراع ومزرعة للتناقض والازدواج، وماهلكت الشعوب ألا بتفرقها تحت مكونات صغيرة مهترئة لا همها وطن باستعادته ولا بهوية ولا لاعتبار لابد لقوى الاحتلال بتقديم العذر و التعويض لكل ما دمرته ونهبته. فأية ضرورة تدعونا الى ان نظل عاكفين على باب اليمن وقبائله، والحرب اليوم على بحر العرب وخليج عدن وباب المندب وانتم مازلتم بألسنتكم على بعضكم بعضا مرطونة، لا تعرف غير السباب والشتائم لها مرهونة؟ ألا تؤمنوا بأن الوطن للجميع؟ ما لكم لا تستشعرون بالخطر الداهم إليكم؟ ألم تنظروا لتلك الافواج الغريبة ومن جنسيات اخرى التي تزحف للجنوب يوميا وبالذات في عدن، تفترش الاسواق والشوارع وفي كل مكان في منظر مخيف ومقرف وغير حضاري ؟ ألم تنتبهوا لذلك النزوح الى المهرة وحضرموت ولا لتلك الافواج عن طريق البحر؟ ولا لظهور المتسولون وقت المصائب؟! متى نكون على قدر كبير من المسئولية لحماية انفسنا ووطننا على الأقل من تقلبات وتغيرات ليست بالبعيدة عنا؟ اليوم أمريكا وبريطانيا قامت بضربات على الحوثة كما تقول الانباء محدودة.. لكن قامت جماعات الحوثة بشن عدة هجمات على منافذ شبوة وربما ابين في تناسق وتزامن مع الضربات البريطانيةو الأمريكية على صنعاء والحديدة وتعز ؟ فما العلاقة بينهما؟ اين الألسن الراطنة، لعل الواحد فينا ان يستفيد من تحليلاتها من تزامن الضربة واشتداد الجبهات في شبوة وابين؟! لكنها مازالت على اللغة التي تعودت عليها.
إن الجنوب مقبل على حرب لا مهرب منها، فالمؤشرات تشير الى ذلك، ضرب على صنعاء من مقاتلات امريكية بريطانية واعتداءات حوثية غادرة على شبوة تشن بطائرات مسيرة وبصواريخ حوثية، مفارقات عجيبة في حرب عدوانية.. تجعل القوات الأمريكية البريطانية غير قادرة على صدها.. إنها كسواتر الظلام خلف حواجز الاعلام، وكلاهما غامض لما يحاك ويدار ونحن هنا على خلاف التفسير والتعريف به
حتى يقع الفأس على الراس وحينها لا ينفع الندم والتباكي على ما مضى.
إن اهداف الضربة الأمريكية البريطانية لم تأتي من فراغ في وقت محاكمة اسرائيل على جرائمها الابادية لاهالي قطاع غزة امام محكمة العدل الدولية إلا للفت أنظار العالم عن المحاكمة وفظائع الجرائم الصهيونية النازية في غزة أولا ولكسب اصوات اليهود لتجديد رئاسة بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة ثانيا.
إن الوضع المتدهور في الوطن.. ليس إلا لحظة متجلية للحقيقة أو لحظة متجلية للامتحان، وعلينا جميعا ان ندرك الخطر قبل ان يداهمنا.. لقد خسرنا الكثير من قاداتنا العظماء وجنودنا الشرفاء وافلاذ اكبادنا الأبرياء.
اننا في حقيقة الامر، امام نموذج تسعى إليها امريكا واوروبا الى فرضه بكل العزم والاصرار على منطقتنا العربية كلها، فهل تستطيع ان تحسم أمرها؟ وهل نحن بالجنوب العربي ان يتحد ليحسن خياراته في تقرير مصيره بعدما انكشفت خارطة الطريق وظهرت الاهداف جلية واضحة في خليج عدن وباب المندب وبحر العرب والبحر الاحمر.. ام ما زالت الاعين تغشاها النظارة السوداء عن الرؤية تحجبها؟
رعاك الله قائدنا عيدروس.. ولكل القيادات الجنوبية الصادقة.
اننا على العهد سائرون، وعلى استعادة الدولة والهوية متمسكون، مهما كانت الصعوبات والتحديات، وحجم المؤامرات، لأجلك ياوطني ثابتون..