آخر تحديث :الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - 12:30 ص

كتابات واقلام


الجنوب .... والألغام الموقوتة

الثلاثاء - 08 أغسطس 2017 - الساعة 08:26 م

علي صالح محمد
بقلم: علي صالح محمد - ارشيف الكاتب


منذ ان تم تحرير مناطق عدن ولحج والعند من قبل قوى المقاومة الجنوبيه بدعم قوات التحالف ، دأب إعلام انصار الله ومتحدثيه في إطار تبرير الهزيمه الناتجه عن اجتياحهم مع قوات صالح للجنوب ، دأبوا على الترويج لما سيسفر جراء هزيمتهم وخروجهم من مناطق الجنوب ومدنه الرئيسه ، مبشرين بنشوب صراعات بين فصائل المقاومة الجنوبيه فيما بينها ومع من أسموهم التكفيريين والدواعش في عدن ولحج وبقيه مناطق الجنوب ، وبالتزامن مع هذه التصريحات والتوقعات تناولت وسائل الاعلام المختلفه اخبارا عن اعمال استهدفت الكنائس ومقابر الإنجليز في عدن من قبل بعض المسلحين ، واعتبروا ما نشر تأكيدا على توقعاتهم، وانتصارا لمقولاتهم المتكرره الهادفه الى تبرير عمليه اجتياحهم لمناطق الجنوب بكونها عمليه استهدفت التكفيريين . بالنسبه للجنوبيين فان ذاكرتهم مثقله ومليئة بصور المأساه والمعاناه التي لم تنتهي فصولها بعد ، لهذا فانهم ينظرون الى ما حدث مؤخرا من اعمال متطرفه استهدفت بعض الكنائس في عدن كمدينة كانت عنوانا لكل انواع التعايش الديني والانساني ، باعتباره يأتي في سياق استمرار مظاهر العدوان الهمجي الذي استهدف عدن منذ عام ١٩٩٤ واشتركت فيه قوى الشمال التقليدية السياسيه والقبلية والدينية تحت مسمى مكافحه الكفار يومها ، هذا العدوان الذي استمرت مظاهره وعناوينه لعقدين من الزمن واستهدف القضاء على كافه البني القيميه المدنيه والمعرفيه والثقافية والحضارية والاقتصاديه والاخلاقيه والاجتماعيه والقانونية السائده ،و التي كانت تميز عدن كمدينة عالميه قائمه على التعايش المدني الديني والانساني والعرقي والمجتمعي والحضري ، لتحل محلها قيم ومظاهر وعلاقات ما قبل الدوله القائمه على العصبيه والتمييز العرقي والديني والسياسي والاجتماعي و مظاهر الفوضى والتطرف، وانتشار مظاهر الفساد بكل اشكاله ، وغير ذلك من أشكال التدمير المتعددة مما حملته وجلبته تلك القوى اثر انتصارها المهزوم في عام ١٩٩٤ وميز حكمها طيله العقدين المنصرمين . اليوم و بعد الدمار الكبير والخراب الهائل الناتج عن العدوان الاسواء والأبشع الذي حمله تحالف صالح والحوثي في مناطق لحج وعدن وأبين ، فلا غرابه ان تنتشر بعض مظاهر وأعمال التطرّف المنسوبه لجماعات مسلحه بخاصه وأنها مظاهر مرتبطه كليا بقوى العدوان قديمها وجديدها ومخلفاتها الكثيره ، التي أنتجتها مشاريعها التدميرية منذ احتلال للجنوب ، لهذا فان قوى وفصائل المقاومة الجنوبيه ومعها كل القوى الجنوبيه على اختلاف توجهاتها الفكرية وفي إطار التوجه لتطبيع الأوضاع الامنيه والحياتية لسكان عدن وغيرها من المدن وبالتعاون والاستفادة مما تقدمه بلدان التحالف من عون ومساعده ، معنيه قبل غيرها بالتعامل مع هذه المظاهر ومن يمارسها باعتبارها حلقه من حلقات استمرارالعدوان المتعدد الاوجه والصور ، واحدى أوجه التركه الكبيره و الركام الهائل الذي خلفته هذه القوى طيله عقدين من الزمان ، وشكل من أشكال أعاده التموضع لهذه القوى في إطار الحفاظ على المصالح المكتسبه في الجنوب ، وبعض من الألغام الموقوتة الكثيره والمتعددة الأغراض التي زرعتها هذه القوى والمعده للتفجير بما يخدم توجهاتها عند الحاجه الى ذلك ، وعمليه مواجهه هذه المظاهر واجتثاثها مهمه جميع القوى الجنوبيه على اختلاف توجهاتها ، القوى الطامحة الى استعاده الحق الضائع، واقامه الدوله المدنيه التي تكفل للجميع العيش الكريم وتؤمن مستقبل الأجيال القادمه ، على قاعده التعايش والتنوع واحترام الاخر وعدم الاقصاء ونبذ العنف وكافه أشكال التعصب الديني والعرقي، بالاستفادة من الدروس والتجارب المريره السابقة . المهمة قد تكون صعبه ولكنها ليست مستحيله على رجالا قدموا الدماء رخيصه من اجل حريتهم وحقهم في الوجود على ارضهم ، أولئك الذين كما قال الشاعر: ( يكظمون غيظهم لأعوام ويصبرون مثل أجواد الجمال وما زالوا على العهد القديم بان الظلم يلطم بالنعال ) . ٨/٨/٢٠١٥