آخر تحديث :الجمعة - 11 يوليو 2025 - 06:45 م

كتابات واقلام


عدن... مدينة دافعت بشرف وتُركت تواجه الجوع والخذلان

السبت - 21 يونيو 2025 - الساعة 08:05 م

رائد عفيف
بقلم: رائد عفيف - ارشيف الكاتب


عدن لم تكن يومًا خائنة... كانت جدار الصد الأول، وساحة الكرامة التي نزفت بشجاعة. لكنها اليوم تُركت تنهار بصمت، كأن لا أحد يراها. عاصمة محررة، لكنها غارقة في الظلام، مهمّشة، ومنسية، وكأنها لم تكن يومًا عنوانًا للصمود.

الناس قاتلوا من أجل وطنٍ عادل، لا من أجل سلطة تُذلّهم داخل بيوتهم. الرواتب غائبة، الخدمات معدومة، العملة تنهار، والهمّ يثقل كاهل كل أسرة. والمؤلم أكثر؟ أن من حمى هذه الأرض في زمن الشدة، يُحاكم اليوم بتهم ملفقة، أو يُقصى ويُسلب منه سلاحه وكرامته.

المواطن اليوم يسأل: ما الذي جلبته لنا شراكتكم في الشرعية؟ فالحصيلة واضحة... لا تنمية، لا إصلاحات، بل مزيد من الفقر، الغلاء، التجويع، والفوضى. تلك الشراكة، بدل أن تكون وسيلة للخلاص، صارت أداة لتكريس المعاناة وسحق ما تبقى من الأمل في نفوس الناس.

مواطن من عدن يقول: تعبنا من الانتظار، كل يوم نحلم أن أحد يسمعنا، لكن صوتنا لم يجد سبيلًا للوصول.

ما خذلناكم يوم، صدّقنا وراهنّا، ورفعنا سقف الثقة فيكم لحدود السماء… لكن كل ما قلناه تحوّل لصدى ضايع وسط صمت لا يرد ولا يتحرك. كنا نظن أنكم تحملون مشروعًا يتناسب مع حجم التضحيات. لكننا لم نجنِ إلا خيبة متكررة. لمّحنا كثيرًا عن الفساد، وقلناها بوضوح: الحاضنة الشعبية تتآكل. واليوم، لم يتبقَ منها إلا القليل. تركتموها تواجه الجوع والخذلان وحدها، وهي من رفعتكم لموقعكم، وهي من ساندتكم حين كنتم بلا ظهر سياسي ولا سند عسكري.

عدن تغيّرت. الصوت الذي كان يهتف صار يئن. الناس تعبوا، والجبهات صامتة إلا من صدى الظلم. والمناصب لم تعد تمنحكم شرعية، ولا الأطقم تمنحكم حُكمًا. الجنوب ليس سلعة، ولا طموحًا فرديًا. الجنوب مشروع شعب كامل، ولن يكتمل دون كرامته، ودون صوت رجاله، ودون عدالة تعيد الاعتبار لكل من ضحى.

أنتم اليوم أمام اختبار تاريخي.
إما أن تنحازوا للشعب وتصححوا المسار قبل فوات الأوان، أو تواصلوا طريق الإنكار والصمت... حتى تُهزموا من داخل البيت قبل خارجه.