آخر تحديث :الخميس - 10 يوليو 2025 - 10:52 م

كتابات واقلام


الحكومات تتبدل... والمعاناة مستمرة

الجمعة - 02 مايو 2025 - الساعة 08:53 م

محمد عبدالله المارم
بقلم: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


بن مبارك في طريقه للخروج، إن لم يكن قد خرج فعليًا. وربما ينتظر لحظة إعلان «الوداع الرسمي» بعد أن نُسِجت أسباب الإطاحة: إخفاق هنا، فساد هناك، عبث بالمؤسسات، وشبهة بيع مواقف، وشراء ذمم... نفس الأسطوانة المعتادة.

لكن مهلاً، ما الجديد؟ هل تغيّر شيء فعليًا بعد رحيل الحكومات السابقة؟ هل شعر المواطن ولو ليومٍ واحد أن الخبز صار أقرب، أو الكهرباء أقل معاناة ؟ الحقيقة أن كل الذين جاءوا بعد إقالة من سبقهم، رحلوا هم أيضًا بنفس التهم، وبنفس الصيغة الصحفية الجاهزة: تمت الإقالة بعد مشاورات عميقة... وتحقيقًا للمصلحة العامة.

والمصيبة أن المصلحة العامة دائمًا هي الضحية الوحيدة في هذه المسرحيات.

المشكلة ليست في رئيس حكومة يأتي أو يذهب، بل في المطبخ السياسي الذي لا يتغيّر، في أولئك الذين يُديرون اللعبة من خلف الستار، يُطيلون عمر الفشل، ويقصّرون عمر الصبر الشعبي.

*الفساد عندنا صار مؤسسة لها فروع وأقسام ومدير علاقات عامة!!!*

لماذا تتغيّر الوجوه بينما يظلّ الفشل كما هو لا يتغير قيد نملة؟؟
لأن من يُعيّن ويُقيل، ليس مشغولًا بمعاناة الناس، بل بكيفية الحفاظ على مكاسبه ومصالحه ونفوذه... أما المواطن، فله الله، وكثير من التصريحات.

من حكومة بحاح، إلى بن دغر، إلى معين، والآن بن مبارك... جميعهم خرجوا من نفس القالب، ومضوا على نفس السكة. والمشهد يتكرر بلا خجل: حكومة جديدة تُعيَّن، الناس تفرح قليلًا، ثم تنقلب الفرحة إلى خيبة، فتبدأ المطالبات بالإقالة، وهكذا تدور الطاحونة.

الغريب أن كل من يأتي، يُخبرنا أن العهد الجديد قد بدأ، وأن الإصلاح في الطريق، وأن الفساد صار وراءنا. لكننا لا نلبث أن نكتشف أن الفساد لم يغادر، بل بدّل بدلته وربطة عنقه فقط.

أما الوضع؟ فإلى الخلف دُر!

المضحك المبكي أن كل فريق داخل السلطة يحارب الفريق الآخر لا من أجل الوطن، بل من أجل صفقات، ومكاسب، وحصص من الكعكة. وكلما اقترب أحدهم من محاسبة الآخر، يسحب ملف الفساد ويضرب به على الطاولة... لا ليُطهّر البلاد، بل ليُساوم به!

وهكذا، فإن من ينتظر تحسن الأوضاع بتبديل الأسماء فقط، كمن يبدّل الغطاء عن جرحٍ ملتهب ويظن أنه شُفي.

الحقيقة المُرّة أن الأزمة أعمق من مجرد رئيس حكومة. نحن بحاجة لخلخلة الجدار كله، لا إعادة طلاءه. وإلا، فإن القادم سيكون نسخة جديدة من القديم... مع وعد جديد، وكذبة جديدة.

ختاما:
في النهاية، ليس الحل في التبديل المستمر للحكومات، بل في تحريك المياه الراكدة، وتجديد الثقة بين المواطن ودولته، والعمل معًا لمستقبل أفضل

2025/5/2