آخر تحديث :الإثنين - 29 أبريل 2024 - 10:50 ص

كتابات واقلام


أسلمة البنوك التجارية بقوة القانون تهديد لوجودها ؟!

الخميس - 08 فبراير 2024 - الساعة 11:35 م

د. يوسف سعيد احمد
بقلم: د. يوسف سعيد احمد - ارشيف الكاتب


ربح البنوك هو الفرق بين اسعار الفائدة التي تدفعها البنوك للمدخرين والمودعين لاجل واسعار الفائدة التي تحصل عليها من المقترضين من البنوك للأغراض المختلفة ومنها مشروعات الاستثمار .

ومعلوم أن موارد البنك التجارية تتكون من جانبين  جانب المطلوبات وجانب الموجودات لكن جانب جانب المطلوبات أو  " الخصوم" تأتي   مبدئيا من قسمين :
قسم لموارد الخاصة بالمساهمين وتتمثل في راس المال المدفوع. والاحتياطيات والأرباح غير الموزعة او مايعرف ب"حقوق المساهمين".
والقسم الثاني يأتي من الودائع والقروض وهي" حقوق الغير ".
وفي جانبي الموارد أو الموجودات والاستخدامات  التي تتضمنها ميزانية اي بنك تجاري فتتكون من ثلاث مجموعات رئيسية مختلفة لايتسع الحيز لذكرها  لكن هناك عاملان يتنازعان اي بنك تجاري في إدارتة للموجودات وهما عاملي السيولة والربحية  ومسؤولية إدارة البنك تتحدد في القدرة على الموازنة بين السيولة والربحية.
وفق هذا السياق  تطورت البنوك في اليمن تطورا  طبيعيا  دون إكراه .
و تواجدت جميع انواع البنوك  التجارية والإسلامية والمتخصصة   تعمل جنبا إلى جنب بل إن البنوك التجارية فرضت عليها المتغيرات والحاجة والمنافسة القيام بفتح نوافذ إسلامية في مختلف البنوك التجارية تقريبا وبعضها فتح بنوك إسلامية تابعة يقوم عملها على الشريعة الإسلامية ومع ذلك لم نلمس أن  البنوك التجارية اليمنية مارست  مايمكن اعتبارة استغلالا مفرطا للغير فيما يتصل بالارباح التي حققتها من عملياتها  أو  تنطبق عليها  عمليات الممارسات الربويةلان البنوك التجارية  تقع تحت إشراف البنك المركزي والذي يحدد اسعار الفائدة الاساس.

منذ بداية  الحرب واجهت البنوك اليمنية  بكل انواعها  العديد من التحديات الداخلية والخارجية كغيرها من القطاعات الاقتصادية كنتيجة  لاثارة تداعيات الحرب مما إثر على سيولتها وعلى أرباحها وعلى  عملياتها الخارجية ولايزال جزء من أصولها الخارجية محتجز لدى بنوك مراسلة في الخارج . وفي هذا افتقدت البنوك  بعض ثقة زبائنها بعد أن حلت في مرحلة قامت شركات الصرافة  في بعض المناطق محل البنوك في إجراء عمليات التحويل الخارجي  واستقبلت  الودائع بدلا عن بنوك الإيداع .

وهو  ما كان يستوجب على السلطات الحكومية في عدن وصنعاء  تقديم المزيد من التسهيلات والدعم لاستنهاض دور  البنوك مجددا للقيام بدورها  المصرفي وتعزز  مساهمتها في عملية التنمية الاقتصادية في هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية البالغة الصعوبة.
لكن الذي حدث هو العكس حيث أصدرت صنعاء العام الماضي قانونا غير مسبوق في المنطقة بل وفي العالم  تحت  ماسمي  "بتحريم الممارسات الربوية" والذي كان الهدف منه كمايبدو منع  البنوك من تحقيق الأرباح الطبيعية الهدف الاول لاي بنك ولاي مؤسسة تجارية   وليس منعها من  التربح أو الإثراء وبذلك دخلت البنوك  التجارية منذ صدور القانون في منعطف خطير  وصعب قد يهدد استمرارها بل ويضع مستقبل وجودها الحقيقي على المحك. بعد أن أغلق القانون  كل الفرص التي تسمح للبنوك من تأدية أعمالها مع الغير ومع بعضها البعض ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم  تعمقت أزمة البنوك  حيث تواجه أزمة سيولة غير مسبوقة بعد تهافت معظم  المودعين على إثر صدور القانون على  سحب أموالهم من البنوك التجارية بحثا عن الأمان والعائد بعيدا عن البنوك بعد أن حضر القانون على البنوك  دفع الفوائد للمودعين لاجل والمدخرين أو القيام بالاقراض نضير فائدة أو المطالبة بفوائد  استثماراتها في أذون الخزانة الحكومية . وبهذا تكون البنوك غير قادرة  في القيام بوظائفها ومنها القيام بعمليات الوساطة المالية بين أصحاب الفائض واصحاب الندرة اي بين المدخرين والمستثمرين .

وفي هذا يمكن القول ان صدور قانون منع الممارسات الربوية شكل ضربة موجعه للبنوك و مرحلة أخرى من الإجراءات التعسقية شديدة القسوة  الموجهه ضد المرتكزات الاقتصادية التي يقودها القطاع الخاص في اليمن .وهنا جاء الدور على  البنوك التجارية باعتبارها  تشكل القلب النابض  للحياة الاقتصادية  والمساهم الأكبر في عملية التنمية  .
وبنظرة واقعية وغير متحيزة يمكن النظر إلى مايجري بأنه سيقود في المحصلة البنوك التجارية وحتى الإسلامية  إلى العدم  وتسريح موظفيها  وإقفال أبوابها خاصة
بعد توحيد اسعار الصرف حيث وجدت البنوك ضالتها في الوقت الراهن فرصة المتاجرة بالنقود من زاوية فوارق اسعار الصرف بين عدن وصنعاء و بعد أن عطل القانون كل وظائف البنوك التجارية عمدا أو جهلا . وفي هذا يتساءل المرء  هل السلطة التي أصدرت قانون منع الممارسات الربوية كانت واعية بإثارة أو تريد من خلاله استهداف البنوك الخاصة القائمة واستبدالها ببنوك أخرى تابعة سيجري  إنشاءها من قبل  أصحاب الثروة الجدد وهكذا يتواصل الأمر  في أكثر من قطاع مما يقوض نشاط القطاع الخاص التقليدي الذي أسهم في نهضة اليمن .

د.يوسف سعيد احمد